التاريخ -أي تاريخ - ذاكرة الأمة، ومنطلقها. وأي أمة لا تصل أسبابها بتاريخها تستلهم منه، ولا تكتفي بمنجزه ريشة في مهب الريح، التاريخ ليس جرعة مهدئة، إنه تجربة، وموعظة. التاريخ ثلاث شعب:- - التاريخ السياسي. - التاريخ الحضاري. - التاريخ الأدبي. وكلها تفيض بالقيم، ولا يجوز التخلي عن واحد منها. قد يكون التاريخ السياسي هو المهيمن، وهو الأكثر صخبًا، ولكنه يظل أكاديمية سياسية، تخرّج فيه عظماء التاريخ. مما يوثر عن الملك عبد العزيز -رحمه الله- أنه استوعب {البداية والنهاية} لابن كثير، وأنه خفق بجناحين: - مجلس أبيه في الكويت على مدى عشر سنوات. - وقراءة البداية والنهاية في مجالسه. أما (التاريخ الحضاري) فيتمثل بتاريخ الرجال: - سير أعلا النبلاء للذهبي. - كتب الطبقات. - كتب المناقب. - السير الخاصة. علمًا أن التاريخين: السياسي، والحضاري يعدان من مصادر الأدب الذي يعنينا في هذه الزاوية: - التاريخ الأدبي. وعلى الرغم من أهميته فقد اعتورته سهام النقد الحديث بعد تشبعه بالمستجد من المناهج، والآليات الحديثة، والمواجهة تحسب على السخرية المرة، وليست إضافة معرفية. المعروف أن النقد بمفهومه العام راوح بين النقد السياقي، والنسقي. التاريخ الأدبي ظل وما زال رهين المنهج السياقي، وهو منهج لا يستغنى عنه، ولا يستغنى به. البعض لا يرى المؤرخ الأدبي ناقدًا، لاكتفائه بالجمع، والتبويب، وهذا جناية بحق هذا الصنف من الأدباء، قد يكون هذا النقد عند هؤلاء انطباعيًا، وتظل الانطباعية نوعًا من النقد، بل بداية النقد كان انطباعيًا. جيلنا منتج (التاريخ الأدبي) بمنهجه السياقي، ومستجد النقد عندنا مكتسب ثقافي، البعض يأنف من ذلك، ويدعي أنه ابن بجدة النقد الحديث. وما هو كذلك، ولكنها الأنفة الزائفة..!