سمّها حكمة أو أثراً أو نثراً أو ما شئت (كل ذي نعمة محسود).. نعم هكذا نحن في بلاد التوحيد الكثير يحسدنا على ما تنعم به بلادنا من متانة الدين وإقامة الشعائر وصفاء العقيدة وصلابة المعتقد، وهذه أفضل النعم. وما نعتز به فضلاً عن النعم الدنيوية الأخرى من خيرات وأمان ورغد العيش وهذا كله نتاج نقاء وصفاء سريرة قيادة وحكومة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله ورعاه -. لم يأتِ ذلك مصادفة وبدون عمل بل جاء بعناء وبحكمة وحنكة من (زعيم العصر) الملك عبد العزيز - غفر الله له ولوالديه - عندما لمّ شتات البلاد ووطد أمن العباد برجال سلاحهم الإيمان؛ لذلك حقق ما ترون اليوم؛ حتى أصبحت مملكة التوحيد منارة لسائر الأوطان في شتى البقاع؛ قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}، وبلادنا بلاد التوحيد مليئة وتزخر بكواكب من الرجال الأفذاذ. وترى ذلك في كل بقعة من بقاع وطننا المعطاء؛ ففي كل بلدة ومدينة رجالها الذين يُفتخر ويُعتز بهم وتُقدر وتُثمن أعمالهم وعطاءاتهم لأوطانهم وبلدانهم من قبل أهلها.. وليس بمستغرب من المواطن للوطن ولا من الوطن للمواطن؛ ففي المجمعة من الأفذاذ الذين عطاءاتهم تتدفق الكثير من الهامات الشامخة التي أعطت ولا تزال تعطي وهذا ليس بكثير على أبناء هذا الوطن. لكن يأتي في صدر هؤلاء مواطن وموطن أقف حائراً بأيهما أبدأ لأن كلاً منهما رمز فهل أبدأ بالمجمعة البلد أم بالمجمعة الرجل فهو شامخ كشموخ جبل منيخ المتربع في قلب الوادي ومن حوله المنازل تحتمي به - بعد الله تعالى - من نواكب الدهر ونوائب العصر، ولا عجب في ذلك ولا غرابة؛ فإن الفرد هو المجتمع والعكس صحيح.. رجل الوفاء طبعه والمعروف سليقته والبذل والعطاء رداؤه؛ فالمبادرة إلى تحمل المسؤوليات والقيام بالفرائض المختلفة والعطاءات المتدفقة هي القياس الدقيق لأصالة المعدن ونبل الطباع.. كأني بشعاره يقول: لا سرف في فعل الخير.. نذر نفسه لخدمة دينه ووطنه ومجتمعه. يقول في كتابه (لسراة الليل هتف الصباح): (تسلمت عملاً رسمياً وعمري يقارب الثامنة عشرة، ومنذ ذلك اليوم وعملي متواصل، ومنذ ذلك اليوم البعيد الذي كنت فيه شاباً إلى يومي هذا وأنا مع الناس، مع المسؤولية، مع نفسي..). حقيقة فإن الرجل لا يستمد شرفه من المدينة التي ولد فيها فقط وإنما يستمده من سيرته والأصداء البعيدة التي تركها في عالمه؛ فالسلبية لا تخلق بطولة؛ لأن البطولة عطاء واسع. ولسان حاله يقول: لسنا وإن أحسابها كرمت يوماً على الأحساب نتكل نبني كما كانت أوائلنا تبني ونفعل مثل ما فعلوا إن الذين نكنّ لهم عظيم الاحترام ليسوا أولئك الذين يملكون الكثير من المال والدهاء أو القوة الجسدية الخارقة، وإنما الذين نكنّ لهم عظيم الاحترام والتقدير أولئك الذين يملكون خلق التسامي والبذل والعطاء. وخير من الخير معطيه؛ قال تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ}، وقال - عليه الصلاة والسلام -: (إن السخي قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة)، واليد التي تشرح وتبهج الصدور أشرف وأجل من التي تبقر البطون؛ فالمحسن أفضل من القائد وأشرف من المقاتل، وكم بين من يحيي الميت ومن يميت الحي! ولأن الأعمال أعلى صوتاً من الأقوال فإن من البدهي أن الذي أعني هو معالي الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري - متعه الله بالصحة والعافية -. أما الماسة العقد التي يضعها رجال وأهالي المجمعة في العقد الذي نظمه معالي الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري حول المجمعة، ولو أردت تعداد صدفات ذلك العقد لنفد مداد قلمي وصفحات جريدتي ويكفي شاهدها ذلك المعلم الكبير في مدخل مدينة المجمعة (التأهيل الشامل)، ناهيك عن الصرح التعليمي وإعادة بناء سدود المياه في الوديان الصغيرة. وسميتها بالألماسة؛ لأنها تعنى بفلذات الأكباد وحشاش الجوف وهم أبناؤنا الطلاب والطالبات.. ألماستهم هي (جائزة التويجري) للطلبة والطالبات والمعلمين والمعلمات؛ فالتشجيع يفتح الطريق للعبقريات المكنونة حتى تظهر وتثمر ثمرها وتؤتي أكلها، ومن يستحق أن تكون باسمه إن لم يكن (التويجري)؟! لأنه قد سجل له من الوفاء في صفحات القلوب ما سجل ونقش من الفضيلة والمعروف ما سطر؛ فهو المعطاء لبلده ووطنه، وهو صاحب فضل وفضيلة وثقافة وأدب. وإذا ناب أهل المجمعة أمر يقول بلسان حاله ومقاله: إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني عنيت فلم أكسل ولم أتبلدي فماذا نقدم لشيخنا إذا لم نضع جائزة تحمل اسمه؟ أسطر صوتي تنادي أهل المجمعة وكذلك أبناء الشيخ بالمبادرة إلى تبني ذلك وهو أقل ما يقدم له كجزء بسيط عرفاناً بالجميل؛ فجائزته الماسة لا كل الجواهر التي تناثرت عنا يميناً وشمالاً، ولكننا صبرنا وسنظفر بالاسم والمسمى - بإذن الله تعالى - فهو رجل تشرف به الجائزة ويتوج بالشرف صفوة الأبناء؛ فعطاءاته للمجمعة صباح شمسه لا تغيب. ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها عقود درّ فما أرضى لكم كلمي لله درّ أبي الطيب المتنبي حين قالها لأميره.