بعد التحية بعد مضي عام دراسي كامل يستبشر المواطنون والمقيمون، وخصوصاً المعلم والمعلمة ومعهم الطلاب والطالبات، يستبشرون جميعاً بقدوم العطلة الصيفية، وبالتأكيد ان المعلم والمعلمة هما أكثر فئات المجتمع احساساً وإدراكاً بأهمية العطلة نظراً لما يقدمانه من جهد متواصل طيلة العالم الدراسي، والتدريس بلا شك مهنة قاسية فالعمل شاق ومرهق ولا يقدّر ذلك سوى من عمل هذا المجال، فعلاوة على كل ذلك فهو مسئولية عظيمة ورسالة سامية تحتاج لسعة صدر ومهارة فائقة وثقافة عالية وإخلاص وتفان وبدون هذه السمات وهذه الصفات سيفشل المعلم والتعليم كافة. ولست بصدد التحدث عن أهمية إعداد المعلم أو حالة التعليم والمتعلمين فذاك موضوع يتطلب الكثير والكثير من الكتابة والحديث والنقاش. وما أود الخوض فيه هو ضيق فترة الاجازة الصيفية فكيف بعد عناء عام دراسي طويل تأتي الاجازة بستين يوماً فقط!؟ ولماذا تبدأ عودة المدرسين والمدرسات قبل بدء الدراسة بخمسة أسابيع؟ أي أكثر من شهر وما الهدف من ذلك؟ تساؤلات تبحث عن اجابة من وزارة المعارف. فإذا كان الهدف من ذلك هو الاستعداد لاختبارات الدور الثاني فمعروف ان الكل قد سلّم اسئلة الدور الثاني قبل بدء الإجازة، وهناك وقت كافٍ يسبق الاختبار أفلا يكفي اسبوع لذلك؟ ثم هل هناك رسوب يستحق كل هذا الاهتمام ونحن نعرف ان النظام الأخير يساعد الطالب على النجاح بيسر وسهولة فلم تعد الرياضيات او العلوم أو المواد العلمية عائقاً او شبحاً كما كان الجميع يتخوف منها سابقاً، في سابقة لم يشهدها العالم من قبلنا وأقصد التساهل الكبير بالمواد العلمية والإبقاء على المواد الدينية وبعض مواد اللغة العربية في الأهمية والأولوية وكأننا لا نعرف ولا نريد إلا الحفظ والحفظ فقط!!. أما إذا كان مبرر وزارة المعارف بتعجيل عودة المدرسين قبل خمسة اسابيع هو إعداد الخطط والبرامج وتنظيم سير الدراسة في كل مدرسة فهذا لا جدوى منه، فمهما بلغ الإعداد والتخطيط من دقة وتنظيم فما أن تبدأ الدراسة إلا وتتبدل وللأسف الشديد الأحوال وتختلط الأوراق ويحدث الإرباك نتيجة نقل معلم من هنا وهناك ويحدث ذلك في منتصف الفصل الدراسي وحتى في آخره ويتفاجأ مدير أو وكيل بقرار نقله لمكان آخر ،وتمضي الأشهر والدراسة بلا كتب ومقررات ونقص أدوات او وسائل، وهذه حال المدارس ولن تستقر اوضاعها إلا قبل نهاية الفصل الدراسي وهذه قضية أخرى!. إذن يعود السؤال لماذا العودة مبكراً وما الفائدة من ذلك؟ إلا إذا كان ذلك ارضاءً لمعظم الموظفين الذين «يغبطوننا» على هذه الإجازة ولا أعرف سبب هذا، وأتمنى ممن يتحدث عن مزايا راتب المعلم واجازاته ان يدخل فصلاً ويمكث مع الطلاب لحصة واحدة فقط. ان الحديث عن التربية والتعليم حديث ذو شجون والنقاش فيه يطول، فالتعليم أصبح هماً يحمله كل مسئول وكل مواطن، ولأننا في إجازة الآن فلنجعل «همنا» الآن هو عن سبب قصر الإجازة الصيفية، وإذا نظرنا الى القضية بمنظار اقتصادي فإننا نجد آثاراً سلبية عديدة تنتج بسبب قصر الاجازة، فكما نعلم ان فئة المعلمين تشكل نسبة كبيرة من فئات المجتمع وبالطبع معهم المعلمات، فمع بدء العطلة تزدحم مناسبات الزيجات «الزواجات» وتكثر تنقلات الأُسر وأسفارهم بين مناطق المملكة إما للزيارات العائلية او للتنزه والاصطياف، فبعد الانتهاء من مناسبات الزواجات وغالباً ما تكون في بداية ووسط العطلة ثم تفكر العائلة بتقضية العطلة في أماكن سياحية في مناطق المملكة او حتى خارجها، إلا ان هذه البرامج ما تلبث وان تتبخر مع حرارة جو الصيف الملتهب في كثير من مناطق المملكة وذلك عند اقتراب موعد عودة المدرسين والمدرسات وفرض قطع الاجازة، وبذلك تتكبد المشاريع السياحية التي نفذها رجال الأعمال خسارة كبيرة بسبب عودة المدرسين بسرعة، وفعلاً فإن رجال الأعمال والمستثمرين في المملكة يخسرون كثيراً من جراء قرار وزارة المعارف بالعودة السريعة للتربويين. وقد اطلعت على موضوع نشر في صحيفة المدينة قبل أيام عن تأثير ذلك على الاستثمار وان كثيرا من رجال الأعمال أبدوا استياءهم من هذا القرار وأكدوا تأثر استثماراتهم بذلك. وخلاصة الموضوع ان قرار وزارة المعارف بتعجيل عودة المعلمين والمعلمات يؤثر سلباً على نفسيات العاملين بمجال التعليم وبالتالي على عطائهم ويقلل من نشاطهم عند بدء العام الجديد، كما يؤثر ذلك على الاقتصاد الوطني الذي هو بأمس الحاجة من الدعم والتشجيع خاصة القطاع الخاص الذي يخطط للصيف ويبني وينشئ ليستفيد ويفيد أبناء الوطن، إنني أسوق هذه الملاحظة وأرفعها لمقام ولاة الأمر للنظر حول هذا القرار الذي لا يخدم المواطن ولا الوطن لتأخير عودة المعلمين والاكتفاء بأسبوع قبل الدور الثاني لتصبح اجمالي الفترة اسبوعين فقط قبل بدء الدراسة الفعلية وننتظر من وزير المعارف دراسة الوضع بجدية ونحن نعرف إدراكه التام لسلبيات وإيجابيات القرارات.. والله ولي التوفيق. عبدالكريم أحمد الوديعة - الجوف متوسطة المثنى بن حارثة