ما أسرع أن ينقضي عام ويأتي غيره وتلك هي سنن الحياة دواليك بين الناس ولكن ما نحسبه باقياً ما بقي الزمان وتعاقب الليل والنهار هو ما يسجله التاريخ عبر صفحاته لكل واحدٍ منا من أعمال إنسانية خيرة ونبيلة تُذكر فتُشكر. ولعلنا لا نبالغ بهذه المناسبة إذا ما قلنا إن مثل هذه المعاني الرائعة والجميلة تجتمع في شخص الملك عبد الله بن عبد العزيز قائدنا الملهم والرجل الصالح والأب الحنون والوفي لشعبه لا أقول ذلك من باب الإطراء والمديح أو المجاملة وإنما هي الحقيقة بعينها كما هي ملموسة ومجسدة على أرض الواقع فما أعظمه من ملكٍ محنك وقائد مسيرة ملهم قد استطاع بطيب فعاله ورقة قلبه ومحبته للناس أن يستأسر النفوس وبجميل كرمه وصنعه أن يسترق الأحرار. ولِمَ لا يكون كذلك وهو من سليل أسرة عريقة وأصيلة قد توشحت بلباس التقوى وسوابغ المجد والتضحيات وامتطت في ذات الوقت سوابق الفخر والأخلاق الكريمة والمروءات، انه الملك الذي عادة ما يعطر مجالسه بآياتٍ من الذكر الحكيم ويروح عن مجالسيه وزائريه بألطف الأحاديث وأفضل التعابير كلامه جزل وموزون وأفعاله تطابق أقواله وإذا وعد وفّى دون أن تأخذه في الله لومة لائم. هكذا هو أبا متعب الذي صاغ بحكمته وبعد نظره مباني العز والكرم والفخار وتجسدت على يديه أروع صور التلاحم والإخاء والتعاون بين مختلف أطياف هذا المجتمع الأبي فضلاً عن تحقيقه لكثيرٍ من المشروعات العملاقة والمنجزات الجبارة التي تسابق الزمن والتي ما فتئت في الماضي حلماً يداعب أفكار كل فردٍ في هذا المجتمع لتصبح اليوم شاخصة أمامهم رأي العين نتيجة لهذه النظرة الثاقبة التي يعجز اللسان عن التعبير عنها والقلم عن تدوينها والفنان، ومن خلال لوحاته الإبداعية يرسمها ويشكلها. ذلكم هو الملك عبد الله -حفظه الله- الملك الذي رفض كل الألقاب باستثناء لقب خادم الحرمين الشريفين والذي اعتبر خدمتهما لا يعادلها أي مجد من أمجاد الدنيا الزائلة كما هي مقولته عند زيارته للمدينة المنورة مؤخراً عوضاً عن منعه من تقبيل يديه، معتبراً أن هذا خاصاً بالوالدين وغيرها كثير من صفات التواضع الجم التي تحلى بها -حفظه الله- في أروع معانيها، أما بالنسبة لأعماله ومنجزاته التي قام بها -حفظه الله- عقب توليه مقاليد الحكم مباشرة فتأتي في طليعتها زيادة الرواتب لعموم موظفي الدولة وكذلك المتقاعدين بالإضافة إلى مستفيدي الضمان الاجتماعي يلي ذلك تخفيض أسعار الوقود بهدف تخفيف الأعباء المالية على المواطنين إلى جانب عفوه عن المسجونين من أصحاب الحق الخاص وتسديد ديونهم وكذلك دعوته لعموم الصحفيين ورجال الإعلام إلى احترام المرأة وعدم نشر صورتها في مثل هذه الوسائل مدغدغاً مشاعرهم بقوله: أيحبُ أحدكم ذلك لأمه أو لزوجته أو لابنته فضلاً عن دعوته أيضاً إلى الابتعاد عن تصنيف الناس وإطلاق الألقاب السيئة بحقهم هذا علماني وهذا ليبرالي وغيرها من الألقاب الأخرى. وإذا جاز لنا الاسترسال لقلنا أيضاً مساهمته الفاعلة في انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية ودعمه اللا محدود للرياضة والفروسية وكذلك صناديق التنمية المتعددة الأغراض لتلبية احتياجات المواطنين من السيولة المالية لهدف الاستثمار والتي من بينها إقامة المساكن الخاصة بهم، هذا بالإضافة إلى تأسيس الجمعية السعودية للفنون التشكيلية عوضاً عن اهتمامه بمواصلة محاربة الإرهاب داخل هذه المملكة الغالية والعمل على تجفيف منابعه بكل الطرق والوسائل الممكنة وغير ذلك من الأعمال الأخرى التي من أهمها المسارعة في حل مشكلة الفقر وذلك بإقامة وحدات سكنية لهذه الفئة فضلاً عن توجهه الكريم بإنشاء صناديق استثمارية لذوي الدخل المحدود وتكفلة أثابه الله بإجراء العديد من العمليات الجراحية المعقدة لأكثر من توءم تم استقبالهم من خارج المملكة لهدف فصلهم عن بعضهم البعض في إطار من العمل الإنساني النبيل، وذلك منذ أن كان ولياً للعهد. ناهيك عن تعزيزه لمشروع الحوار الوطني الذي يمثل نقلة فكرية رائدة في هذا الوطن لمزيدٍ من وضوح الرؤى والمساهمة في تبني كل ما هو بناء لخدمة هذا الوطن والمواطن على حدٍ سواء فضلاً عن زياراته المتواصلة للمناطق وتفقده لأحوال رعيته عن كثب وافتتاحه لعددٍ من المشروعات ووضعه لحجر الأساس لعددٍ آخر من هذه المشروعات الحيوية وكذلك أمره الكريم بافتتاح العديد من الجامعات والكليات لتشمل كافة مناطق المملكة ومحافظاتها بالإضافة لإنشائه لعددٍ من المدن الصناعية والاقتصادية من أجل تنويع مصادر الدخل لهذه البلاد إلى جانب إيجاد فرص وظيفية لأكبر قدرٍ ممكن من المواطنين ممن هم بحاجة إلى مثل هذه الوظائف التي تعود عليهم وعلى هذا الوطن بالنفع وعميم الفائدة كما يتجلى ذلك في مدينة الملك عبد الله بن عبد العزيز الاقتصادية التي تعتبر بحقٍ من أكبر المشروعات العملاقة بالمملكة. أما فيما يتعلق بأعماله ومجهوداته ومساعيه المخلصة -وفقه الله- فتأتي قضية فلسطين في مقدمتها وذلك من خلال ما قدمه -حفظه الله- من مبادرات عادلة لإحقاق الحق والعدل للشعب الفلسطيني وكذلك كل ما يخدم الأمتين العربية والإسلامية في جميع المجالات الحياتية والوقوف معها في أزماتها ومساعدتها إذا ما تعرضت لكوارث طبيعية -لا سمح الله-. هذا بالإضافة لزياراته إلى عددٍ من الدول العربية والإسلامية والأجنبية من أجل تنمية العلاقات وتوطيدها مع هذه البلدان بما يعود على هذه البلاد من مكتسبات استراتيجية في مختلف الميادين والأنشطة الحياتية ويقوي في ذات الوقت روح المحبة والاحترام والتقدير الذي من شأنه يساهم كثيراً في تحقيق السلام العالمي وهو ما تتطلع إليه دوماً هذه البلاد منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه-. على أي حالٍ هذا غيض من فيض مما قام به الملك عبد الله -وفقه الله ورعاه- ولعلي اختم مقالي هذا بكلمة ضافية قالها -حفظه الله- في إحدى المناسبات: (إننا لا نستطيع أن نبقى جامدين والعالم من حولنا يتغير ومن هنا سوف نستمر بإذن الله في عملية التطوير وتعميق الحوار الوطني وتحرير الاقتصاد ومحاربة الفساد والقضاء على الروتين ورفع كفاءة العمل الحكومي والاستعانة بجهود كل المخلصين العاملين من رجالٍ ونساء، وهذا كله في إطار التدرج المعتدل المتمشي مع رغبات المجتمع المنسجم مع الشريعة الإسلامية) وقوله أيضاً: (وستجدونني إن شاء الله معكم وفياً للعهد وستجدونني معكم في السراء والضراء أخاً وأباً وصديقاً صادقاً وسأكون بينكم في المسيرة الواحدة نرفع كلمة الإسلام ورفعة الوطن وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه ننيب). فما أجمل هذه الكلمات الجميلة وهو ينطق بها من ينبوع فكره الناضج وقلبه المغلف بالإيمان الصادق بالله تعالى ومحبته المخلصة لوطنه ومواطنيه. فنعم الملك الصالح عبد الله الذي أحببناه وسنظل كذلك وبحول الله وقوته مجددين له البيعة والعهد والطاعة بكل فخرٍ واعتزاز وشموخ.