حث العلماء أبناء الأمة على إظهار الفرح والاحتفال بعيد الفطر المبارك كون الأعياد في الإسلام ترتبط بسعادة المسلم، وبأهم عبادتين، الصيام والحج في الإسلام مصداقا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم «للصائم فرحتان؛ فرحة عند فطره في الدنيا وفرحة عند لقاء ربه في الآخرة»، مؤكدين أن العيد معناه فرحة الصائمين ومكافأة من الله تعالى لهم بالأجر والثواب على الفرح والسعادة لهم عندما يفرحون ويتزاورون. وأكد الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر أن الله تعالى شرع العيدين لحكم جليلة ومقاصد سامية، فبالنسبة إلى عيد الفطر، فإنه يأتي بعد أن يكون المسلمون قد أدوا فريضة من فرائض الإسلام وهي الصيام، فجعل الله لهم يوم عيد يفرحون ويمرحون فيه، ويفعلون فيه من السرور واللهو المباح ما يكون فيه إظهار، وبالنسبة إلى عيد الأضحى فإنه يأتي في ختام عشر ذي الحجة التي يسن فيها الإكثار من الطاعات، وفيها يوم عرفة الذي أخبر النبي، صلى الله عليه وسلم، أن صيامه يكفر ذنوب سنتين، وأما بالنسبة إلى الحجاج الواقفين على جبل عرفة، فإن الله يطلع عليهم ويباهي بهم الملائكة، وقد تكفل لهم بأنه قد غفر لهم ذنوبهم. وأشار إلى أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عندما قدم إلى المدينة ووجد الناس يحتفلون بيومين يلعبون فيهما منذ عصر الجاهلية، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر»، وذكر بعض أحكام عيد الفطر ومنها الاستعداد لصلاة العيد بالاغتسال وارتداء جميل الثياب، والإفطار قبل الذهاب إلى المصلى. وعن الحكمة من الأعياد في الإسلام أشارت أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر الدكتورة عبلة الكحلاوي إلى أن العيد في الإسلام يوم سرور وفرح وزينة، ويحب الله أن تظهر فيه أثر نعمه على عباده، بلبس الجديد من الثياب، وتناول الطيب من الطعام دون إسراف لقوله تعالى: «يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين* قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون» (الأعراف: آية 31،32). وأكدت أن عيد الفطر يرتبط بانتهاء صيام رمضان الشهر الذي أنزل فيه القرآن، وشرع فيه زكاة الفطر، وهي حق للفقراء في أموال الأغنياء، تؤدى إليهم قبل يوم العيد أو صبيحة ذلك اليوم قبل صلاة العيد؛ لتكون عونا للفقير كي يشارك بقية أفراد المجتمع في الإحساس بمعنى العيد، فلا يشعر بحرمان الحاجة، وقلة ذات اليد في ذلك اليوم الذي تغمر البهجة والسرور فيه قلوب الأغنياء، ولذلك يقول النبي، صلى الله عليه وسلم: «أغنوهم عن السؤال في ذلك اليوم»، موضحة أن العيد في الإسلام مظهر من مظاهر الفرح، وفرصة عظيمة لصفاء النفوس، ووحدة الكلمة، وتجديد الحياة، وهناك جملة من الأحكام والسنن والآداب المتعلقة بالعيد، ينبغي للمسلم أن يراعيها ويحرص عليها، وكلها تنطلق من المقاصد والغايات التي شرعت لأجلها الأعياد في الإسلام، فمن هذه الأحكام حرمة صوم يوم العيد، لما ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه صلى قبل الخطبة، ثم خطب الناس فقال: «يا أيها الناس، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نهاكم عن صيام هذين العيدين، أما أحدهما فيوم فطركم من صيامكم، وأما الآخر فيوم تأكلون نسككم» رواه البخاري. وأوضحت الدكتورة الكحلاوي أن من الآداب المستحبة في يوم العيد الاغتسال والتجمل، والتطيب ولبس أحسن الثياب، لأنه يوم يجتمع الناس فيه، وثبت أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى، وأقر النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم ينكر عليه التجمل للعيد حين رأى عمر جبة من استبرق، كما يستحب أن يخرج إلى المصلى ماشيا، لقول علي رضي الله عنه: «من السنة أن تخرج إلى العيد ماشيا، وأن تأكل شيئا قبل أن تخرج». رواه الترمذي. ويستحب كذلك أن يخالف الطريق ذهابا وإيابا، فيذهب من طريق ويعود من غيره، لحديث جابر رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم العيد خالف الطريق»، كما في البخاري. وقد تلمس أهل العلم لذلك بعض الحكم منها: إظهار شعائر الإسلام بالذهاب والإياب، ومنها السلام على أهل الطريقين، ومنها شهادة البقاع، ومنها التفاؤل بتغير الحال إلى المغفرة، ومنها قضاء حاجة من له حاجة في الطريقين، ومن مقاصد العيد المعايدة وصلة الأرحام ومداعبة الأهل والتصالح بين المتخاصمين لتكون الأمة كالجسد الواحد .