يقول ثقات الدراما إن الحبكة الدرامية الجيدة لأحداث النص الممثل تشكل عصب النجاح لأي مقطع درامي فيه كما ان تناسق الحدث مع مقتضياته (الجغرافية والزمانية) مع وجود هذه الحبكة الجيدة للنص كفيلة بايجاد أرضية صلبة تنطلق عبرها نجاحات ذلك النص, والمخرج المخضرم عبدالخالق الغانم أراه قد استفاد تماماً من تلك الرؤية على مستوى الإخراج في توصيل فكرة طاش ما طاش حسب ماكان يتطلع إليه الذين تابعوا بشغف حلقات هذا المسلسل الرائع طيلة السنوات التي تولى فيها الغانم دفة الإخراج بلمساته الساحرة وأفقه الواسع. وجاءت حلقات هذا العام لتؤكد من جديد علو كعب الغانم في مجال الإخراج بانتهاجه لاسلوب حديث ورؤى اخراجية فريدة احترم بها عقلية المشاهد الذي تجاوز الرؤى الكلاسيكية التقليدية لحركة الكاميرا والمفردات الإخراجية البالية. فعبد الخالق الغانم استطاع بذكاء فريد أن يحوّر تقنيات الصورة عبر زوايا التصوير التي انتهجها في الإخراج إلى مشاهد مقنعة ومدهشة وكأني به قد استلهم هذه الزوايا بدراسة لسيكولوجية الرائي ومدى ارتياح عصب نظره لها, وأصبح الكادر والخلفية في كثير من اللقطات يحملان أبعاداً متماثلة بدقة عالية وعناية فائقة, كما أنه كان لا يحرك الكاميرا إلا بعد ان يوجد المبرر المنطقي لتحريكها وقد حاولت جاهداً ايجاد أي حركة نشاذ فأعياني البحث! أما الشق الآخر في نجاح طاش فهما الثنائي المبدع ناصر القصبي وعبدالله السدحان اللذان أعطيا لطاش هويته بفضل حضورهما الكبير وموهبتهما العالية في التمثيل وأعتقد بأن القصبي والسدحان هما الركيزة الأساسية لطاش. وهما الآن يمران بمرحلة النضوج الفني بعد أن تلاقحت فيهما الموهبة والخبرة التي اكتسباها من بلاتوهات تصوير طاش وإذا كان السدحان يتميز على القصبي بحرفية أداء عالية مكنته من لعب كم هائل من الأدوار باجادة واقتدار، فناصر يتمتع بحضور رهيب أمام الكاميرا وسلاسة في الحركة جعلت منه كوميديانا على درجة عالية من القبول. وبجانب هذا كله فالثنائي القصبي والسدحان يجمعان مع موهبة التمثيل موهبة أخرى أضافت إلى رصيد نجاحهما الكثير واسهمت بشكل كبير في ايجاد صيغة التفرد لانتاجهما الفني، فهما يتميزان بأفكارهما الاجتماعية الجريئة الشيء الذي ضاعف من شهرة ونجاح طاش في كل أجزائه التي قدمت. وبالرغم من ذلك النجاح والتفرد في الطرح والمستوى الراقي الذي كان ديدن طاش ماطاش، إلا أن هنالك الكثير من السلبيات التي نأمل أن يلتفت إليها طاقم العمل في الأجزاء القادمة تمثلت في الآتي: بعض الحلقات صاحبها ضعف ظاهر في المونتاج أحدث نوعاً من الخلل الفني في جزئيات بعض المشاهد وأدى هذا الخلل لربكة في المعالجة الدرامية قادت إلى عدم وجود التسلسل المنطقي لتوالي الأحداث. سوء معالجة بعض الأفكار الجيدة درامياً أصاب هذه الحلقات بترهل واضح واخفى الكثير من معالم الفكرة بل انه في بعض الحلقات وأد الفكرة تماماً رجل وامرأتان . حلقة العرس وسنينه لم تأت بجديد سواء في الفكرة أو المعالجة كما كان هنالك ضعف واضح في الدور الذي لعبته شيرين خطاب فقط استمتعنا في هذه الحلقة بقفشات ناصر القصبي. لم يكن خالد سامي موفقاً في دوره في حلقة الدلة السحرية وذلك يرجع في اعتقادي لضعف سيناريو الحلقة عموماً وضعف حوار خالد سامي في تلك الحلقة على وجه الخصوص كما ان طريقة طرح الفكرة كانت كلاسيكية ولم يخدم السيناريو الفلسفة الدرامية للفكرة. أحلى ماطاش حلقة الضمان الاجتماعي كانت أروع وأنجح حلقات طاش ماطاش لهذا العام، إذ تكاملت فيها عناصر الإبداع بفكرة جيدة وسيناريو متماسك وجيد السبك وإخراج اكثر من رائع. كذلك تميزت حلقتا الاحتراف لنفس الأسباب المذكورة آنفاً. الممثل الفنان راشد الشمراني ظهرت قدراته وملكاته التمثيلية الهائلة في المسلسل وتجلت بصورة مدهشة في حلقة الضمان الاجتماعي .