يلاحظ المتابع للقنوات الفضائية ظهور قنوات عراقية كثيرة، وربما ستحقق هذه القنوات العراقية نقلة نوعية في خريطة الفضائية العربية، أو فلنقل إنها ستكون تغييراً نمطياً على الأقل، فبعد ما يمكن أن نسميه سيطرة مصرية على الإعلام العربي، رأينا كيف كان اللبنانيون يسيطرون على إدارة الكثير من القنوات، بل أصبحت القنوات اللبنانية بما تمتلكه لبنان من كوادر إعلامية محترفة، منبعاً ومنجماً للكوادر الإعلامية التي يراهن عليها ملاَّك القنوات الفضائية العربية، فهل نستطيع أن نقول إن عصر الإعلام العراقي سيكون فرس رهان المرحلة القادمة. وهل ستتغير ثقافة البرامج المنوَّعة من ثقافة (تهوس) المصرية و(بتعئد) اللبنانية إلى ثقافة (تخبِّل) العراقية. كل هذا لا نستطيع الحكم عليه الآن، ولكن سننتظر حتى تبرهن لنا القنوات العراقية ما الدور الذي ستتخذه بين نظيراتها العربيات، على أمل ألا يكون تميز الإعلام العراقي مقتصراً على (البرتقالة) والدخول في سباق العري والمجون. من القنوات العراقية الجديدة قناة الشرقية التي أسسها الأستاذ الصحفي سعد البزاز المعروف بثقافته العالية في العراق، وهو أحد رجال الإعلام العراقيين البارزين، وقد جاءت موضوعات هذه القناة عامة ومنوَّعة وهادفة، وهي ذات توجه جيد استولت على اهتمام من تابعها بأسلوبها الشيِّق المحبب إلى النفس العراقية. وقد عرضت القناة (مسلسل حب وحرب) الذي يحاول أن يعكس الحالة العراقية في جميع فصولها، إذ يعرض إلى المأساة التي يمر بها العراق والتفجيرات على البيوت والمصانع العراقية - من قبل العناصر الصهيونية وغيرها من المجرمين الذي ينتمون إلى القاعدة وغيرهم - وتدمير البنية التحتية لهذا البلد العربي الشقيق بتفجير أنابيب النفط العربي لحرمان الشعب العراقي من الاستفادة من ثروات بلاده. فلا يشك عاقل بما يضمره اللوبي الصهيوني من حقد على العراق، وكيف يحاول زلزلة الأمن فيه كي لا يستطيع أن يعيش في سعة بعد سقوط النظام السابق وتشكيل الحكومة الوطنية التي يرأسها الشيخ غازي الياور، وهو رجل مثقف، وكم نتمنى له النجاح في قيادة العراق الشقيق نحو المستقبل، وكذلك سعادة رئيس الوزراء الدكتور إياد علاوي بثقافته وحكمته في إدارة شؤون الدولة وأولها القضاء على الفتنة الطائفية في العراق الشقيق. وقد جسد مسلسل (حب وحرب) تضامن أبناء شعب العراق وما بينهم من روابط المحبة، إذ تدور أحداثه حول موظف مخلص في عمله، لم يحاول سرقة دائرته في العمل عندما كان عضواً في قسم المشتريات مع أن لقمة العيش حالياً صعبة على جميع العراقيين. ومن خلال تسلسل الأحداث في حياة هذا الموظف والمحيط الاجتماعي حوله يعرض المسلسل إلى كثير من السلبيات ومحاولة معالجتها في ظل الأحداث الراهنة. لقد قدَّم لنا الفنان قاسم الملاك صورة رائعة عن ابن البلد المخلص لشعبه، غير المنساق إلى الهاوية، وكذلك قدَّمت لنا الفنانة عواطف السلمان الأم العراقية بصورتها الحقيقة المعروفة بحبها للناس والوطن والأرض، والقيم الأصيلة التي تربت عليها، كما أجادت الفنانة الكوميدية أمل طه من خلال دورها الدرامي الكبير في تجسيد شخصية المرأة العراقية البسيطة التي تحب الجيران وتقوم بمساعدتهم، كما أبدع الفنان بهجت الجبوري - رغم طيبته - في تجسيد دور الرجل الجشع الذي استفاد من وضع العراق الحالي مما جسد بعضاً من مظاهر السلبية ومحاربة الناس الطيبيين. وكم كان مؤثِّراً ذلك المشهد المأساوي في آخر حلقة من مسلسل (حب وحرب) عندما ذهبت أم فوزي إلى حفلة العرس وأصيبت في تفجير إرهابي وكانت جراحها بالغة حتى إن المستشفى لم يكن يملك الدم لتعويض ما نزف منها ففارقت الحياة في المستشفى، وأخذ الفنان قاسم الملاك (فوزي) يبكي بحرقة وألم والدته، والحقيقة التي نصل إليها هي أن كل عراقي شريف أصبح يبكي العراق جنوبه، وشماله، ووسطه إذ إن هذه هي حال العراق الشقيق. تحية لكل العاملين في هذا المسلسل الدرامي الكبير.. والله الموفق