إن ما شهدته مدينة الرياض خلال الايام الماضية من تفجير أمام مبنى يتبع الجهات الأمنية.. وما سبقه من أعمال مشابهة في مناطق أخرى إن ذلك لأمر غريب حقاً على مجتمعنا السعودي.. فلقد عاش مجتمعنا السعودي ولله الحمد حياة آمنة مستقرة. بل ربما لا أخالف الحقيقة إذ أقول إن بلادنا كانت مثالاً يحتذى في هذا المجال.. وهذا أمر طبيعي، ونتيجة منطقية لما تتبعه بلادنا من سياسة هي في واقع الأمر تجسيد لمبادئ شريعتنا السمحاء، فالقرآن الكريم وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم هما دستور الحياة في بلادنا.. هكذا هي بلادنا ولله الحمد.. ولكن ما الذي جرى؟؟ أصبحنا نسمع ونرى بين الحين والآخر عن أعمال تخريبية يروح ضحيتها الكثير من الأبرياء دون ذنب جنوه. سأسمح لنفسي بتحليل هذا الموقف - من وجهة نظري المتواضعة - وبادئ ذي بدء أتوجه لهؤلاء المخربين بعدة تساؤلات ربما يفيقون من غيهم. 1- لماذا تقدمون على مثل هذه الأعمال التي تجر الدمار والخراب؟ 2- ألا تعلمون أنكم بأعمالكم هذه تجنون على أبرياء لا ذنب لهم؟ 3- ألا تدرون أن أطفالاً تتيتم، ونساءً تترمل، وأرواحاً تزهق هباء؟ 4- ألا تعلمون أن ديننا الحنيف قد حرَّم قتل النفس بغير حق؟ 5- إن قلتم إنكم تستهدفون الأجانب في بلادنا.. فهل هذا منطق؟ إن الأجنبي في بلادنا ما جاء إلا لمهمة هدفها أولاً وأخيراً خدمة أبناء هذا الوطن؟ 6- ألا يعتبر الأجنبي معاهداً بيننا وبينه ذمة عهد ووفاء؟ 7- وهل كانت نتيجة أعمالكم أنكم فعلاً قد أصبتم الأجانب فقط؟ 8- ألا تدرون أن أغلب ضحاياكم من بين المسلمين سواء كانوا مواطنين أو مقيمين؟ 9- ألا تدركون أنكم بأعمالكم هذه تشوهون صورة بلادكم وتلطخون سمعتها؟ 10- إن كانت قد سيطرت عليكم أفكار منحرفة، أو حدثت لأدمغتكم عمليات غسيل فكري ضال.. أفلا تعملون عقولكم، تحكمون ضمائركم؟ 11- إن كانت نتيجة هذا الغسيل الفكري الفاسد أن صرتم مبالغين ومتشددين في أفكاركم.. أفلا تدركون أن ديننا الحنيف هو دين الوسطية دون تقصير أو إسراف. 12- وألا تدركون كذلك أن أمتنا الإسلامية تتسم بالوسطية بوصف القرآن الكريم {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}. 13- أعود فأقول ألا تهزكم من أعماقكم مناظر ضحاياكم.. فهذا طفل فقد والديه، وهذه أم تبكي أولادها، وهذا شيخ ضعيف أصابه القهر بسبب أعمالكم؟ 14- هل ألفتم منظر الدماء وآثار الخراب والدمار فأصبح شيئا طبيعياً بالنسبة إليكم؟ 15- ثم ها أنتم في الفترة الأخيرة قد استهدفتم رجال الأمن بصفة خاصة فما ذنب هؤلاء؟ أليس رجال الأمن إخواناً لكم في الوطن؟ 16- هل يمكن أن تنكروا دور رجال الأمن ورسالتهم النبيلة في سبيل حفظ أمن وسلامة بلادنا. 17- أليس رجل الأمن أخاً أو أباً أو ابناً أو ابن عمومة.. بل هو بالأحرى أولاً وأخيراً مواطن سعودي؟ 18- إن كنتم قد أجزتم لأنفسكم قتل هؤلاء بحجة أنهم يتصدون لكم ويحاولون تخليص البلاد من شركم.. أفلا تعلمون بأن هذا هو واجبهم وتلك مسؤوليتهم؟ 19- هل اعتبرتم ما تقومون به تجاه رجال الأمن أو غيرهم جهاداً ترجون من ورائه الشهادة؟ 20- ألا تدركون أن للجهاد أصولاً وقواعد، وأن ما تقومون به أبعد ما يكون عن الجهاد في سبيل الله؟ 21- ألا يكون ما تقدم عليه أحدكم من تفجير نفسه دون هدف سام ونبيل انتحاراً، وان المنتحر مخلد في النار؟ 22- هل الإصلاح من وجهة نظركم في سفك الدماء، وتدمير المباني وإثارة الرعب في قلوب الآمنين؟ 23- وهل.. وهل.. وهل.. أسئلة كثيرة أود توجيهها لهؤلاء المخربين ولكني فيما يلي من السطور أحاول التعليق على هذه الأعمال فإني أتصور أنهم فئة قد تم التأثير عليها بأفكار مضللة منحرفة، وحسبما تطالعنا وكالات الأنباء نرى أن معظم هؤلاء من الشباب صغيري السن، وكأن نوعاً من البرمجة قد حدثت لعقولهم فأصبحوا يتحركون ويتصرفون حسب أهواء من كانوا وراءهم وأصبح كأن في أيدي أولئك المحرضين ما يمكن أن نشبَّه (بريموت كنترول) من خلاله يوجهون ويتحكمون ويسيطرون على من بثوا فيهم سمومهم فأصبحوا أداة طيعة في أيديهم.. ولكن الى متى يستمر هذا الوضع؟ هل يمكن لهؤلاء أن يصلوا الى أهدافهم؟ أعتقد أن كل ما يسعون إليه لن يحدث يوماً.. فبلادنا - بلاد الحرمين الشريفين آمنة وستظل آمنة بفضل الله سبحانه وتعالى تلبية لدعوة الخليل إبراهيم عليه السلام وقد أعجبني كثيراً ما قاله صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز حين قال في هذا السياق (الكلاب تنبح والقافلة تسير). هذا وأود كذلك مناشدة كل مواطن أو مقيم على أرض هذا الوطن الحبيب أن يتعاون مع رجال الأمن للضرب في أيدي هؤلاء الضالين بيد من حديد.. فالمتعاون معهم أو المتواطئ والمتستر عليهم إنما هو في الحقيقة شريك لهم.. وقد عبر صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية عن هذا المعنى من خلال تصريح لسموه في يوم الثلاثاء الموافق 1-3-1425ه أعتبر فيه أن كل من يحتوي هذه الفئة المتطرفة والضالة سيكون شريكاً لهم وتطبق عليه نفس عقوبتهم وقد فتح سموه باب التوبة أمام هؤلاء المنحرفين مطالباً إياهم بتسليم أنفسهم ووعد من يسلم نفسه بمناقشة أفكاره واعادته الى صوابه ومن ثم ينخرط في المجتمع كمواطن عادي. ختاماً أدعو الله عز وجل أن يتغمد شهداء الواجب بواسع رحمته وأن يهدي هذه الفئة المنحرفة الى سواء السبيل.. لنرى مجتمعنا الحبيب كعهدنا به دوما أمنا وأماناً. Email: [email protected]