سيذكر أهل الشعر والشوق أنني عملت بما أوتيت من سعي جاهد أعيد لبيت الشعر حلو رنينه وسحر القوافي في البيوت الشوارد قوافٍ هي الأنغام أو قل كأنها معازف فنانٍ وشدو نواهد أصوغ مبانيه وأُعلي عموده وأطرد من مغنى كل معاند هذه الأبيات الجميلة قرأتها للشاعر عبد العزيز بن سعود البابطين، ولم أعلم أنها ستقوده يوماً إلى أن يقول: (كان إيجاد مؤسسة تعتني بالشعر العربي وتحتفي بالشعراء العرب حلماً من أعز أحلامي وأكثرها إلحاحاً منذ أن أدركت القيمة الكبرى للشعر في بناء الأمة ماضياً وحاضراً ومستقبلاً)، بل إن الأستاذ عبد العزيز البابطين يصرِّح دائماً للقريب والبعيد بالهدف من هذه المؤسسة فيقول: (لم يكن إنشاء المؤسسة ترفاً ثقافياً ولا استعراضاً بالإمكانات المادية، أو مجرد إصرار على تحقيق حلم، بل كان عزماً على تأكيد دور الشعر في حياة الأمة، باعتباره من أهم الأجناس الأدبية العربية، وهو ديوان العرب وسجلهم الموثوق الذي تغلغل في أدق شؤونهم فدوَّنها وحفظها). قصدت من هذه المقدمة أن أضع يد القارىء على (الدافع) الحقيقي للأستاذ عبد العزيز بن سعود البابطين الشاعر ورجل الأعمال الكويتي المعروف الذي أنشأ وأسس (مؤسسة جائزة سعود البابطين للإبداع الشعري)، حيث أعلن عن تأسيسها في (القاهرة) عاصمة الثقافة العربية الكبرى عام 1989م، لقد أراد البابطين أن يقول للجميع إن الدافع الحقيقي من وراء تأسيس هذه المؤسسة واضح وجلي، يعرفه كل من اقترب من هذا المثقف الأصيل الذي يتميَّز بالشفافية في مقالاته ومجالسه ومراسلاته وعلاقته الواسعة مع رموز الثقافة العربية من المحيط إلى الخليج، فهي - باختصار- ترجمة حقيقية لعناق جميل وفريد بين (الثقافة) و (المال)، بل إنها ممارسة واعية لمثقف عربي تصارع في داخله (الثقافة) و (المال) وأبدع في تحويل هذا (الصراع) إلى (وفاق) وتناغم جميل سخَّره لخدمة (ديوان العرب)، بل إنه أبدع في ترتيب أوراق المشهد الثقافي العربي من خلال إقامة العديد من الدورات والملتقيات التي نجحت في لمّ شمل المثقفين العرب من المحيط إلى الخليج. وهذه وقفات سريعة لمحاولة رصد مسيرة هذه المؤسسة العريقة. مجلس الأمناء: يتألف مجلس أمناء مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين من الأمين العام للمؤسسة وعدد من الأعضاء، ويتولى المجلس إدارة شؤون المؤسسة والتخطيط لها وهو المسؤول عن إقرار كل ما يتعلق بالجائزة من حيث شروطها، وفروعها، وصيغة الإعلان عنها، وتسمية أعضاء لجان التحكيم، وتقدير مكافآتهم، وإقرار نتائج عملهم وتنظيم مهرجان منح الجائزة وتحديد مكانه، وبنظرة فاحصة لمسيرة هذا المجلس، نستطيع أن نرسم ملامح خارطة توجيه المؤسسة بالشكل التالي: مجلس الأمناء في التشكيلات المتعاقبة: مجلس الأمناء الأول: تشكيل مجلس الأمناء الأول للمؤسسة للسنوات من 1991- 1994م على النحو التالي: 1 - أ. عبد العزيز سعود البابطين رئيساً 2 - أ. عبد العزيز محمد السريع أميناً عاماً 3 - د. إبراهيم عبد الله غلوم عضواً 4 - أ. أبو القاسم كرو عضواً 5 - د. سليمان علي الشطي عضواً 6 - د. علي السيد الباز عضواً 7 - د. علي عقلة عرسان عضواً 8 - د. محمد زكي العشماوي عضواً 9 - د. محمد مصطفى هدارة عضواً 10- د. محمود علي مكي عضواً 11- د. يوسف عبد القادر خليف عضواً مجلس الأمناء الثاني: وبعد انقضاء مدة هذا المجلس في نهاية عام 1994م، أُعيد تشكيل مجلس الأمناء اعتباراً من 1 يناير 1995م على النحو التالي: 1 - أ. عبد العزيز سعود البابطين رئيساً 2 - أ. عبد العزيز محمد السريع أميناً عاماً 3 - د. إبراهيم عبد الله غلوم عضواً 4 - د. إبراهيم السعافين عضواً 5 - أ. أبو القاسم كرو عضواً 6 - د. جابر عصفور عضواً 7 - د. سليمان الشطي عضواً 8 - د. علي عقلة عرسان عضواً 9 - أ. فاروق شوشة عضواً 10- د. محمود علي مكي عضواً 11- د. محمد السر غيني عضواً 12 - د. منصور الحازمي عضواً مجلس الأمناء الثالث: ثم أُعيد تشكيل مجلس الأمناء في الأول من يناير عام 1998م على النحو التالي: 1 - أ. عبد العزيز سعود البابطين رئيساً 2 - أ. عبد العزيز محمد السريع أميناً عاماً 3 - د. إبراهيم عبد الله غلوم عضواً 4 - د. سليمان الشطي عضواً 5 - د. عز الدين إسماعيل عضواً 6 - د. علي عقلة عرسان عضواً 7 - د. علي فهمي خشيم عضواً 8 - أ. فاروق شوشة عضواً 9 - د. كمال عمران عضواً 10 - د. محمد بن شريفة عضواً 11 - د. منصور الحازمي عضواً 12 - د. منيف موسى عضواً مجلس الأمناء الرابع: ثم أُعيد تشكيل مجلس الأمناء في الأول من يناير عام 2001م على النحو التالي: 1 - أ. عبد العزيز سعود البابطين رئيساً 2 - أ. عبد العزيز محمد السريع أميناً عاماً 3 - أ. الطيب صالح عضواً 4 - د. جرجي طربية عضواً 5 - د. سليمان الشطي عضواً 6 - د. عز الدين إسماعيل عضواً 7 - د. عز الدين ميهوبي عضواً 8 - د. علي عقلة عرسان عضواً 9 - أ. فاروق شوشة عضواً 10- د. كمال عمران عضواً 11 - د. محمد شاهين عضواً 12 - د. محمد عبد الرحيم كافود عضواً 13 - د. منصور الحازمي عضواً 14 - أ. عبد العزيز الجمعة أميناً للسر وبالتأمل في هذه الأسماء الفاعلة بالمؤسسة يجد الراصد أن النفس المؤسسي واضح جداً في المؤسسة وإدارتها، بل إن البعد التواصلي بين مختلف التيارات الثقافية في مختلف بقاع الوطن العربي ترجمه البابطين من خلال مجلس الأمناء الذي يضم شريحة جيدة من المثقفين العرب من مختلف ألوان الطيف الثقافي العربي، ولا شك أن الأستاذ عبد العزيز السريع، أمين عام مجلس الأمناء بهذه المؤسسة الحيوية والذي قال عنه الأستاذ عبد العزيز البابطين، رئيس مجلس أمناء المؤسسة: (لقد جاء الأخ عبد العزيز السريع إلى مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري، عام 1990م، وهو علم من الأعلام المعروفين في دنيا المسرح وعالم الثقافة والآداب والفنون، وله تجارب طويلة في إدارة الثقافة، مما كان له أطيب الأثر في الارتقاء بمسيرة المؤسسة، ومجمل أدائها إن كان ذلك على مستوى النوع أو الكم وللحق فإن المؤسسة قد شهدت انتشاراً واتسعت قاعدة معارفها وأصدقائها وكان لحسن إدارته وحكمته وبراعة تنظيمه دور كبير في ذلك)، لا شك أن السريع يبذل جهداً كبيراً في ترجمة أفكار وطموحات المؤسسة إلى واقع ملموس من خلال إدارته ومتابعته لفعالياتها المختلفة. إنجازات المؤسسة: ولكي يكون الحديث عن هذه المؤسسة موضوعياً، لا بد لي من محاولة رصد لمسيرتها الإنجازية التي تتضح من خلال محورين، المحور الأول يشمل الدورات التي تميزت بتنظيمها مؤسسة جائزة سعود البابطين للإبداع الشعري والمحور الثاني، يشمل الملتقيات التي عقدتها المؤسسة. أ) الدورات: 1 - الدورة الأولى - القاهرة 17 من مايو 1990م. 2 - الدورة الثانية - القاهرة 17 من أكتوبر 1991م. 3 - دورة محمود سامي البارودي- القاهرة 12-14 من ديسمبر 1992م. 4 - دورة أبو القاسم الشابي- مارس 10-12 من أكتوبر 1994م. 5 - دورة أحمد مشاري العدواني- أبو ظبي 28-30 من أكتوبر 1996م. 6 - دورة الأخطل الصغير - بيروت 14-17 من أكتوبر 1998م. 7 - دورة أبو فراس الحمداني - الجزائر 13 من أكتوبر إلى 3 من نوفمبر2000م. 8 - دورة ابن زيدون في قرطبة- إسبانيا أكتوبر من العام الحالي 2004م. ب) الملتقيات: 1 - ملتقى محمد بن لعبون - الكويت 27-30 من أكتوبر 1997م. 2 - ملتقى سعدي الشيرازي - طهران - شيراز من 3-5 إلى يوليو 2000م. تجري الاستعدادات هذه الأيام في أروقة مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للتحضير لدورة (ابن زيدون) التي ستُقام في إسبانيا في شهر أكتوبر المقبل تحت رعاية الملك الإسباني خوان كارلوس، هذه الدورة ستعانق المرحلة الحرجة التي يمر بها الوطن العربي والأمة الإسلامية، حيث ستكون الندوة الرئيسة تحت عنوان (الحضارة العربية الإسلامية والغرب.. من الخلاف إلى المشاركة) من خلال منحى فكري وآخر أدبي، لتخرج برؤية عقلانية موضوعية تجاه الصراع الذي ساد العالم بعد مفهوم (صراع الحضارات) الذي أطلقه المفكر الأمريكي الدكتور صاموئيل هنتجتون وبعد نظرية (نهاية التاريخ) للمفكر (فوكوياما) وبعد أن احتدم الصراع العالمي بعد أحداث (11 سبتمبر) وهكذا ستنجح المؤسسة- إن شاء الله- في إقامة حوار مشترك بين الحضارات شرقها وغربها من خلال طرح الرأي والرأي الآخر على مائدة النقاش، أما المنحى الأدبي، فسيكون ضيوف الدورة على موعد مع عدد من الأبحاث العلمية التي ستتناول الجانب التاريخي والحضاري في الأندلس والوحدة والتعددية والتعايش الاجتماعي والديني في الأندلس وتأثير الشعر الأندلسي في الشعر الإسباني القديم، كما سيتم تناول (حياة ابن زيدون بين الواقع والخيال) والمرأة في الشعر الأندلسي وابن زيدون في الأدب العربي المعاصر بين الدارسين والمبدعين ومقتطفات من شعر ابن زيدون وأثره في الشعر الأندلسي والعناصر العربية في الشعر البرتغالي. في الختام.. تبقى المؤسسة محاولة جادة، لرسم طريق النهوض بالأمة العربية، بإعادة (الشعر العربي) إلى مكانته التأريخية المعروفة، وإعادة شيء من (الألق) للمثقف العربي من خلال رسم ملامح (نجومية) تليق بالثقافة والفكر بخلق عمل مؤسسي هادىء وفاعل، يتجاوز الحدود الجغرافية ويمد جسور (التواصل) مع الدول والشعوب الصديقة ليعلن عن ولادة مرحلة جديدة من عمر ثقافتنا العربية. أخيراً: إن هذه المؤسسة تؤكد سنة بعد سنة أن الثقافة فعل شعبي من خلال دفع العمل الثقافي العربي المشترك، خصوصاً أن مؤسسات العمل الثقافي العربي الرسمي، ما زالت تتسم بالبيروقراطية من جهة والبعد عن التواصل الشعبي من جهة ثانية. في نظري أن طبيعة الثقافة العربية في المستقبل ستبقى رهناً بتلك الممارسات التي تحوِّل الثقافة إلى فعل شعبي في معظم مناطق العالم العربي. تحية لمؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري ورئيس مجلس أمنائها وبقية كوكبة العطاء أعضاء مجلس الأمناء والعاملين في كافة فروع المؤسسة. * مدير مركز حمد الجاسر الثقافي بالرياض