الحرية من الحاجات النفسية الأساسية الهامة التي يحتاج الانسان لإشباعها حتى يحافظ على توازنه النفسي، لأن عدم اشباعها يفضي لكثير من الاضطرابات الوجدانية والمشكلات التوافقية شأنها في ذلك شأن كل الحاجات النفسية. والحرية ليست حاجة وقتية لعمر معين، وإنما حاجة مستمرة استمرار الانسان في الحياة منذ الطفولة وحتى نهاية العمر، وليس لها جانب معين فهي تشمل الانسان كله: فكره، وقوله، فعله.. ولن يسعد إنسان أو يهنأ بحياته إلا إذا عاش بحريته، فالحرية أثمن من كنوز الأرض.. قال الشاعر: غن يا طير في سمائك حراً واهجر الروض إن تر الروض سجنا إن حرية النفوس متاعا لا يعادلها في النفائس وزنا {إنَّا هّدّيًنّاهٍ السَّبٌيلّ إمَّا شّاكٌرْا وّإمَّا كّفٍورْا} *الإنسان: 3* وفي جملة الضوابط التي رسمها لهم من خلال نهج الشريعة الإسلامية، وأي تحريف لهذا المفهوم يعني انحراف معنى الحرية، وفقدان الإنسان لحريته، الحرية تسمو وترفع من الفكر والقول والفعل عن هوى النفس وقيود الغرائز ومغريات العصر الذي نعيشه، هي قوة الإرادة والرشد، الحرية هي: محافظة الانسان على آدميته، واحترام حقوق الغير وحريتهم والسعي للتآلف والتعاضد.. وغير ذلك من المعاني الجميلة التي يحياها الانسان المسلم وتضطلع بها شخصيته. ومن ثم فإن الانسان لكي يعيش حراً يجب عليه أن يحكّم عقله وفكره في تصرفاته وأفعاله قبل الاقدام على فعل أمر من أمور دنياه حتى لا يفقد حريته ولا ينفع الندم هنا من جراء افعال من تصرفه وبفعل عقله أو يده، لذا يجب على الانسان قبل الاقدام إعمال الفكر والنظر دائماً إلى الأمام والامتداد بالبصر إلى نتيجة التصرفات والأفعال، أي التفكير الجاد في الخروج قبل الدخول. فالله سبحانه وتعالى منحنا العقل حتى يمنحنا هذا العقل الحرية، والشريعة الإسلامية بها من الضوابط والأحكام والحدود ما يجعلنا نعيش في حرية تامة.. تامة إذا التزمنا بها وعملنا من خلالها يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وسنتي». والله الهادي إلى سواء السبيل (*) أستاذ أصول التربية المشارك - كليات البنات - الرياض