الغرور والتعالي على الآخرين صفة ذميمة يتصف بها ثلة من شعراء هذا الزمان، حتى خُيل لأحدهم وتصوّر أنه فارس الساحة الشعبية، وأنه الشاعر الذي لا مثيل له لمجرد أنه كتب مجموعة قصائد أعجبت البعض ولاقت رواجاً عند المعجبين بالشعر الشعبي، وهذه مصيبة عظيمة، وداء عضال ابتُلي به هؤلاء، وصار البعض منهم لا يرى الآخرين شيئاً، بل إنه بين الفينة والأخرى يوجه نقده لفلان وفلان من الشعراء، ومن يصدق بأن شاعراً اعترّ بنفسه وصدق أنه من كبار الشعراء يقول عبر مقابلة فضائية بأنه وزملاءه من شعراء هذا الجيل أفضل شعراً من شعراء الرعيل الأول كالأمير محمد السديري وسليمان بن شريم، وزبن بن عمير رحمهم الله وغيرهم وغيرهم من فطاحلة الشعراء في ذلك الوقت! فأي غرور وكبرياء أشد مما قاله هذا! هل يمكن أن يكون ما قاله صحيحاً، وهل يصدقه عقل؟! كيف يكون هو ومن هم على شاكلته أفضل من أولئك الشعراء النجباء مدارس الشعر، الذين قدموا الكثير من الشعر الأصيل الجميل الذي لانزال نتعلم وننهل منه فنون الشعر، ومن تأمل معي الساحة الشعبية يجدها مليئة بهذه الشرذمة التي اغترت بنفسها، وهؤلاء إن لم يعودوا إلى جادة الصواب ويعطوا الآخرين حقهم سيخسرون شيئاً كثيراً، وسيصبحون لوحدهم لا محب ولا متابع، والشاعر الفذ الذي يثق بنفسه ويعطي كل ذي حقٍ حقه، ومهما وصل ما يكتب من روعة وجمال يبقى في نظره لا يصل إلى مستوى الجودة، وأنه بحاجة إلى تعديل وتطوير، وهذا هو سبيل الأولين والآخرين ممن أعطوا الحكمة والدراية والرأي السديد من الشعراء الذين يكتبون ولا يرون ما كتبوا شيئاً، ويحرصون على نقده من قبل الآخرين، تاركين لهم حرية الرأي في جماله من عدمه، لا أن ينتقدوا غيرهم، لأنهم من وجهة نظرهم أنهم ليسوا أهلاً لنقد الآخرين، وإن كانوا يستطيعون القيام بذلك وهم أهل له، لكنه التواضع منهم ولين الجانب هو الذي جعلهم يبتعدون عن كل ما يسيء للآخرين ويحط من قدرهم وينتقصهم، وهذا ما يجب أن يكون عليه كل شاعر إذا أراد أن يكون محبوباً ومقبولاً لدى عشاق الشعر، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه. صالح بن عبدالله الزرير التميمي