تصعد الهندوباكستان لهجتهما واستعداداتهما العسكرية إلى النقطة التي يصعب الرجوع منها بعد ذلك، فرئيس الوزراء الهندي إيتال بيهاري فجباي طالب جنوده على طول الحدود في ولاية كشمير المتنازع عليها أن يستعدوا لمعركة حاسمة كما أعلن الجيش الهندي وضع هيكلة القيادة العسكرية في حالة حرب، وفي باكستان تم نقل القوات من الحدود الأفغانية حيث كانت تساعد في الحرب ضد القاعدة وطالبان إلى الحدود الهندية في ولاية كشمير كما صدرت الأوامر للهيئات الحكومية للاستعداد للحرب. في الوقت نفسه أعلنت إسلام آباد أنها تعتزم إجراء اختبارات صاروخية جديدة، ولكن الواقع أن أي من الدولتين النوويتين لا تريد حربا شاملة ولكن خطر هذه الحرب قائم ويتزايد بغض النظر عن عدم رغبتهما، ويبدو أن كل من الهندوباكستان تعتمد على تدخل أمريكي لإنقاذهما من نفسيهما، كانت سلسلة من العمليات الفدائية من جانب الجماعات المسلحة الكشميرية هي التي أدت إلى هذا التصعيد وكان آخرها عملية الهجوم على معسكر للجيش الهندي في الجزء الذي تسيطر عليه الهند من ولاية كشمير ذات الأغلبية المسلمة وأسفر عن سقوط 31 قتيلاً ومن الصعب أن نتوقع ألا ترد الهند على مثل هذه العمليات والتي تؤكد فشل الرئيس الباكستاني برويز مشرف في تنفيذ وعده بتدمير الجماعات المسلحة الكشميرية التي تستخدم باكستان قواعد لها، وتعتمد الاستراتيجية الهندية بوضوح حاليا على أساس أن إعلان الاستعداد لشن حرب واسعة سوف يدفع الولاياتالمتحدةالأمريكية لإجبار الرئيس مشرف الذي قدم نفسه كحليف أساسي لأمريكا بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر على تقديم تنازلات مهمة على الجبهة الكشميرية.ولكن إذا فشل التكتيك الهندي فإن رئيس الوزراء الهندي يعتزم تنفيذ تهديداته من خلال شن عمليات جوية أو هجوم بالقوات الخاصة ضد معسكرات التدريب التي تقيمها هذه الجماعات المسلحة داخل باكستان.ولكن سيناريو الفشل قد يمضي على النحو التالي: تفشل إدارة بوش في الحصول على تنازلات من جانب الرئيس مشرف فتشن الهند عمليات عسكرية محدودة ثم تخرج هذه العمليات عن السيطرة، مشرف مهتم جدا بألا يخسر تحالفه الجديد مع الولاياتالمتحدةالأمريكية لأنه على الأقل لا يريد أن يتخلى بالكامل عن قضية كشمير في الوقت الذي يرى فيه أن الصراع وسيلة للحصول على ما ينتظره الباكستانيون منذ فترة طويلة وهو التدخل الأمريكي المباشر في المنطقة المتنازع عليها كوسيط سلام أو حتى كحافظ للسلام، ولكن الجنرال السابق برويز مشرف الذي أصبح رئيسا لباكستان يدرك خطورة مثل هذه اللعبة التي قد تؤدي إلى تدمير نظام حكمه وربما بلده بالكامل، ورغم تميز مشرف بالتروي والتبصر في أغلب القضايا فإن له تاريخ طويل في كشمير، فقد كان مهندس عملية تسلل أعداد كبيرة من المقاتلين الكشميريين إلى الجانب الهندي من الولاية وخوض معارك كبيرة هناك عام 1999والتي كادت تهدد بنشوب حرب نووية بين الدولتين، وهذه الأزمة تهاجم إدارة بوش في لحظة صعبة، فالرئيس بوش ووزير خارجيته في جولة أوروبية كما أن بوش يواجه أزمة لا تقل خطورة في الشرق الأوسط كما أن الأوضاع في أفغانستان لم تستقر بعد، ومن حسن الحظ فإن الهند يبدو أنها تعتزم تأجيل أي تحرك عسكري لعدة أسابيع على الأقل، وعلى الإدارة الأمريكية أن تستفيد من هذا الوقت لإيجاد الطريق لإعادة الهندوباكستان إلى مائدة المفاوضات لحل مشكلة كشمير. ويعتمد الحل على الضغط على الرئيس الباكستاني برويز مشرف لاتخاذ خطوات ملموسة تجاه وقف عمليات الجماعات المسلحة وبطريقة تعترف بها الهند، في نفس الوقت الضغط على رئيس الوزراء الهندي إيتال بيهاري فيجباي لكي يقنع حزبه وقادته العسكريين بأن المفاوضات أفضل من الحرب وإنهاء حشوده العسكرية بالقرب من الحدود مع باكستان.