في العالم البراغماتي المعاصر ليس كل ما تراه وتسمعه هو الحقيقة والغاية والهدف فالسهم واحد والغايات متعددة والانتخابات الأمريكية 2020 لم تخرج عن هذا المسار والمقصود بالاستثمار الانتخابي هو اعتبار الاستحقاق الانتخابي كموضوع استثماري ربحي بقطع النظر عن الغايات السياسية والاجتماعية والثقافية والسؤال هنا من المستثمر وماهو الجمهور أو الشريحة المستهدفة بهذا الاستثمار وما مدى ربحية هذا القطاع الناشئ عن مجال كان يعرف دائما بالأكثر بعدا عن الربحية والاتكال على الآخر الخارجي والداخلي دون مخرجات مالية وإنما ديون تغرق الأحزاب والأشخاص مما يجعلهم عبيدا في قراراتهم وخياراتهم للدائنين في هذه المحطة. الانتخابات الأمريكية 2020 تحققت لها مشهدية جاذبة على خلاف الاستحقاقات الانتخابية المنقضية واستطاعت أن تنقذ الدولار الذي عصفت به كورونا كما استطاعت أن ترتقي بأداء بورصة وول ستريت لدرجة قياسية الاقتصاد الأمريكي بفضل الموعد الانتخابي الذي تمطط كما يحلو للمشهد الاستثماري ولا كما يحلو للساسة والمنتخبين حتى يحدد مكاسب أعلى وأرباح أكثر لأن من يوجه الشأن بعيد كل البعد عن الذين نراهم إنهم من يحرك المشهد المرئي هؤلاء الذين لمح عنهم ترامب حينما قال في اليوم الأول كنت فائزا وفي سرعة البرق تغير كل شيء ترامب يعي ما يقول لأنه يقصد وبجرأة عالية من وراء المشهد.. شركات الضغط وكيانات العلاقات العامة لم تستطع أن تهضم وهي تجتر ما جرى الواقع الذي حصل وجاءت التبريرات التي تقرأ الواقع خطيا بأن الأسباب الخمسة هي التي غيرت وجهة المشهد من جمهوري إلى ديمقراطي أولها كورونا وثانيها حنكة أوباما الذي يقف خلف بايدن وثالثها السياسيات الترامبية تجاه الأقليات ورابعها تصريحاته التي تفتقد إلى النضج السياسي وتستهدف أشخاصا وكايانات لها ثقلها الانتخابي ورابعها الجهود الحفية الصينية والروسية للتخلص من الرجل الذي كان حليفا ولكنه لم يفدها بشيء بل صار مستهدفا لسياساتها ومصالحها ..ولكن كل هذا غير كاف أمام الآلة الخرافية التي تم تسخيرها خدمة لترمب. إنها دولة الاقتصاد التي تحرك عوالم السياسة دولة يسميها الخبراء بالدولة العميقة التي تمتلك المفاتيح السرية للمشهد والشفرات النادرة لفك معضلة العالم إنه العالم الذي يقف خلف العالم ويتدخل كلما مست مصالحه الخفية فلا يهم من المتوج المهم أن تتم المحافظة على مصالح هذا الكيان العميق وعدم الاقتراب من خطوطه الحمراء.. فلايهم من يحكم سواء كان ديمقراطيا أو جمهوريا المهم من يهيمن على العالم ويمتلك القرار القادر على تغيير كل شيء في أي وقت إنها لعبة محرك العرائس وفنه.. لذلك الكيانات التي تمارس لعبة الحياد الحكيم تجاه تفاصيل الشأن الانتخابي تعلم جيدا أن محرك العرائس قد يغير السيناريو متى شاء والكيانات العملاقة لا تهتم كثيرا بمن سيسكن البيت الأبيض الأمريكي بقدر اهتمامها بمصالحها المشتركة مع هذا البلد لأن الدول العميقة هي دولة مصالح بامتياز ونفوذ براغماتي لا دخل فيه للعناوين والشعارات وإنما بالأرقام والمخرجات.