يوم التأسيس.. فخر وإعتزاز عبر التاريخ    مذكرة تعاون عربية برلمانية    السعودية محط أنظار العالم    «فن تكريس السعودية»    ريمونتادا «تاريخية»    الملك يوجه بإطلاق أسماء الأئمة والملوك على عدد من ميادين الرياض    الشريف نائبا لرئيس تحرير المدينة    في ذكرى «يوم بدينا».. الوطن يتوشح بالأخضر    مشروبات «الدايت» تشكل خطراً على الأوعية    جيسوس يُبرر معاناة الهلال في الكلاسيكو    موعد مباراة الإتحاد القادمة بعد الفوز على الهلال    الوسيط العالمي الموثوق به    رقمنة الإعلام    الملك: نهج الدولة راسخ على الأمن والعدل والعقيدة الخالصة    بدعوة كريمة من ولي العهد.. لقاء أخوي تشاوري في الرياض    تحت رعاية خادم الحرمين.. ولي العهد يشرّف حفل سباق كأس السعودية    الرافع للرياض : يوم التأسيس تاريخ عريق    نهج راسخ    "نيوم للهيدروجين الأخضر" تبني إرثاً مستداماً باستغلال موارد المملكة التي لا تنضب    النفط يسجل خسارة أسبوعية مع تلاشي المخاطر في الشرق الأوسط    في افتتاح كأس قدامى الخليج.. الأخضر يتعادل سلبيًا مع البحرين    جمعية رعاية الأيتام بضمد تشارك في احتفالات يوم التأسيس    أمانة تبوك تنفذ فعاليات متنوعة إحتفاء بيوم التأسيس    سفير الاتحاد الأوروبي يحتفل بيوم التأسيس    برعاية نائب أمير مكة.. محافظ جدة يشهد بطولة البحر الأحمر الدولية للخيل    بنزيما: الاتحاد ليس قريبا من لقب الدوري    فجر صناعة السيارات في السعودية    الأحساء.. الاقتصاد المستدام والفرص الواعدة !    افتح يا سمسم.. أُسطورة الآتي..    «الفترة الانتقالية» في حالات الانقلاب السياسي.. !    محطات الوطن حاضرة في تبوك    من التأسيس إلى الرؤية.. قصة وطن    أهالي القصيم يعبّرون عن فرحتهم بالملابس التراثية    «الداخلية» تطلق مبادرة «مكان التاريخ»    125 متسابقاً يتنافسون على جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن.. غداً    وزير الشؤون الإسلامية: يوم التأسيس يجسد مرحلة تاريخية مفصلية في تاريخ مسيرة المملكة    لقاء الرياض.. رسالة وحدة في زمن التحديات    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي ينجح في زراعة منظم ضربات القلب اللاسلكي AVEIRTM️ الحديث ل"ثمانيني"    الحياة رحلة ورفقة    رفض تام لتهجير أهل غزة وتحرك برلماني عربي دولي لوأد مقترح ترمب    منيرة آل غالب إلى رحمة الله    «تسميات ميادين الرياض».. تعزيز الهوية والانتماء وإبراز إنجازات الأئمة والملوك    د. عادل عزت يشكر المعزين في وفاة والده    فريق الوعي الصحي التابع لجمعية واعي يحتفي بيوم التاسيس في الراشد مول    ضبط أكثر من 21 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    عقد ورشة عمل "الممارسات الكشفية للفتيات في الجامعات"    «الدباغ القابضة» تتقدم بالتهاني لمقام خادم الحرمين وولي عهده بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    أسرة حسام الدين تحتفي بعقد قران أحمد ويوسف    العز والعزوة.. فخر وانتماء    السعودية.. أعظم وحدة في العصر الحديث    انخفاض درجات الحرارة في عدد من مناطق المملكة    لائحة الأحوال الشخصية تنظم «العضل» و«المهور» ونفقة «المحضون» وغياب الولي    الدولة الأولى ورعاية الحرمين    غبار المكابح أخطر من عادم السيارات    السعودية منارة الأمل والتميز الطبي    «ذكرى التأسيس» تجسد عمق الهوية الوطنية والتراث العريق    السعودية من التأسيس إلى معجزة القرن ال 21    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناصر بن عبدالعزيز الرابح
الشيخ ابن دهيش بين القضاء والتعليم
نشر في الجزيرة يوم 13 - 08 - 2002

لقد سعدت بالإهداء القيم والثمين من قبل سعادة د. خالد بن عبدالله بن دهيش لمجموعة من الكتب القيمة التي قام بتأليفها والده -رحمه الله- سماحة الشيخ عبدالله بن عمر دهيش وهو العالم الجليل والقاضي الشهير الذي قضى شطراً من حياته الأولى طالب علم ملازماً لحلقات الذكر ومجالسة العلماء ومتنقلاً من الأمصار والأقطار للاستزادة من بحور العلوم الشرعية والشطر الآخر قضاها بالعمل في سلك القضاء متنقلاً بين محاكم مناطق المملكة حتى عام 1384ه عندما طلب التقاعد حيث تفرغ للتأليف والتحقيق وسأسلط الضوء على حياة الشيخ نسبه ومولده ونشأته وطلبه للعلم مروراً بحياته الوظيفية وأهم مؤلفاته والكتب التي قام بتحقيقها.
الشيخ عبدالله بن عمر بن عبدالله بن دخيل الله بن دهيش بن عبدالله بن دهيش بن علي سليمان بن عبدالله الشمري وينتسب إلى آل ويبار من عبدة شمر ولد في مدينة الأحساء بتاريخ 20/12/1320ه والتي كان قد رحل إليها جده من مدينة مرات بنجد في أواخر القرن الثالث عشر الهجري.
وتولى والده تعليمه وتنشأته النشأة الإسلامية، فتعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن على ظهر قلب وسنه لم تتجاوز الثانية عشرة وذلك على يد الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن غيث، كما تعلم الخط على يد الشيخ علي بن ربيع من أهل الأحساء ولذلك أصبح خطه متنقاً وجميلاً وكان ابن ربيع خطاطاً يجيد نسخ الكتب.
بعد ذلك أخذ في ملازمة حلقات العلم في مسجد البراحة بمحلة الماجد وتوثقت صلته بقاضي الأحساء آنذاك الشيخ عيسى بن عبدالله بن عكاس، وأخذ يحضر دروسه في المسجد المذكور فقرأ عليه عدداً من الكتب في مختلف العلوم الإسلامية واللغة العربية، وفي اليوم الرابع من شهر شوال عام 1338ه توفي الشيخ عيسى بن عكاس فسافر الشيخ عبدالله إلى الهند وذلك لدراسة الحديث على مشاهير علمائها، وهناك اتصل بعلماء الحديث وأخذ عنهم ومكث بالهند عاماً واحداً وقد درس هناك الكثير من كتب الحديث المعتبرة ورجاله.
ثم عاد إلى الأحساء وفي طريق عودته نزل في قطر بالدوحة حيث اتصل بالشيخ محمد بن مانع ودرس عليه، ومكث بالدوحة عدة شهور عاد بعدها إلى الاحساء بعد أن علم بتعيين الشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن ناصر بن بشر قاضيا بها، فأخذ في ملازمته وحضور دروسه فقرأ عليه جملة من الكتب المطولة.
وبجانب دراسته وملازمته للشيخ عيسى بن عبدالله بن عكاس فان الشيخ عبدالله كان يقوم بملازمة كل من الشيخين: أحمد بن علي بن عرفج والشيخ محمد بن حسين بن عرفج من علماء الأحساء والأعلام في علم الفرائض والمناسخات، وقد درس عليهما علم الفرائض خصوصاً ذوي الأرحام والمناسخات كما أنه كان يقوم بتدريس هذا العلم لزملائه في حلقات الدرس.
وفي عام 1343ه سافر إلى الرياض لمواصلة تحصيله العلمي على علمائها الأجلاء وهناك قرأ على الشيخ حمد بن فارس «ت 1345ه» ثم على الشيخ سعد بن أحمد بن عتيق «ت 1349ه» ثم قرأ على الشيخ سليمان بن سحمان «ت1349ه» ثم على الشيخ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ «ت1367ه» وقد مكث الشيخ عبدالله في الرياض حوالي العامين ينتقل بين حلقات الدرس للعلماء الذين ذكرناهم أعلاه، وبعد ذلك اشتاق إلى أداء فريضة الحج.
ففي شهر ذي القعدة عام 1344ه توجه إلى مكة المكرمة حيث حج في ذلك العام حجته الأولى ثم بزيارة المدينة المنورة بعدها عاد إلى الاحساء مروراً بالرياض نظراً لمرض والده حيث توفي والده في 12 ربيع الأول عام 1345ه بالاحساء.
رحلاته العلمية وطلبه العلم
وبالرغم من ذلك فإنه لم ينقطع عن الدراسة فأخذ في مواصلة دراسته على علماء الاحساء، وخاصة الشيخ عبدالعزيز بن بشر وكانت دراسته في الكتب التي قرأها عليهم سابقاً حتى أواخر عام 1346ه كما أنه كان إماماً وخطيباً للمسجد الذي كان يصلي به سمو الأمير عبدالله بن جلوي أمير الأحساء آنذاك.
ومع بداية عام 1347ه سافر إلى الرياض وأخذ في ملازمة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، فقرأ عليه كتاب التوحيد مرة ثانية حتى حفظه فأمر سماحته أن يعيد الطلبة دروسهم في هذا الكتاب على الشيخ عبدالله بعد مجلس شيخه. كما قرأ عليه الزاد وشرحه حتى حفظه والمنتقى في أحاديث الأحكام حفظا مع زميله الشيخ عبدالله بن يوسف الوابل.
وفي أواخر عام 1347ه سافر إلى مكة المكرمة حيث حج حجته الثانية وجاور بمكة المكرمة فترة من الزمن فدرس على الشيخ عبدالله بن سليمان بن بليهد ثم سافر إلى المدينة المنورة ومكث بها عدة شهور عاد بعد ذلك إلى مكة المكرمة في أواخر عام 1348ه حيث حج حجته الثالثة وقد عاد بعد الحج إلى الرياض ثم عاد إلى الأحساء.
وفي أوائل عام 1349ه سافر إلى الرياض وأخذ في ملازمة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، حتى بداية عام 1351ه.
* حياته الوظيفية في مجال القضاء:
تولى فضيلة الشيخ عبدالله بن عمر بن دهيش، عدة مناصب في سلك القضاء وكانت أول الوظائف التي شغلها هي: إمام وخطيب جامع الاحساء في 1/7/1346ه ثم رئاسة المحكمة الشرعية بالأحساء منذ الثالث عشر من شهر محرم عام 1351ه. وبتاريخ 14/10/1359ه نقل إلى رئاسة محكمة حائل وكان يقوم بالإمامة والخطابة والتدريس في جامع حائل الكبير.
وفي 27/7/1361ه نقل إلى معاون لرئيس هيئة التمييز بمكة المكرمة ومعاوناً لرئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحجاز، كذلك تولى التدريس في المسجد الحرام وكان يقوم برئاسة هيئة التمييز وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند غياب الرئيس.
وبعد ذلك تم تعيينه أيضاً عضواً في مجلس المعارف بجانب أعماله السابقة.
وفي غرة شوال عام 1363ه صدر الأمر السامي بنقل فضيلته إلى رئاسة محاكم الرياض وتوابعها. ومكث في قضاء الرياض حتى شوال عام 1365ه حيث نقل فضيلته بعد ذلك إلى المنطقة الشرقية على وظيفة رئيس محكمة الخبر.
وفي رمضان عام 1371ه صدر الأمر الملكي رقم 17250/1/2 وتاريخ 17/9/1371ه بتعيين فضيلته رئيسا للمحاكم الشرعية بمكة المكرمة مع تدقيق أحكام وقرارات المحاكم المستعجلة الثلاث بمكة حسب أمر ولي العهد المعطوف على أمر جلال الملك المعظم. وقد مكث فضيلته في هذا المنصب حتى 17/4/1383ه حيث نقل عضواً برئاسة القضاء ثم طلب احالته إلى التقاعد وذلك للتفرغ والتأليف وقد صدرت الموافقة السامية باحالته للتقاعد بتاريخ 15/2/1384ه.
ومن أهم مؤلفات الشيخ بن دهيش يرحمه الله هي:
كتاب «القضاء» ويحتوي على أكثر من مائة مسألة في الشروط التي يجب توفرها بالقاضي وشروط الحكم وهو من الكتب المهمة التي يحتاج إليها كل مهتم بالقضاء، وتأتي أهمية هذا الكتاب كون مؤلفه رحمه الله قضى حياته الوظيفية في سلك القضاء، كتاب «الأضواء والشعاع على كتاب الإقناع»، كتاب «الفقه القيم من كتب ابن القيم»، كتاب «تفسير سورة الفاتحة»، كتاب «الطهارة والصلاة» وكتاب «المناسك».
الجدير ذكره أن هذه الكتب الآنفة الذكر طبعت على نفقة ابنه معالي الدكتور عبدالملك بن عبدالله الدهيش، أما الكتب التي قام بتحقيقها -رحمه الله- هو كتاب «المناقلة بالأوقاف وما فيها من الاختلاف» لابن قاضي الحنبلي، وكذا كتاب «مغني ذوي الأفهام عن الكتب الكثيرة في الأحكام» للشيخ يوسف بن عبدالهادي المقدسي الحنبلي، وكذا كتاب «سير الحاث إلى علم الطلاق بالثلاث» للشيخ يوسف بن حسن بن عبدالرحمن بن عبدالهادي «840 - 909ه».
وبجانب هذه المؤلفات والتحقيقات كان للشيخ أبحاث ودراسات وفتاوى كثيرة حول بعض المسائل الفقهية تم نشرها في بعض الصحف اليومية المحلية.
وكان الشيخ مكتبة تحتوي على أكثر من خمسة آلاف من الكتب القيمة وهذا نتيجة حبه وشغفه للعلم، وبعد وفاته -رحمه الله- تم إهداء جزء من هذه المكتبة لمكتبة الحرم المكي الشريف بمكة المكرمة بعد موافقة جميع الورثة وتمت فهرستها في مجلدين. هذا وتتلمذ على يد فضيلته عدد كبير من طلاب العلم الذين أصبحوا فيما بعد من العلماء المشهورين.
وقد انجب الشيخ سبعة أبناء وست بنات، منهم معالي الشيخ عبدالملك بن دهيش تقلد عدداً من الوظائف الحكومية وآخرها رئيسا عاما لتعليم البنات ما بين «1410- 1416ه» ثم الدكتور عمر الدهيش ثم الدكتور عبداللطيف الدهيش ثم الدكتور خالد الدهيش، ثم عبدالعزيز الدهيش وعبدالرحمن الدهيش.
وقد انتقل فضيلته إلى رحمة الله تعالى في مكة المكرمة إثر نوبة قلبية حادة بعد عصر يوم الأحد من شهر جمادى الأولى عام 1406ه، وقد صلي عليه في المسجد الحرام ودفن بمقابر العدل بمكة المكرمة وحضر جنازته جميع أفراد أسرته وجمع غفير من العلماء ومحبيه وأقربائه تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.
المراجع:
كتاب المناقلة بالاوقاف.
سيرته ونتاجه الفكري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.