كثيرا ما تحفل مجالس الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني رعاه الله بالعطاء الوطني، والغنى الفكري، والشجاعة السياسية التي تكاد تفقد في هذه الأيام العصيبة من حياة الأمة العربية.. سواء منها ما كان على مستوى الزعماء السياسيين أو قادة الفكر والرأي والأدب. تفرد سمو الأمير عبدالله عن سائر الزعماء العرب بالاحتكام الى الرأي الشجاع، وصدق الخطاب الفكري، وسلامة الرؤية الوطنية، وصراحة الموقف من قضايا الأمة العربية والاسلامية.. لاسيما في القضية الكبرى.. قضية فلسطين. وعرف العرب والمسلمون والعالم ان المملكة العربية السعودية؛ وعلى رأسها قائد مسيرتها وباني حضارتها.. خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز متعه الله بالصحة والهناء وعضده الأشد وصنوه سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز قد أصبحت كلمتها هي الكلمة الأولى المسموعة، والمحترمة، والمحسوب حسابها لدى الدول التي تحترم القوي وقوته.. ولا تأبه بالضعيف، أو المتخاذل.. أو الخائف على الفتات الذي تمده به بعض الدول الكبرى.. لتكسب سكوته أو حياديته تجاه قضية الأمة الأولى.. والرئيسة. دعاني إلى هذا القول ما حصل في الجلسة الثقافية الكبرى في بيت سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بعد ظهر السبت الماضي حيث كرم سموه كعادته كل عام ضيوف الجنادرية.. أو «المهرجان الوطني للتراث والثقافة ال 17». واستمرت جلسة الأمير مع ضيوفه والمدعوين من الساعة الثالثة والنصف حتى الخامسة والنصف.. بمعنى ان غداءنا لدى سموه صار بمثابة افطار لو كنا صائمين.. وما أطال تلك الجلسة المؤطرة بالحكمة والحنكة السياسية التي يتمتع بها سموه إلا رحابة صدره وسعة أفقه، ورغبته في افساح المجال لكل من أراد ان يعبر عن مكنون رأيه، وخلجات نفسه، سواء بما ألقي من كلمات رائعة ككلمة فضيلة الدكتور الشيخ القرضاوي، والشيخ محمد النعماني مستشار وزير الثقافة الايراني أو بتلك القصائد التي تلتها.. وإن كان للحاضرين عتب على الشعراء.. فهو في إطالة تلك القصائد.. حتى وان كانت على مستوى لا بأس به.. إلا أن الاطالة مملة.. خاصة ان الحاضرين مكثوا في كراسيهم.. أكثر من ساعتين.. وهو وقت مرهق لسمو الأمير الذي جاء من دوامه الرسمي.. الى هذا الدوام «التطوعي» جزاه الله خيراً. ولقد حفلت كل الكلمات والقصائد بالهجوم والغضب المتأجج من العدوان اليهودي والتأييد الأمريكي لهذا العدو الهمجي الذي يمارسه شارون «والمتشرورون» ضد الشعب الفلسطيني الأعزل إلا من إيمانه بالله وأن الله لا محالة ناصره، ولكن بعد امتحان قاس ومعاناة أشد لكي يكون النصر ألذ وأجمل. ولقد هزتني وكل الحاضرين الجمل والعبارات المنتقاة في كلمات واجابات سمو الأمير عبدالله، السياسية الحكيمة، وما يتصل بالعلاقات العربية والاسلامية. كما توالى على الميكرفون عدد كبير من المثقفين العرب المدعوين لهذا المهرجان بأسئلة سياسية محلية وعربية ودولية.. وكانت اجابات سموه باعثة على الأمل واستشراف المستقبل الأفضل، بإذن الله، ولذلك أخذت حماسة الحاضرين فصفقوا لكلماته بالرضى والقبول والشكر والتقدير. ولقد جاءت كلمة الشيخ القرضاوي بمثابة رد على تصريحات وزير خارجية عربي حاول كما يفعل شارون إشاعة الهزيمة على الأمة العربية.. وانه لم يعد لديها سوى استجداء نصرتها من أعدائها.. بمعنى أنه لا داعي للمقاومة الفلسطينية، ولا للثبات العربي الاسلامي على المطالبة باسترداد الحقوق والأراضي المغتصبة وتحريرها من الاحتلال سوى ما تجود به أمريكا واسرائيل من فتات مائدة الحق المضيَّع. وعلى كل حال فعذر الأمة العربية والاسلامية من وعود الله التي لا تخلف ما يطمئنها ان العاقبة الحميدة لها آتية لا ريب فيها.. ولقد أفاض الشيخ القرضاوي في ذلك أيما إفاضة. ويبقى الأمر كما قال سمو الأمير عبدالله رداً على أسئلة الصحفيين ذات يوم حول الحملة الاعلامية الأمريكية على المملكة «القافلة تسير.. وهم يعرفون باقي الكلام». حفظ الله ديننا وأمتنا وبلادنا من كل سوء.