قال الفيلسوف اليوناني (أرسطو) «الطبيعة تكره الفراغ، والحياة أيضاً لا تحتمل الفراغ ولا تأبه بالفارغين لأننا في سباق أزلي أبدي نحو النهاية المجهولة المشوقة التي نفني أعمارنا في محاولة معرفتها ونفشل، الفراغ يغوي السنابل الحمقاء ويغريها فترفع رؤوسها بصفاقة وتتراقص مع رياح العشوائية ثم إذا جاء وقت الحصاد طرحت بعيداً عن متن الحياة الذي لا يقبل إلا بأخواتها الممتلئات اللواتي لم يقعن في كمين اللذة الزائلة واحتملن قسوة التركيز وشقوة الحياة من أجل هدف واضح نبيل». ومن هذا المنطلق فإن أي فرد أو مجموعة أو منظمة تقع في فخ الفراغ بعد ضياع الهدف المنشود وسبل الوصول إليه، فإن النتيجة هي الصخب والعشوائية في محاولة لكسر ذلك الفراغ، في محاولة لإيجاد الأعذار وعدم الاعتراف بالفشل وتحميل المسؤولية للغير بفكر يملؤه نظرية المظلومية والتعرض لمؤامرة أو التشكيك في البيئة المحيطة ونزاهتها، وإن لم تنجح هذه أو تلك فسيقودهم الفراغ إلى نار تأكل فيهشيم أخطائهم الداخلية فتحرق الأول والتالي دون أي اعتبار للمصلحة العامة. ومما دعاني للتفصيل في مصطلح «الفراغ» وأضراره القاسية، هو المشهد النصراوي على الصعيد الإعلامي أما الجانب الجماهيري فمن الظلم الزج بهم في ذلك المصطلح كونهم لا حول لهم ولا قوة في سياسات إعلامية قادت كيانهم إلى ما وصل إليه من إخفاق بعد موسمين ناجحين، فأولى فصول قصة «الفراغ» في هذا الموسم قادته آلة إعلامية سخرت نفسها للترصد لأخطاء المؤسسة الرياضية ولجانها، ثم التشكيك في المنافسين دون أن تكلّف نفسها بأن تكون أداة بناء عبر نقد صادق وصريح تجاه أخطاء البيت النصراوي فنياً وإدارياً مما جعل المشجع البسيط ينساق خلف تلك المنهجية حتى وصل الحال بالنادي نفسه إلى مرحلة فني ثم إداري بعد أن توالت السقطات يليها استقالات وإقالات في مشهد آلام ذلك المشجع بعد أن خذله إعلام محسوب على ناديه يعاني عقدة «الفراغ والطرح الفارغ» بعيداً عن إصلاح الضرر في النادي أو تعاطيه إعلامياً. فكانت نتيجة آفة «الفراغ» في نهاية الموسم الحالي أن أصبح المشهد الأصفر كالسفينة المعرضة للغرق، وأصبح كل إعلامي يستعد للقفز منها عبر تصريحات وقرارات وتغريدات للفرار من حساب العاشقين والمحبين لذلك الكيان الذي تعرض لظلم فادح وتهميش واضح لغاياته وأهدافه وطموحه في استدامة المنافسة بسبب فكر ومنهجية عمياء شعارها «أنا اتعرّض للظلم». قبل الختام.. قال ماجد عبدالله ذات يوم: «لا بد أن يكون المسؤول عن الشق الإعلامي في النصر أو في أي نادٍ آخر، يكون إعلامياً مهنياً وليس شخصاً يعتمد فقط على الصياح والصريخ».