سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدكتورة نازلي معوض مديرة وحدة الدراسات والبحوث السياسية بجامعة القاهرة: ندوة بدار الكتب والوثائق المصرية حول:
الحرب في أفغانستان وأثرها على الموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية
القضية الفلسطينية والرؤية الأمريكية:
انعكست آثار وتداعيات الحرب ضد الإرهاب على القضية الفلسطينية وألقت بظلال كثيفة عليها، فعشية إعلان الرئيس الأمريكي جورج بوش الحرب ضد الإرهاب، أعلن الموقف الأمريكي المؤيد للقضية الفلسطينية، وشدد على ضرورة قيام الدولة الفلسطينية كشرط أساسي لسلام الشرق الأوسط، لكن بعد انتصار واشنطن في حربها ضد طالبان والقاعدة، تغير الموقف الأمريكي تغيراً جذرياً ، وأصبح عرفات إرهابياً عالمياً يدير منظمة ارهابية، تقتل الأبرياء في تل أبيب والضفة الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات حول الموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية بعد الحرب في أفغانستان، فما هي أسباب تغير الموقف بهذه الطريقة الجذرية؟ وهل حقا تخلت أمريكا عن اتفاقية السلام ودعمها القضية الفلسطينية؟ وما هي المكاسب التي حصدتها اسرائيل في ظل التخلي الأمريكي عن دعم القضية؟ هذه التساؤلات كانت محاور ناقشتها ندوة الحرب في أفغانستان وأثرها على الموقف الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية التي عقدت مؤخراً بدار الكتب والوثائق المصرية بالقاهرة، واستضافت فيها الدكتورة نازلي معوض أستاذ العلوم السياسية ومديرة وحدة الدراسات والبحوث السياسية بجامعة القاهرة، وحضرها العديد من الباحثين والدارسين. أمريكا وإسرائيل تناولت الدكتورة نازلي معوض في البداية التطور التاريخي للعلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية خاصة فيما يتصل بقضية الشرق الأوسط مشيرة إلى أن إسرائيل وأمريكا كلاهما كيان استعماري تجمعه عقيدة وايدلوجية واحدة، لا يعرفان سوى المعايير المادية والمصالح السياسية في سلوكياتهم، وعلى هذا الأساس تطورت العلاقة بين إسرائيل وأمريكا على مدار نصف قرن وفقاً لمفاهيم المكسب والخسارة، ففي الفترة من 1948م وحتى 1956م كانت أمريكا تنظر لإسرائيل نظرة ترقب، وبعد 1967م اكتسبت اسرائيل موقع الوكيل للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط حتى انتصار العرب عليها في 1973م التي أوجبت على أمريكا تدعيم هذا الوكيل الإسرائيلي، فأصبحت إسرائيل في موقع الحليف للسياسة الأمريكية في المنطقة، وبعد معاهدة السلام مع مصر تحولت اسرائيل لدور الشريك لأمريكا واستمرت على هذا، حتى انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة، لتدخل اسرائيل في دور المتوحد مع المصالح الأمريكية في العالم أجمعه. وأضافت د. نازلي أنه وامتداداً مع دور المتوحد مع أمريكا، وبعد أحداث سبتمبر حاول العقل الصهيوني العالمي إيجاد علاقة ربط قوية مع المصالح الأمريكية، فخلقت ما سمته أمريكا الإرهاب العالمي، وحاولت الربط بين أحداث سبتمبر وما عاناه الشعب الأمريكي، بالانتفاضة المقدسة في فلسطين، وأكد الإعلام الصهيوني على وجه الشبه بين المدنيين الأمريكيين والإسرائليين الذين يموتون كل يوم بيد الفلسطينيين، وبدأ شارون يمارس القتل ضد الفلسطينيين مؤكداً للعالم أنه يحارب الإرهاب، كما تحاربه أمريكا في أفغانستان ، وبذلك كسبت إسرائيل الرأي العام الأمريكي من ناحية، وتوسيع الأرض وارهاب الفلسطينيين من ناحية أخرى. حرب الإرهاب ومحور الشر وحول تداعيات حرب أفغانستان وما أسمته أمريكا بمحور الشر قالت د. نازلي أن أمريكا تحاول الآن بإعلانها الحرب ضد الإرهاب إن تخلق كيانات عسكرية تابعة لها وموزعة على مختلف بؤر الصراع في العالم لتحصد من جديد المكاسب المادية والسياسية، ولتبرهن على أحادية القوة العالمية، وتفرض ما تسميه العولمة الأمريكية أو أمركة العالم. وتحاول أمريكا خلق عدو غير ملموس مادياً أو عسكريا تسميه الإرهاب العالمي لتحاربه وتفرض سيطرتها على دول العالم. وانتقدت الدكتورة نازلي هذه الاستراتيجية العالمية مشيرة إلى أن أمريكا أضعف بكثير من أن تسيطر على العالم ماديا أو عسكرياً، مؤكدة أن ما أعلنه بوش الأب بعد انهيار الاتحاد السوفيتي حول ظهور نظام عالمي جديد له دستور تضعه أمريكا هو مجرد خيال لا صلة له بالحقيقة، فأمريكا التي تحاول فرض العولمة الاقتصادية لتفتح الأسواق العالمية، أو العولمة الاجتماعية والثقافية والسياسية لا تملك القوة أو الضمان لتفرض تلك العولمة على العالم بأسره، خاصة في ظل تنامي قوى عالمية أخرى مثل الصين أو اليابان قد تسدل الستار على الأحادية الأمريكية. وحول مقولة محور الشر التي أعلنها الرئيس الأمريكي بوش في الفترة الأخيرة تقول الدكتورة نازلي أنها مقولة تحمل خطة استراتيجية للسيطرة على المناطق الحيوية في العالم، فمثلاً عندما تقول واشنطن أن العراق أحد أركان هذا المحور، فهي لم تقصد العراق فقط، بل سوريا وليبيا، وترغب في ضم تلك الدول إلى قبضتها العسكرية وهو ما يؤمن مصالحها الاستراتيجية في تلك المناطق، وكذلك عندما تشير إلى كوريا الشمالية فهي لم تقصدها هي بالدرجة الأولى، بل تقصد الصين، لما يدركه القادة الأمريكان من قوة الصين الخفية، التي قد تكون نهاية لتفردهم على العالم. وتؤكد د. نازلي أن أمريكا على استعداد لإضافة الكثير لمحور الشر هذا فكل من يمتلك امكانات مادية أو عسكرية تهدد الأحادية الأمريكية فهو ضمن محور الشر سواء أفراداً أو دول. فلسطين بعد 11 سبتمبر وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية بعد أحداث 11 سبتمبر، تقول الدكتورة نازلي أن أمريكا بعد تلك الأحداث تفرغت لحربها ضد الإرهاب، وألقت بالقضية الفلسطينية في يد شارون واعتبرته الوحيد الذي يستطيع التفاوض مع العرب، وبدأ شارون على أثر ذلك اتباع سياسية تفريغ الأراضي الفلسطينية من حوله بقتل وإرهاب الفلسطينيين، الأمر الذي زاد من تعقيد القضية الفلسطينية بعد أحداث سبتمبر، وقطع التفاؤل الذي ساد لدى القادة العرب، بعد إعلان بوش في بداية حربه على الإرهاب، وقبيل توجيه ضربة عسكرية لأفغانستان، بضرورة قيام الدولة الفلسطينية الموحدة وتبني أمريكا لهذه الدولة. ذلك الإعلان الذي كان بمثابة الطعم الذي ألقته أمريكا لتكسب الرأي العام العربي، والتأييد الرسمي لحربها في أفغانستان، ولم يدر بعض القادة حين ذاك أن هذا الإعلان البداية المرة لحرب شارون ضد الفلسطينيين.