يقول نيكولاس ستيرف أحد كبار الاقتصاديين في البنك الدولي: إن البقرة اليابانية تتلقى دعماً مالياً يصل إلى سبعة دولارات يومياً وهو أكثر من الدخل الفردي اليومي لمواطن الصحاري الأفريقية بثلاث مرات. حالياً كثرت المؤتمرات واللقاءات العالمية للنظر في التفاوت الكبير في المداخيل المالية الفردية بين سكان العالم إلا أن ما يتم اتخاذه من قرارات وحلول دولية يعتبر متواضعا جداً في إنجازاته. تعددت التحديات الراهنة أمام تحسن الاقتصاد العالمي وأصبح التفاوت المعيشي الموقعي بين سكانه يزداد اتساعاً وبعدا، تحديات منها ما هو ظاهر للعيان، ومنها ما هو خفي، و من ظواهرها ما نشهده من تقلبات في أسواق المال العالمية ومن اضطرابات عدة كانت ناجمةعن تراجع وانخفاض حاد في مؤشرات البورصات وفضائح الشركات الأمريكية وانهيار برجي التجارة في نيويورك. ولا تكاد تستثنى منطقة دون أن تتأثر بتلك التغيرات السلبية بداية من الاتحاد الأوروبي الذي يواجه عجزاً ماليا في فرنسا والبرتغال وألمانيا وإيطاليا ونهاية بالولاياتالمتحدة نفسها، فقد تأثرت الدول الغنية المتقدمة بالأوضاع العالمية وظهر الكساد بيّناً في زعزعة أسعارها ونموها الاقتصادي البطيء بعض دول منها لم يتقيد بسياسة الموازنة العامة ومكافحة العجز في ميزانياتها التي تجاوزت أكثر من 3% وفقاً للوائح البنك المركزي الأوروبي. وأدى التجاوز إلى تحديات مخفية نتوقع مستقبلاً مثلاً زيادة في نسبة الفوائد الرئيسية للعملة اليورو الموحدة، نلمس يوميا تغيرات وقرارات تتخذ في يوم ثم تلغى في يوم تال لاقتصاديات تعبر في مضمونها عن سمات القرن الحادي والعشرين، فجأة تتخذ القرارات الأوروبية قراراً بفرض عقوبات تجارية على الولاياتالمتحدة رداً على فرضها رسوما جمركية إضافية على وارداتها من الصلب، إلا أنها سرعان ما لبثت أن تراجعت عن قراراتها التنفيذية وأرجأتها إلى وقت لاحق غير معلوم. أما الجانب الآخر من الأطلسي فنرى ما تعيشه أمريكا اللاتينية والجنوبية من حالة عدم استقرار اقتصادي، فيها تزايدت المخاوف بعد انخفاض قيمة العملة المحلية في الأسواق المالية في الأرجنتين والبرازيل مؤدية إلى تراجع في مؤشرات البورصة إلى أدنى مستوى لها منذ عدة سنوات، ويخشى أن يساعد الانخفاض للعملة على زيادة معدلات الإنفاق العام وزيادة حجم مديونياتها الخارجية حيث إذا ما ارتفع حجم المديونية في القارة الأمريكيةالجنوبية فإن المستثمرين عادة ما يفضلون الخروج باستثماراتهم المالية إلى مواقع أكثر استقراراً وأمنا قريبة منهم موقعاً كالولاياتالمتحدةالأمريكية. أما في الولاياتالمتحدةالأمريكية فقد انعكست بيانات انخفاض ثقة المستهلك الأمريكي بصورة سلبية على أداء البورصات الآسيوية حيث هبطت قيمة الأسهم وانخفضت معها أسهم الشركات الصناعية التقنية فيما هبط مؤشر نيكي لقياس الأسهم الممتازة بأكثر من 3% بسبب استمرار القلق من تهاوي الأسهم الأمريكية وإعلان الإدارة الأمريكية عن توقع عجز في الموازنة الفيدرالية بسبب تكاليف الحرب على الإرهاب بقيمة 160 مليار دولار. أما تحديات القارة الأفريقية فقد تحدث العالم ولا يزال يشير عن مثلث الفقر والحرب والمرض فيها وإلى ما يسببه الفساد الإداري من عوائق تعوق تنمية دول فيها لما أشارت إليه التقارير من أن الفساد الإداري والأخلاقي الإفريقي وحده كان العامل الأول لنشوب أربع حروب أهلية مكبداً القارة تكاليف سنوية تقدر بحوالي مائة وخمسين مليار دولار سنوياً فيما يعيش معظم سكان جنوب الصحراء في حالة من اليأس والقنوط. وهنا قد نتساءل هل ما يحدث في اقتصاديات العالم من اضطرابات كان بسبب ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر الماضي إذا الأمر كذلك فهل نتوقع المزيد من الاضطرابات الاقتصادية في حال ضرب أمريكا العراق؟ يعتقد أنه سوف لن يكون في صالح الاقتصاد العالمي نظرا للتأثيرات التي ستنجم من المخاوف الجيوسياسية على أسعار الطاقة وانعكاساتها التضخمية.