عندما تتوفر كل مقومات النجاح للعمل الدرامي سواء كان كوميدياً أم تراجيدياً يجب أن يظهر للمتلقي بأفضل وأبهى الصور, وأهم هذه المقومات.. المادة والحرية، فالأولى تعطيك ما تحتاج للإنتاج والثانية تسمح لك وبلا حدود بطرق مواضيع مهمة وحساسة تهم المجتمع وأفراده. وهذا ما يميز العمل السعودي (طاش ما طاش) وخصوصاً بعد انتقاله لقناة ال mbc حيث كان يتوقع غالبية الجمهور بداية قوية فيها من التشويق الشيء الكثير، ولكن حلقة (سلقلق) كانت عنوان البداية الباهتة لهذا العمل. بداية غير موفقة وهذه البداية غير الموفقة ناتجة عن ضعف في الأداء التمثيلي وهشاشة في الحوار حيث لاحظنا كيف بالغ السدحان والقصبي في إظهار روح النكتة فكانت الكوميديا معدومة تماماً وظهرت هذه المبالغة بشكل ممل ومثير للضجر. فالكراكتر الذي تقمصه القصيبي يعتبر أحد الكراكترات المستهلكة جداً والمصيبة أن القصبي والسدحان يعتقدان أن أي جملة تقحم في الحوار وباجتهاد شخصي من قبلهما هي مقبولة وتثير ضحك المشاهد وهذا بلاشك خطأ جسيم يأتي من الإفراط بالثقة لدى الفنان. وكما هو معروف في عالم الكوميديا أن من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها الفنان قدرته على جعل المشهد خفيفا وسريعا (مهضوما) على المشاهد بحيث لا يشعر بالضجر أو الملل وهذا مالم يوفق فيه أبطال طاش في هذه الحلقة التي بنيت على حوار هش وكوميديا مصطنعة. مشاهد غير مبررة احتوت الحلقة الأولى لطاش على مشاهد لا يوجد ما يبررها درامياً وتم وضعها من أجل (تمطيط) الوقت لا أكثر ولا أقل، وعندما نقول إن المشهد ليس له مبرر درامي يعني ذلك أن حذفه لا يؤثر على سياق ومجريات الحلقة وهذا ما شاهدناه في أكثر من مشهد لم يكن لهُ هدف بل ساهم في تشويش المشاهد لأن أي مشهد يجب أن يكون مرتبطاً بالذي قبله. التشويق عامل التشويق أحد العوامل المهمة في العمل الدرامي فبدونه لا تستطيع أن تصل للمتلقي ولم تحتو هذه الحلقة الباهتة جداً على أي تشويق يذكر سوى في الثلاث دقائق الأخيرة، ولكن وجود التشويق وحده أحياناً لا يكفي، فمن الضروري أن ينسجم مع التصاعد الدرامي للأحداث، فالتشويق المفتعل لا ضرورة له إطلاقاً. الحوار وقد ذكرنا قبل فترة في (فن) أن معظم حوارات طاش هي اجتهادات شخصية من قبل أبطاله، ومن الطبيعي أن أي فنان كلما زادت سنوات خبرته ازدادت معها قدرته على خلق حوار يحتوي على كلمات قوية ومعبرة توظف بعناية ودقة بشكل يخدم المشهد والهدف الأساسي للحلقة ولكن لم نلاحظ هذا الشيء في حلقة (سلقلق) فالسدحان والقصبي لم يستفيدا من سنوات الخبرة، لذلك ظهر الحوار هشاً وغير مترابط في معظمه واحتوى على ألفاظ كوميدية مفتعلة جداً واتفق الثنائي السدحان والقصبي على تقديم كوميديا ثقيلة ولم تواكب التغيرات الحديثة في هذا العالم. لغة الكاميرا تأخذك كاميرا المخرج في بعض الأحيان إلى بُعد آخر حتى لو كانت الحلقة ضعيفة فنياً، فالمخرج المتمكن من أدواته تجده يقدم المشهد الدرامي بإبهار وروعة، فمثلاً مشهد رحلة المقناص لو قُوّم بطريقة أخرى تساهم في جذب ولفت انتباه المشاهد، عموماً لم نر أي إبداع من قبل المخرج عبدالخالق الغانم الذي عرف عنه التعامل الجيد مع الكاميرا. العادة الغريبة لا أدري لماذا يصر أبطال طاش على تقديم بداياتهم بمستوى ضعيف وباهت سنوياً ويبدو أنها أصبحت عادة يتمتع بها طاقم هذا المسلسل؟! لا نعرف أسبابها حتى الآن؟! نتمنى في الحلقات القادمة لطاش أن تكون بصورة أفضل ويتم فيها تناول مواضيع تهم المجتمع.