لقد جاء عيد الفطر المبارك بعد أداء عبادة الصيام التي هي ركن من أركان الإسلام العظام جاء بعد أن تقرب المسلمون في هذا الشهر إلى ربّهم سبحانه فصاموا النهار وقاموا الليل وفرحوا بطاعة ربّهم سبحانه الذي قال لهم في كتابه الكريم {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}(سورة البقرة، 185)، ولذلك يستحب للمسلمين في ليلة العيد وفي يوم العيد أن يرفعوا أصواتهم بالتكبير كما يستحب لهم أن يتجملوا في ذلك اليوم لما روى البخاري رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتجمل في يوم العيد قال ابن عمر: أخذ عمر رضي الله عنه جبة من استبرق - أي من حرير - تباع في السوق فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ابتع هذه يعني اشترها تجمل بها للعيد والوفود فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما هذه لباس من لا خلاق له) وإنما قال ذلك لكونها حريراً. ولذلك استحب بعض أهل العلم إظهار الفرح والسرور بهذا العيد والتهنئة بقول تقبل الله منا ومنكم أو نحو ذلك من العبارات مما يؤلف القلوب ويجمع بين الأقارب خاصة والمسلمين عامة، كما استحب البعض التوسعة على الأهل في هذا اليوم المبارك وتبادل الهدايا وصلة الأرحام وزيارة الأقارب والفرح بهذا العيد بالأمور المباحة، كالمسابقات ووضع الجوائز عليها أو اللعب الذي لا محظور فيه، وقد كانت عائشة رضي الله عنها تنظر إلى رجال من الحبشة وهم يلعبون بالرماح في يوم العيد وتتقي خلف ظهر النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يراها الرجال، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يمنعها من ذلك ولم يمنعهم أيضاً من اللعب ولهذا كان عيد المسلمين فيه توسعه وبيان لإظهار الفرح المباح كما جاء في شرعنا المطهر دون تعدّ لحدود الله تعالى أو التطاول على أعراض المسلمين بالشتام أو السباب ودون وقوع في ماحرم الله عز وجل. أسأل الله تعالى أن يعيد العيد على المسلمين أعواماً عديدة وهم في عز وتمكين فرحين بطاعة ربّ العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. [email protected]