حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    الشيباني يحذر إيران من بث الفوضى في سورية    رغم الهدنة.. (إسرائيل) تقصف البقاع    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    تعزيز التعاون الأمني السعودي - القطري    المطيري رئيساً للاتحاد السعودي للتايكوندو    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    مليشيات حزب الله تتحول إلى قمع الفنانين بعد إخفاقاتها    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    جدّة الظاهري    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ارتفاع مخزونات المنتجات النفطية في ميناء الفجيرة مع تراجع الصادرات    وزير الطاقة يزور مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل    الأزهار القابلة للأكل ضمن توجهات الطهو الحديثة    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    وهم الاستقرار الاقتصادي!    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    البحرين يعبر العراق بثنائية ويتأهل لنصف نهائي خليجي 26    التشويش وطائر المشتبهان في تحطم طائرة أذربيجانية    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    حرس حدود عسير ينقذ طفلاً مصرياً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    ملك البحرين يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستقبل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بعد 11 سبتمبر
تقرير أعده ل « الجزيرة » أحمد حنون شارون ابتز الأمريكيين بتشبيه إسرائيل بتشكوسلوفاكيا إبان الحرب العالمية الثانية أمريكا بحاجة إلى العرب والدول الإسلامية أكثر بكثير من حاجتها لإسرائيل
نشر في الجزيرة يوم 11 - 08 - 2002

واقع الحال أن أحداث 11/ أيلول، قد شكَّلت منعطفاً مهماً وخطيراً على مستقبل العالم، ومهما يكن السبب ومن كان وراءها، وعليه فإن الحديث عن مستقبل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بعد 11/أيلول، لا يمكن فصله عن تاريخ العلاقة بينهما، وعن القضية الفلسطينية وعلاقات العرب مع أمريكا، وكذلك الحروب، والمتغيرات التي حصلت في العالم وبشكل خاص في المنطقة العربية، والانتفاضة الفلسطينية، ومناقشة إمكانية انفكاك العلاقة والتحالف الاستراتيجي الوثيق المشتق من وظيفة اسرائيل في المنطقة، والتي بدأت تتوسع كمختبر للصناعة النووية تربطها مع أمريكا، روابط وثيقة ومتجذرة، والولايات المتحدة الأمريكية تنطلق من مجموعة من المنطلقات التي تؤيد دعمها لاسرائيل والأهم تطور المنطلق الديني الذي كان مستتراً، والذي أصبح يتقاطع مع الفهم الصهيوني، على اعتبار أن فلسطين كما يزعمون أرض الميعاد المنتظرة للمسيح المخلص القادم، اضافة إلى تحليل موضوعي مدعم بأحداث تاريخية حول نقاط التحول التي أثرت في توجهات الادارات الأمريكية، وكذلك على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية والتي انعكست بدورها على القضية الفلسطينية والمنطقة العربية، وكذلك السيناريوهات المستقبلية لتطور أو تدهور العلاقات بينهما وخصوصاً في السنوات السبع العجاف القادمة.
حرص شارون على تشبيه الأحداث التي حصلت في أمريكا بما يحدث في إسرائيل وتشبيه الرئيس ياسر عرفات بابن لادن، الأمر الذي جعل الإدارة الأمريكية تنقل رسالة شديدة اللهجة عبر سفير إسرائيل في أمريكا بضرورة توقف شارون عن هذا التشبيه والتقليل من حجم الهجمات المروعة التي تعرضت لها أمريكا في 11 - أيلول فتوقف، وأصبح يشبه الرئيس عرفات بطالبان، إضافة إلى خطاب تشيكوسلوفاكيا الذي ألقاه شارون والذي دعا أمريكا بأن لا تضحي بإسرائيل من أجل العرب تمت التضحية بتشكوسلوفاكيا لهتلر في الحرب العالمية الثانية، والتي اعتذر عنها شارون لاحقا، والذي لم يؤد لاحقا، إلا إلى تبني أمريكا للخطاب الشاروني حرفيا.
أي أزمة بين واشنطن وتل أبيب!!!؟؟؟
رغم ذلك يستهوى الكثير من المراقبين والكتاب العرب واليهود، والمتفائلين توقع تدهور وشيك في العلاقات الإسرائيلية الأمريكية حسب كميل منصور «45» أو خسارة إسرائيل لتحالفها ولموقعها كحليف استراتيجي يسعى للحصول على دور شريك استراتيجي -أكبر- في الهيمنة على المنطقة العربية والعالم، وجزء هام وفعّال من حلف ما بعد 11 - أيلول «شأنها شأن بريطانيا» أو أن تكون أقرب، والترجيح بأن إمكانية انفكاك هذا التحالف النووي القوي والدعم اللامحدود لإسرائيل من قبل الإدارة الأمريكية بإلقاء تبعة فشل ما على التصلب الإسرائيلي أو إعلان اللوم على إسرائيل بالرغم مما كتب ألوف بن «46» حول زيارة شارون الثانية إلى البيت الأبيض، أوضح فيها بأن بوش عبّر عن نفاد صبره إزاء المماطلات الإسرائيلية وأن بوش أراد توضيح رسالة بأن واشنطن ليست في جيب إسرائيل، وكتب كثير من المحللين والسياسيين والبعض استبشر خيراً وكأن شيئا يلوح بالأفق البعيد أو القريب، والبعض حذر ولكن مناقشة مستقبل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية لا يمكن تحليله أو استعراضه من موقف صغير هنا أو هناك أو تصريح هنا أو هناك يعبر عنه لساعات أو لأيام من قبل الإدارة الأمريكية بعيدا عن تقديراتنا بمدى جدية الموقف أو مسرحيته أو أنها مجرد توتر سطحي ما يلبث أن يزول مهما بلغت الأمور من التضخيم وإبرازها بشكل يجعل منها وكأنها أزمة ومنعطف كبير، أما من الجانب الأمريكي فإن إسرائيل تتلقى الدعم اليومي عبر التصريحات الأمريكية حدث بلا حرج، وان المسؤولين الأميريكيين يتنافسون ويتبارون في الإدلاء بتصريحات الدعم والتأييد لإسرائيل ولليهود، وكذلك سن القوانين الداعمة لها مادياً وتكنولوجيا ومحاربة من يحاربها وإخراج أي حركة عن القانون وابتداع قانون حق الدفاع عن النفس لتبرير العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وممارسة الضغط الكبير على السلطة الوطنية ورئيسها ياسر عرفات، ووضع منظمة «حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وكتائب شهداء الأقصى» على قائمة المنظمات الإرهابية والشعب الفلسطيني بأسره والعرب والمسلمين على نفس القائمة، مقابل ذلك سكوت أمريكي عن المنظمات الصهيوية الإرهابية المتطرفة والجمعيات والمؤسسات الصهيونية العالمية، التي تدعم أنشطة متطرفة غير شرعية وغير قانونية، ولدعم المدارس الدينية التي تربي اليهود على الحقد والعنصرية والإرهاب وتدعم الجماعات العنصرية والتي أنشأت التنظيمات السرية الصهيونية، وتوفر الدعم المادي لبناء المستعمرات الإسرائيلية فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولتوسيع المستعمرات وخصوصا أن قرارات الأمم المتحدة تعتبرها غير شرعية وغير قانونية «47» وان مجلس الأمن قد دعا إلى تفكيك هذه المستعمرات. وهذا يتفق مع الموقف الذي أثاره وليم فوليرايت «48» في اعتبار تبرعات الجمعيات اليهودية المحولة من الضرائب الأمريكية تخرق كل القوانين الاتحادية التي تسمح بالإعفاء من الضرائب حين يوجه المبلغ المعفى إلى جمعيات خيرية تعمل لأغراض إنسانية وليس إلى دولة أجنبية تستخدمها للتسلح والعدوان «والمقصود هنا إسرائيل».
ولكن هل يمكن أن يكون تأثير الأقوال والتصريحات الإسرائيلية على العلاقات الإسرائيلية الأمريكية بنفس تأثير الأفعال، أو أن تتأثر بسبب قيام إسرائيل باعادة احتلال الأراضي التي تسيطر عليها السلطة الوطنية الفلسطينية، أو استخدام إسرائيل للطائرات والأسلحة الأمريكية في قصف المدن الفلسطينية وعمليات الاغتيال وقتل المدنيين الفلسطينيين، وقصف مخيم قانا التابع للأمم المتحدة أو توسيع الاستيطان أو قصف الكنائس وتحديدا في بيت لحم وبيت جالا، أو حرمان المسلمين والمسيحيين من تأدية الشعائر الدينية، أو اغلاق مدينة القدس في وجههم وانتهاك الحقوق المدنية واتفاقية جنيف الرابعة، رغم قرار مجلس النواب والكونغرس الأمريكي سنة 1922م الذي تعهد بحماية الأماكن المقدسة والتعهد أنه لن تحدث اية إساءة للحقوق المدنية والدينية للمسيحيين والطوائف الأخرى غير اليهودية، انه سيتم حماية الأماكن المقدسة والمعابد الدينية بطريقة مناسبة، الأمر الذي يعني بأن أمريكا مطالبة ومتعهدة بتدخل فعال لحماية حرية العبادة والأماكن المقدسة «49»، وكذلك فرض حصار اقتصادي شبه مطلق من قبل حكومة إسرائيل وإغلاق الأراضي الفلسطينية ومنع التنقل، وممارسة الاغتيالات اليومية التي تنفذها إسرائيل وقيام إسرائيل بممارسات عنصرية قهرية احتلالية تحمل ظلما كبيرا على الشعب الفلسطيني الواقع تحت الظلم والاحتلال، أو حتى قيام العرب في قمة 1996م واعتبار السلام خيارا استراتيجيا للعرب، أو القيام بهجوم سلمي سياسي كما فعلوا في القمة العربية الأولى 2001م في القاهرة، وكما هي المبادرة المصرية الأردنية لإحراج إسرائيل أو رفض مبادرة الأمير عبدالله، ووضعها في موضع الرافض والمصعّد للوضع في رفض تطبيق تقرير ميتشل الذي لم توافق عليه إسرائيل ضمن الخطة، أو حتى تفاهمات تينيت، أو حصار الرئيس الفلسطيني أو قصف مكتبه وطائراته في غزة، أو رفض إسرائيل تطبيق أي قرار يصدر عن مجلس الأمن والأمم المتحدة، أو حتى عدم السماح له بحضور القمة العربية في بيروت نهاية آذار، أو عدم موافقتها على عرض السلام العربي المعبر عنه بمبادرة الأمير عبدالله، أو حتى قيام حكومة شارون «المجرمة» في ارتكاب افظع المجازر ضد الشعب الفلسطيني كما حصل في مخيم جنين والبلدة القديمة من نابلس أو أي مجزرة لاحقة إضافة إلى إعادة احتلال المدن الفلسطينية واحتجاز الرئيس عرفات في مكتبه المحاصر الذي تحول إلى ثكنة عسكرية، كما حولت الأراضي الفلسطينية المحتلة بأسرها إلى سجن كبير للفلسطينيين وفي فترات سابقة طلبت الإدارة الأمريكية من إسرائيل سحب قواتها فوراً من المدن الفلسطينية المحتلة حتى عندما قامت حكومة شارون وجيشه بإعادة احتلال مدينة رام الله ليلة 28/2/2002م أو لاحقاً بتواريخ متلاحقة المركز الرئيسي للسلطة الوطنية والوزارات المدنية وفيها مقر الرئيس عرفات المؤقت، والمقار الرئيسة للأجهزة الأمنية السيادة للسلطة الوطنية فقد استمرت إسرائيل في عملياتها العسكرية وتوغلها واحتلالها للمدينة رغم الطلب الأمريكي المباشر من قبل وزارة الخارجية ووزير الخارجية بضرورة الانسحاب من مدينة رام الله حتى وصول الجنرال زيني مبعوث الرئيس الأمريكي لتطبيق وقف إطلاق النار وتطبيق اتفاق ميتشل ونمت نفس الدعاية والنغمة المعهودة بأن إسرائيل لا تنوي الاستمرار في احتلال المدن الفلسطينية أو البقاء فيها، ونفس النية التي أعلنتها إسرائيل سنة 1967م بعد احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية والقدس والأراضي العربية بأن إسرئيل لا تنوي البقاء في الأراضي الفلسطينية والعربية والتي مازالت تحتلها بعد 35 عاما، وهذه الحقيقة يستنتجها الكاتب اليهودي ريتشارد كوهين في الواشنطن بوست حيث ينقل ما أسرّ له به مسؤول إسرائيلي كبير من أن إسرائيل عادت إلى الضفة الغربية وتنوي البقاء فيها.
ويعرض كوهين لحجج المسؤول الإسرائيلي الذي يقول لم تنجح واشنطن في انهاء تنظيم القاعدة ولذا ستستمر في افغانستان. وإسرائيل ستبقى في الضفة تحت حجة ان الارهاب موجود..
ولكن لماذا لم تصل التراكمات ما بين الإدارة الأمريكية وإسرائيل إلى درجة المواجهة والقطيعة؟.
- كون هذه الأفعال تجد التبرير الأمريكي للذريعة الإسرائيلية «نتيجة لضغط اللوبيات المؤيدة لإسرائيل» وآذان صاغية أمريكية، وخصوصا في ظل التنسيق الفعال المستمر والمتواصل بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
- طبيعة اللعبة الديمقراطية في تداول السلطة بين المعارضة والسلطة سواء في أمريكا أو في إسرائيل، لا تساعد على نمو وتراكم أي خلاف، وخصوصا إذا كان المقياس والمعيار الذي يحكم الناخب الأمريكي هو مدى التعاطف والالتزام تجاه اليهود وإسرائيل.
- ان نشوء اختلافات وتباين في الرأي بين السياسيين الأمريكيين والإسرائيليين حول موضوع معين، لا يضع العلاقات الثنائية برمتها على الطاولة ولا يؤثر على مضمون العلاقة الأساسية الوثيقة.
- إن إمكانية أن يشذ رئيس أمريكي على قاعدة الدعم المطلق لإسرائيل غير واردة بالرغم من ان مارشال قد حذر من تأثير الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل على العلاقات العربية الأمريكية.
- ليس من السهل على أي إدارة أمريكية ان تقرر معاقبة إسرائيل، أو أكثر من ذلك بسبب الروابط التي تم الحديث عنها في المنطلقات.
- ان حكومة شارون الحالية قد حصلت على دعم وتأييد كبيرين من اليمين المسيحي الذي بدأت قوته ونفوذه بالتعاظم ومن إدارة بوش الجمهورية وقد زاد هذا الدعم والتأييد أضعافا مضاعفة نتيجة لأحداث 11- أيلول - 2001م.
- ضعف تأثير العامل الشخصي والانفعالات العابرة تجاه بلورة موقف ضاغط لصالح البرنامج الحزبي والعمل المؤسسي واستراتيجية الإدارة الأمريكية تجاه المنطقة العربية، ونفوذ مراكز القوى في مراكز اتخاذ القرار.
- أمريكا لم تتعرض مصالحها أو علاقاتها للتهديد أو الخطر نتيجة لمواقفها الداعمة لإسرائيل، ففي تصريح للملك عبدالله الثاني أوضح بأنه يشك بقوة حدوث الاعتداءات - 11- أيلول- لو تمت تسوية القضية بين الفلسطينيين والإسرائيليين رغم ذلك استطاعت ان تحتفظ بعلاقات مميزة مع العرب وتقدم الدعم لإسرائيل وان تفصل بين العلاقات العربية الأمريكية والعلاقات الإسرائيلية - الأمريكية.
- تراجع القوة السياسية لمنتجي النفط العربي في الولايات المتحدة الأمريكية حيث اصبح لا يشكل اداة ضغط سياسية فاعلة نتيجة للتعهد بعدم استخدامه لاحقا، وتقليل اعتماد أمريكا على النفط المصدر من اوبك والذي كان يمثل الحصة الكبرى «50».
- وأخيرا ان الصورة المرسومة للعرب عبر الإعلام الصهيو- أميركي، لا تساعد في اقناع الرأي العام الأمريكي للتحرك تجاه القضايا التي تخص العرب.
رغم ذلك الا ان العلاقة شهدت بعض مشاهد التوتر التي يمكن تلخيصها بالتالي:
- استخدم الرئيس ايزنهاور- والذي اتسم بالاعتدال التكتيكي سنة 1956م استراتيجية التدخل الفعال التي الذي إسرائيل على الانسحاب من سيناء وغزة.
- في سنة 67 إسرائيل لم تتورع في قصف سفينة التجسس الأمريكية ليبرتي عندما رصدت السفينة المذكورة مجزرة العريش حيث قتل الإسرائيليون نحو 500 أسير من أسرى الحرب المصريين.
- في عهد كارتر سنة 1980م بخصوص موقف الإدارة الأمريكية من الاستعمار الاستيطاني في الأراضي الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي.
- فترة حكم ريغان بعد حرب لبنان ووضوح مسؤولية الحكومة الإسرائيلية وشارون عن مجازر صبر وشاتيلا سنة 1982م وكذلك بيع خمس طائرات أواكس حديثة لأنظمة الانذار والسيطرة المحمول جوا:
Airborne Warning and Control System
للمملكة العربية السعودية رغم اعتراض إسرائيل عليها، وأيده غالبية أعضاء مجلس الشيوخ «51»
إدارة بوش الأب: حجب الرئيس بوش الأب لضمانات القروض «عشرة مليارات» عن حكومة اسحاق شامير واسقاطها وضرورة تعهد إسرائيل بعدم استخدام الأموال لصالح الاستعمار الاستيطاني، والتصريح الشهير لوزير الخارجية جيمس بيكر حينما أعلن رقم هاتف البيت الأبيض وأوضح بأن من يريد الاستمرار في العملية السلمية عليه أن يتصل بالرقم الذي أعلنه، والذي كان موجها لإسرائيل.
دور إسرائيل في أزمة الجواسيس بين البلدين
قيام إسرائيل بتزويد الصين بتكنولوجيا وصواريخ أمريكية الصنع.
النقوص الداخلي والفضائح التي أصابت الإدارات الأمريكية: من فضيحة وترجيت إلى إيران جيت إلى مونيكا جيت، وقلب ميزان القوى في مجلس الشيوخ الأمريكي لصالح الديمقراطيين وصولا إلى فلوريدا جيت القادمة واخيرا 11 ايلول جيت.
وهذا يجعلنا ندرك اننا أمام عملية تدهور تدريجي بطيء ظاهري طويل الأمد وليست سهلة المنال ويمكن أن يؤدي تراكم التوترات السابقة واللاحقة إلى تفجير أزمة حقيقية وخصوصا بعد الإعلان الهام من قبل الإدارة الأمريكية بأن الدولة الفلسطينية مازالت موجودة على جدول أعمال الإدارة الأمريكية- وان كان هناك كثير من الضعف في هذا الإعلان إلا انه تم الإعلان عنه في الأمم المتحدة، الأمر الذي فتح الباب أمام تصريحات متعاقبة بنفس المعنى لاحقا من باول وزير الخارجية- والذي أفهمه شارون على أنه نقطة تحول ومحطة هامة إلا أن القضية الفلسطينية تبقى بكل المقاييس الموضوع الساخن ونقطة احتكاك يمكن أن تتحول إلى نقطة خلاف يفجر توترا يمكن أن يؤدي إلى الاحتمالات التالية:
1 - حدوث أزمة أو توتر في العلاقات، أو ان تتمرد إسرائيل على الإدارة الأمريكية وتخرج عن التوجه الأمريكي لصالح المشروع الصهيوني، وان تقوم باحراج أمريكا والإضرار بمصالحها ومخططاتها وضعضعة الائتلاف الدولي المعلن تحت عنوان الإرهاب، حيث ان الظرف الأمريكي الحالي لا يحتمل أن يتكرر ما حصل من خلاف ما بين الإدارة الأمريكية وإسرائيل في عهد بوش الأب. وقد بينت إدارة الرئيس بوش الابن - المطعون بفوزه في انتخابات الرئاسة الأمريكية، والذي يتمتع بدعم شعبي واسع بعد 11 - أيلول - المشوشة والتي كانت متأرجحة بين الاستفادة من تجربة إدارة والده مع إسرائيل إبان حرب الخليج في عدم الضغط على إسرائيل وبين الضغط على إسرائيل الا انها حسمت الأمر بالضغط على الجانب الأضعف ونصرة إسرائيل، وخصوصا في ظل حالة التوحد التي تجلت بعد 11 - أيلول ومن خلال المنطلقات والبرامج المشتركة.
2 - ان حدوث توتر بالعلاقة بين إسرائيل وأمريكا لا يتوقف فقط على الدور الفعال الذي يمكن أن يقوم به الرئيس الأمريكي - يستطيع أن يقاوم اللوبي الصهيوني والكونغرس الإسرائيلي- الأمريكي ويفرض على إسرائيل موقف الإدارة الأمريكية والتوجهات التي تتخذها في سياستها تجاه القضية الفلسطينية وفي الوقت الذي تعرضت فيه أمريكا لهجمات على أرضها ومست كبرياءها وتفوقها واستعلاءها تبنت توجه الحسم العسكري تحت عنوان الإرهاب، الأمر الذي يتطلب تحشيد أكبر تجمع دولي لمساندة توجهها وحملتها وحربها، وبالأخص فهي بحاجة للدول العربية والإسلامية لإنجاح توجهها، ومقابل ذلك فإنها على استعداد لطرح موضوع الدولة الفلسطينية على جدول أعمالها، وهذا ما صرح به الرئيس الأمريكي بأن الدولة الفلسطينية كانت حاضرة لدى الإدارة الأمريكية، وهذا التصريح «الطعم» الهام اعتبر بمثابة خطاب أبيض من قبل الرئيس الأمريكي وأن حكومة شارون قد فهمته على أنه كتاب أبيض أمريكي للشعب الفلسطيني كالذي أصدرته بريطانيا عام 1939م «52» والذي جعل الزعماء الصهاينة يبحثون عن حليف جديد، وشكل نقطة تحول استراتيجية في العلاقة التي اتجهت بعد ذلك إلى أمريكا وريثة الإمبراطوريات وهذا ما جعل شارون يصاب بالجنون ووجه خطابا شديد اللهجة خطاب تشيكوسلوفاكيا، رغم أن خطاب بوش لم يصل لدرجة الوعد القاطع الملزم ولكن خطاب باول في جامعة كنتاكي بتاريخ 19/11/2001م جاء أوضح «53»، وخروج هذا السيناريو كما غيره من السيناريوهات الأمريكية المخزونة في الأدراج الرئاسية في البيت الأبيض اصبح مستبعداً بسبب ان الحملة على ما يسمى بالإرهاب قد قطعت شوطا طويلا واصبح العرب هم المتهمون به، ولا يوجد لزوم لموافقتهم على استمرار الحملة وخصوصا ان الإدارة الأمريكية تتصرف بشكل احادي، وفي الإطار الأوسع ضمن محور ما بعد 11 - أيلول.
3 - صدور إعلان أمريكي يعلن موقفا واضحا في إدانة ممارسات الحكومة الإسرائيلية والموافقة على الدولة الفلسطينية، أو صدور قرار عن مجلس الأمن بهذا المعنى وعلى أرضية مبدأ الرئيس الأمريكي ويلسون في حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها، وهذا أيضا مستبعد.
4 - استخدام الإدارة الأمريكية لاستراتيجية التدخل الفعال ضد إسرائيل، كما فعل الرئيس الأمريكي ايزنهاور «1953 - 1961م» الذي أعيد انتخابه لفترة رئاسية ثانية، أمر غير وارد ضمن الوضع والمعادلة الحالية.
5 - استخدام الإدارة الأمريكية الحالية استراتيجية التدخل الفعال ضد العرب والفلسطينيين وتجاهل العقدة الأولى في الموضوع وهو الاحتلال، وهذا عمليا قد بدأ من خلال تفويض بوش لشارون بتوسيع الحملة العسكرية على الفلسطينيين، والتحضير لضرب العراق.
6 - ان تتجاهل كليا ما يحدث من تدهور في المنطقة نتيجة للعداون الإسرائيلي أو الإبقاء على سياسة إدارة الصراع وإطفاء الحرائق واطالة عمر الاحتلال هذه السياسة أدت إلى فشل جولة تشني نائب الرئيس، وأوجدت موقفا عربيا معارضا للمخطط الاستراتيجي الأمريكي في ضرب المحور الإيراني السوري العراقي، وفي إقامة نظام عازل موال لأمريكا في العراق على غرار أفغانستان وكذلك فشل باول وزير الخارجية الأمريكي في دفع العرب لإدانة المقاومة الفلسطينية، وان كان قد تم لاحقاً.
خطاب الرؤيا الأمريكية
أمام الواقع الحالي الصعب والمعقد جدا الذي يصعب معه استقراء المستقبل بالنسبة للقضية الفلسطينية على ضوء التصريحات الرئاسية الأمريكية- السابقة واللاحقة- لم يرق خطاب الرؤيا الأمريكية الذي ألقاه الرئيس الأمريكي بتاريخ 24/6/2002م في واشنطن إلى موقف حزب العمل الإسرائيلي أو حزب ميرتس أو .. وحسب يوسي سريد رئيس حزب ميرتس ان خطاب بوش جاء مخيبا للآمال، ووصف وزير الاتصالات الإسرائيلي ريفي ريفلين، أن خطاب بوش كان يمكن أن يكتبه عضو في الليكود«54» ولقي الخطاب الأمريكي ترحيبا اسرائيليا على كافة المستويات وكانت الفرحة عارمة إلى حد أن وزير الأمن الداخلي «عوزي لانداو» اقترح منح الرئيس بوش وسام عزيز الصهيونية، بل إن اليمين الإسرائيلي أعلن أن شارون ذاته ما كان ليكتب هذا الخطاب بأفضل مما فعل بوش، وكذلك ترحيب القوى والمنظمات المؤيدة لإسرائيل، فالخطاب المذكور يمثل انتصارا صريحا لأفكار شارون، وطالبت الصحافة الإسرائيلية بمنح الرئيس الأمريكي وسام الصهيونية اعترافا بدوره في مساندة إسرائيل «55» رغم ذلك لقي ترحيب الرئيس عرفات والقيادة الفلسطينية- والذي لم يلق نفس الترحيب عربيا - والخطاب بمثابة اتفاق استراتيجي أمريكي إسرائيلي جديد وإلغاء لأي تعهد سابق أو مرجعية دولية- قرارات الأمم المتحدة- وترجمة لنقطة التحول الكبرى - الايجابية- التي طرأت لصالح الدور الإسرائيلي العالمي على حساب الفلسطينيين والعرب، ذلك في الوقت الذي حققت الانتفاضة الفلسطينية انجازا هاما ومهما على المستوى العربي والأوروبي والأمريكي والروسي وفي أروقة الأمم المتحدة- حيث تشكل ائتلاف عريض في دوربان يمكن أن يشكل نواة حركة عالمية لعولمة الانتفاضة الفلسطينية- واعادة طرح القضية الفلسطينية وبقوة على الأجندة الدولية.
وفي هذا الاتجاه فقد سؤلت السيدة ميشال ستاينبرغ عن الخطاب الأخير للرئيس بوش الذي فاجأ حتى الإسرائيليين بمدى انحيازه لإسرائيل هو من الآثار الملموسة للنفوذ الذي يمارسه اللوبي المسيحية الصهيونية؟.
فأجابت ميشال ستاينبرغ: إن الخطاب الأخير للرئيس بوش كان تطوراً سيئاً بالنسبة للأمريكيين لأن هناك مليارات الدولارات توجه إلى الحركة الصهيونية المسيحية وهي حركة متطرفة جداً وليست هي وسطية، وهذا يعود أيضا إلى أنها هي حركة متطرفة جداً وليست هي وسطية، وهذا يعود أيضا إلى أنها هي حركة سياسية تضم المليونيرات الكبار في البلاد ولها أيضا معارضون كثر في الولايات المتحدة لأن العداء الذي أظهره الرئيس بوش تجاه الرئيس عرفات لا يعكس مشاعر الشعب الأميركي فهي حملة يقوم فيها الصهيونيون المسيحيون بجمع ملايين الدولارات للتأثير في هذا الاتجاه «56».
الموقف العربي
الواقع انه لا يمكن البحث في مستقبل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية دون الحديث عن علاقتها بالقضية الفلسطينية وفلسطين والعرب والمنطقة العربية، ولكن الغريب أن أمريكا ومنذ العام 1948م وضعت إسرائيل فوق كل الاعتبارات المصلحية مع العرب، رغم ذلك احتفظت بعلاقات جيدة مع العرب دونما وجود تأثير وضغط فاعل عربي وإسلامي، لاستثمار علاقة التحالف المفترضة بين العرب وأمريكا ابتداء من الدفاع المشترك في زمن ايزنهاور وصولا إلى جورج بوش الابن المرشح الموثوق عربيا للوصول للحكم، والذي جاء ناسفا ومخفضا لسقف التوقعات العربية من الدور الأمريكي المعادي- من أجل إخراج توجه الدولة الفلسطينية إلى طاولة الرئيس ووضع حد للانتهاكات الإسرائيلية، رغم وجود فرص مواتية لذلك خصوصا ان الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر يتحدى أي زعيم عربي طالب إقامة دولة فلسطينية، الأمر الذي كان يمكن لإدارة كارتر دراسته بشكل جدي على ضوء حالة الركود والتباطؤ الاقتصادي التي كانت تعيشها أمريكا نتيجة لسباق التسلح ومشاكل اقتصادية أخرى واستمرار إسرائيل في احتلال الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس، وخصوصا أن المؤشرات تبين بأن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية بما فيها القدس هو المسبب الأساسي للتوتر الأمني والحرب في المنطقة وكذلك نقطة احتكاك دموية، تأثير على الشارع العربي حيث تصبح حركة الشارع أداة ضغط على الدول العربية وعلى العلاقات العربية الأمريكية، وبالمقابل ان إسرائيل التي تتمتع بعلاقات متجذرة وثابتة وقوية لا تتأثر بالتقارب بين الدول العربية وأمريكا - لأن العرب ليسوا موضع ثقة الأمريكان - حيث إن إسرائيل شريك استراتيجي لأمريكا، وتحظى بالأفضلية الأولى وتلعب دورا استراتيجيا أمنيا وعسكريا في المنطقة على المستوى الدولي وتمتلك ترسانة نووية ضخمة، وتريد إسرائيل لنفسها كل شيء دونما أن تدفع ثمنا لذلك ودونما حل القضية الفلسطينية التي تشكل محوراً خلافياً.
ومع ذلك فإن الإدارة الأمريكية اشترطت على العرب إدانتهم العلنية للعمليات الفدائية التي تستهدف الإسرائيليين داخل الخط الأخضر، وهذا ما فشل في تحقيقه كولن باول أثناء جولته إلى المنطقة لتهدئة الاحتجاجات في الشارع العربي على السياسة الأمريكية والعدوان الإسرائيلي، بينما نجح الرئيس الأمريكي بوش في ذلك وأعجبه هذا السيناريو بأن يتعامل مع الفلسطينيين من خلال العرب، الأمر الذي أثار إعجاب شارون أيضا وليس بعيدا عن المطالب الأمريكية الاشتراطات الإسرائيلية بضرورة إصلاح السلطة الوطنية الفلسطينية التي لها أغراضها الخاصة فيما يتعلق بموضوع الإصلاح والتي تأتي في سياق سلسلة من المطالب والاشتراطات اللامحدودة لتشكيل ذرائع إسرائيلية لعدم الدخول في مفاوضات حول الوضع الدائم أمريكا يأتي في إطار التشكيك في أداء القيادة والسلطة الفلسطينية بعد أن فشلت في ذلك بالنسبة للرئيس الفلسطيني المنتخب عرفات- رغم المحاولات المستمرة لعزله- والتصريحات الأمريكية بوصف القيادة الفلسطينية بأنها غير مؤهلة وان الرئيس عرفات لم يعرف كيف يكسب ثقة الرئيس الأمريكي بوش الابن، أو انه خيب آمال شعبه.. إضافة إلى تصريحات بقية أعضاء الإدارة الأمريكية التي توسعت للحديث عن القيادة الفلسطينية بشكل عام وبنفس الأوصاف إضافة لتحميل الرئيس عرفات أولا والقيادة مسئولية أي عملية ضد الإسرائيليين، الأمر الواضح أن بوش قد تبنى كل ما صدر عن حكومة شارون.
وتأتي هذه الاشتراطات في إطار مشروع انتداب ووصاية على الشعب الفلسطيني يتناسب مع الأجندة الإسرائيلية والمطالب الأمريكية، وان إسرائيل هي الدولة الديمقراطية المؤهلة بالتعاون مع أمريكا للحكم على مدى نجاح الفلسطينيين، ومتى ستكون القيادة الفلسطينية والرئيس عرفات مؤهلين، نتائج هذا الامتحان ليست مضمونة فلسطينيا وخصوصا إذا ما تم ترجمة موضوع التدمير غير المبرر الذي قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي، في ضرب كل المؤسسات والدوائر والوزارات «البنى التحتية والفوقية» وتدمير مقرات أجهزة الأمن الفلسطينية الأمر الذي يتضح منه بأن حكومة إسرائيل كانت تقصد تدمير كل ما تم تدميره، وكذلك ما لم يتم تدميره حتى الآن وهو السلطة الفلسطينية بكاملها وبرموزها والإطاحة برئيسها.
الوضع العربي بعد 11 - أيلول لا يقل سوءا عن سابقه الأسوأ، والسياسة الإسرائيلية والأمريكية تجاه الفلسطينيين ليست قدرا محتوما وبالإمكان تغييرها ومقاومتها وإفشالها وهذا متوقف على الدور العربي مقابل الدور الذي تلعبه وتأثر به إسرائيل في ميزان المصالح الأمريكية الأمر الذي يعني بالضرورة وجود تأثير فعال وموقف عربي وإسلامي موحد وخطاب موحد للعرب يتناسب مع وزنهم حيث إن الأمة العربية تشكل الرافعة الحقيقية والعمق الإستراتيجي وان فلسطين تقع في قلب المصالح الحيوية العربية وخط الدفاع الأول.
وما تمثله مصالحهم من أهمية في الميزان الأمريكي هي أكثر منه وأهم بالنسبة لأوروبا وليس المقصود هنا النفط بالرغم من أهميته- أمريكا أن تفهم اللعبة السياسية والمبنية أصلاً على أرضية المصالح وحسب ريتشارد هاس في مقالته في مجلة فوزن افيرز، في تشرين الأول 1999م «57» ان صوت المرحلة يقول ليس هناك تحالف ابدي بل مصلحة أبدية حيث ان الثابت في السياسة الأمريكية هو دعم ومساندة إسرائيل ولكن الثابت في السياسة بشكل عام هو المتغير الذي يؤثر على أمريكا نفسها يستدعي تعديل وتغيير استراتيجيات وتحالفات، ونحن نعيش بعالم مليء بالمتغيرات، يشهد تحولات سريعة وثورة تكنولوجيا المعلومات، وعولمة لكل شيء لأن من يحدد الماضي يبلور الحاضر ويرسم المستقبل، ولكن هل سينجح العرب في حث أمريكا على استخدام استراتيجية التدخل الفعال لحل القضية الفلسطينية وإقامة الدولة في ظل التصلب الإسرائيلي واستمرارها في احتلال الأراضي الفلسطينية، الأمر الذي نجحت فيه إسرائيل بمخطط ضرب الفلسطينيين، ام ان الإدارة الأمريكية قد ذهبت نحو ديك أرمي عضو مجلس النواب عن الحزب الجمهوري في الاقتراح ان على الفلسطينيين لا الإسرائيليين ان يكونوا الطرف الذي يتنازل عن الأرض مقابل السلام، وإفشال التوجه العربي نحو الضغط على أمريكا «58» وعدم الانصياع للرغبة الدولية والأمريكية أولا بالانسحاب من أراضي السلطة الوطنية ومن الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 67، والمهم وجود إرادة حقيقية عربية لطرح خطة سياسية متكاملة وتحرك ضمن إطار وجدول زمني لحل القضية الفلسطينية مع الأخذ بعين الاعتبار عامل الوقت لأنه عامل هام وهام جدا، لان أمريكا سيدة العالم - حاليا- وقد تورطت بحرب ممتدة دائمة ومفتوحة وشاملة ومتشعبة ومعقدة لا تستطيع وحدها خوض هذه الحرب المجنونة، وكذلك تحمل التبعات المالية لهذه الحرب التي لا ندري هل ستستطيع أمريكا ان تستمر في تزعمها للعالم فترة أطول، والحفاظ على نفوذها وإمبراطوريتها، وفتح جبهات جديدة يبدو أنها تورطت في الدخول إليها وتخطط لغيرها، حيث إنها أعلنت كوريا الشمالية وإيران والعراق محور الشر بالعالم إضافة إلى أن أمريكا تفكر بشكل استراتيجي مستقبلي بضرب تسع دول منها سوريا وليبيا وروسيا والصين ولبنان إضافة إلى الدول المسماه بمحور الشر بقنابل نووية أعدت خصيصا بناء على طلب خاص من وزارة الدفاع والرئيس الأمريكي والذي كشف النقاب عنه في الصحف الأمريكية، وهذا يضع أمام العرب سؤالا كبيرا لماذا العرب أصدقاء أمريكا يحتلون النسبة العليا في توجيه الضربات لهم من أمريكا مستقبلا، ولمصلحة من تستعدي أمريكا العالم وتفرض الأحكام العرفية على دول وشعوب العالم وهي سيدة العالم ولا ينافسها أحد ولا تهدد مصالحها دول العالم، ولديها 3200 قاعدة عسكرية في العالم موزعة على 100 دولة في العالم من أصل 189 دولة «59» والكل يسعى للحصول على الرضى الأمريكي؟ أم أنها ضحية وخديعة كبرى؟
ان القعود العربي عن الفعل لدواعي الخوف أو المبالغة في تقدير ردود الفعل خلق استهتارا لدى المجتمع الدولي بالعرب إضافة لرهان العرب على أمريكا التي تربطها بإسرائيل علاقات قوية ومتينة أشبه بالحبل السري الذي يصل الطفل بالأم وان إسرائيل لا تخشى من دول العالم إلا الولايات المتحدة، ولم يأت رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يقول «لا» لأمريكا فهي تحتمل الضغوط طويلا ما لم تضغط عليها أمريكا وما دامت سيدة العالم، ولكن أمريكا القوية تتذرع في ضرورة توفير أمن لإسرائيل أو عجزها من ممارسة ضغط على إسرائيل بسبب ما تقدم لا بل منحتها تفويضا غير مسبوق لشطب ما تستطيع من الملف الفلسطيني ولكن من يدرك منطق الأشياء والتاريخ، يعرف بأن الدعم الأمريكي غير المحدد وغير العادي الذي تحظى به إسرائيل ستجعل من رئيس حكومتها القادم أقوى رئيس حكومة يحكم إسرائيل بسبب الدعم المقدم لإسرائيل واليهود شعبيا ورسميا في أمريكا، الأمر الذي سيجعل من أي إدارة أمريكية قادمة ان تكون غير قادرة على الضغط على إسرائيل، واذا استطاعت الضغط فإنها لن تضمن النتائج وخصوصا أن الرئيس الأمريكي المتوقع والمحتمل القادم هو يهودي أمريكي من الحزب الديمقراطي يحظى بدعم واسع وان يتناوب حزب العمل السلطة في إسرائيل - عندها فان اللوبي الصهيوني يكون قد حقق قفزة في الهواء غير مسبوقة في احتواء أمريكا من الداخل أو ان يعود بوش الابن للحكم مرة ثانية وهذا يضمن أيضا بقاء شارون على الطرف المقابل، وأورد توم هامبرجر وجيم فاندهيل «60» أن الرئيس بوش استغل المناخ السائد في الأوساط المسيحية ليقف مؤيد لإسرائيل بالكامل ذلك في الوقت الذي كان مؤيدو إسرائيل ينظرون إلى الديمقراطيين اللبراليين باعتبارهم الحصن الحصين للدعم الأمريكي فوجدوا دعما مماثلاً من جانب المسيحيين المحافظين الذين كانت تحوم حولهم الشكوك في الماضي فيما يتعلق باللاسامية، الأمر الذي يفسر أكثر من عامل آخر، لماذا لا يمارس البيت الأبيض الذي يسيطر عليه الجمهوريون ضغوطا تذكر على إسرائيل للحد من حملتها ضد الفلسطينيين.
السنوات السبع العجاف.. السيناريو الأسوأ
بعد 11 أيلول مازالت المنطلقات التي تنطلق منها العلاقات الأمريكية الإسرائيلية كما هي عليه، ولكن برعاية أكبر نتيجة لما خلفته أحداث 11 أيلول من تحول داخل الرأي العام الأمريكي وكذلك رفع نسبة الأميريكيين المهتمين بالسياسة الخارجية، وتولد شعود لدى الأميريكيين بأن هذا النوع من التهديدات هو الذي تواجهه إسرائيل خلق تعاظما في التعاطف ووحدة الحال بين أمريكا وإسرائيل وخلق حالة من التوحد الديني والتوجه بشكل أكبر نحو اليمين بحيث أصبح اليمين المسيحي يمينا سياسيا مختلطا ومتوافقا مع الطرح الصهيوني اليهودي الديني، وأضحى يمثل موقف الغالبية للرأي العام الأمريكي، وتأسيسا على ما سبق فان كل الاحتمالات والخيارات صعبة ومرة أمام العرب، وما يعرفه العرب انه رغم ذلك فان المطلوب لحمل الولايات المتحدة على مغادرة موقعها المحابي لإسرائيل، المنتقد لفظيا - في بعض الأحيان - للممارسات الإسرائيلية إلى التدخل الفعال بممارسة الضغط السياسي المباشر على إسرائيل كما فعلت إدارة ايزنهاور سنة 1956م يحتاج من العرب والفلسطينيين تغيير الأدوات القديمة ورسم الخطط والاستراتيجيات وتحديد البدائل للاستفادة من وجود زعيم واحد للعالم يمتلك القوة والأدوات يستطيع الضغط على إسرائيل، وان إسرائيل لا تستطيع ان تتجاهل رغبته مادام قويا يدرك أيضا ان إسرائيل متمردة آجلا أم آجلا على السياسة الأمريكية. أو أن أمريكا واقعة ضحية لإسرائيل وان يشق العرب طريقهم عبر موقف مستقل وثابت بفرض مقاطعة سياسية على واشنطن لا تراجع عنها، اذا لم تستجب لمطالبهم وتراعي مصالحهم الحيوية، والتي تقع فلسطين في قلبها، ولان عدم قيام العرب بخطوة جادة لوضع حد للنزيف سوف يهدد سلامة الجسد العربي والشعوب العربية والسيادة والنفط العربي والحرية والأرض العربية، ويتهددهم بالفقر والمرض والاحتلال الجديد والوصاية والاستبداد الأمريكي الإسرائيلي، وعودة للدفيئة الأمريكية وللتبعية ومشاريع التقسيم، لذلك فليس أمام العرب ما يخسروه لان بانتظار العرب والفلسطينيين سبع سنوات عجاف قادمة على الأقل تتعطل معها السياسة والدبلوماسية الأمريكية الغارقة في الحسم العسكري لفرض الهيمنة الاقتصادية والسيطرة على العالم، والنقوص الداخلي واستخدام إسرائيل لمنطلقات القوة لتحقيق مصالحها وأطماعها في قيادة الرأي العام الأمريكي والسيطرة على اليمين المسيحي والسيطرة على الإدارة الأمريكية من داخل البيت الأبيض الذي من المتوقع أن يسكنه اليهود بعد اليمين أو يسكنه اليمين مع بعد اليمين، وان تستثمر- حكومة شارون- وظيفتها كدولة مرتبطة بمهمات محددة لتنفييذ استراتيجياتها وتحقيق أهدافها التوسعية الصهيونية من جديد وتحت التأثير الكبير للوبي المسيحي الصهيوني الذي يتربع على زعامة النشاط السياسي والإعلامي الرامي لخدمة مصالح إسرائيل، ويشكل مركز ثقل كبير وفاعل، عندها ستدرك أمريكا بأن مارشال - وزير الخارجية الأمريكي وصاحب مشروع مارشال الشهير- كان على حق، رغم ان الرئيس ترومان أزاحه ليحل محله دين اتشيسون «صاحب مصطلح الحرب الباردة» «61» ولكن بعد ان تخسر كل العرب، وتكسب عداء الشعوب وترضي نفسها وإسرائيل التي ستنشغل بحليفها الجديد المؤهل للزعامة العالمية، بعد ان تكون قد استنفدت حليفها الأمريكي الذي سيصبح قديما قدم الأسطول السادس الأمريكي وتكون امريكا ضحية احتوائها واحتلالها من الداخل وضحية للاستقواء والاستبداد من قبل صانعي السياسة حتى آخر مصلحة، وتتحول عنها كما تحولت سابقا من علاقتها مع بريطانيا التي خاضت ضدها حرب عصابات، بعد ان اشتد عود العصابات الصهيونية، ولاحقا فرنسا المتهمة بمعاداة السامية لأنها تحلم بمشروعها الصهيوني الذي يأمل فرض القوة والنفوذ على العالم، بعد أن بدأت معالم الشيخوخة المبكرة والتشتت والضعف الاقتصادي واستفحال الركود الاقتصادي وانهيار المؤسسات المالية والشركات الأمريكية تظهر على الإمبراطورية الأمريكية المستنفدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.