العنوان اقتباس من مقولة الفيلسوف الإنجليزي «بيرتراند راسل»، الحائز على جائزة نوبل الفخرية للأدب عام 1950 نظير إصداراته التي يدافع فيها عن المثل الإنسانية وحرية الفكر، كما يُنسب له مبدأ أن «القدرة على ملء وقت الفراغ بذكاء هو أعلى مستوى من الثقافة الشخصية». قد يبدو ذلك مُناف لكل تلك المبادئ التي تدعو إلى أهمية الوقت وفرضية العيش في كَبَدٍ دائم، ولكن في رأيي الشخصي أن ما ذهب إليه «بيرتراند راسل» يُمثّل بُعداً فلسفياً في غاية الأهمية، ذلك يكمن في تناوله لدائرة الفراغ المُمنهج الذي يدخل فيها الإنسان بمحض إرادته، والذي تظهر عادة تحت مسمى «الوقت الخاص». لطالما كان يستفزني أولئك الذين يخرجون علينا في أول يوم من أيام الإجازة الصيفية وينادون باستثمار الوقت في قراءة الكتب أو مراجعة مقررات السنة الدراسية القادمة أو الانخراط في أنشطة ثقافية رتيبة ومملة وبائسة، مثلهم كمثل من يتعمد اليوم أن يوحي لك بمثالية زائفة بأن ما تبقى من النهار أو عطلة نهاية الأسبوع يجب أن يكون وقت «كَبَدٍ» هو الآخر، وهم لا يعلمون أن ذلك الوقت الذي تستمتع بإضاعته ليس وقتا ضائعاً بل ربما يأتي على هرم أولويات الاحتياجات الإنسانية كونه جزء من علاقة روحية بين الإنسان ونفسه، بما يُمكّنها من استعادة ما هو مفقود من سلسلة معنوياته التي توارت في خضم أوقات «الكَبَدٍ» تلك. لا تقبل أن يفرض عليك أحد قيوداً أو وصاية ً تُفقدك استحقاقاً مشروعاً في الاستجمام بوقتك وإدارته كيفما تشاء ما دمت مسؤولاً عن نتائجه، ثمة لحظات تعبث بها قد تفوق في تأثيرها أوقاتاً طويلة من دورات الهندسة البشرية التي ربما تزعم أنها تُؤهلك على أن تكون ذا مزاج إيجابي ومعنويات مرتفعة، المعادلة باتت مختلفة تماماً. نسيت أن أقول لكم إن السيد بيرتراند راسل يقول: «إدراك عدم أهمية الوقت هو بوابة الحكمة»، بعثروا أوقاتكم كيفما شئتم، اعبثوا بها، اهدروها في كل ما يعود عليكم بسلام داخلي، وبروح مفعمة بالحياة، ستكتشفون لاحقاً أن كل ما تقومون به من جهد هو من أجل الظفر بهذه «الأوقات الخاصة».