وجدت نفسي مدينة في الكتابة بين حين وآخر في الشأن الاقتصادي السعودي بسبب ثقل الاقتصاد السعودي الذي بات يشغل تحليله جميع الاقتصاديين العرب بسبب إسقاطات قرارات المملكة العربية السعودية على الشأن الاقتصادي الخليجي بشكل مباشر أو بشكل آخر. وآخر القرارات المنصرمة، هي قرار التوطين الأخير لتسعة أنشطة رئيسية تشمل قطاعات بيع الجملة والتجزئة جملة وتفصيلا والذي لا نستغرب فيها الحكمة الملكية السعودية لجعل القيمة الانتفاعية للريال السعودي للسعوديين فقط بما فيها تحويل جميع عمليات البيع والشراء إلى المعاملات النقدية الإلكترونية لرصد مسارها الحقيقي وذلك استعدادا لكسر حاجز الاحتكار لبعض الأنشطة التجارية والذي قد يعتقد البعض بأنها بغير المهمة أو غير المربحة اقتصاديا، ولكن خفاياها تحمل أخطارا اقتصادية أكبر بكثير مما قد نتخيله. من الواضح أن ما قبل كورونا ليس مثل ما بعد كورونا، والمرحلة المقبلة مليئة بالتحديات السعودية حيث نحن نعول على هذه التجربة الفريدة بجعل خيرات السعودية للسعوديين فقط ولربما قد تكون التجربة فريدة تتناقل خليجيا لمحاولة تطبيق التوطين الذي يؤسس أفراد المجتمعات الخليجية بجعلهم قادرين على الاكتفاء وتأسيس التجارة الحرة. إن التوجه العالمي المضاد إلى فكرة العولمة والاستقطاب العمالي العالمي الحر بدأ مع عام 2020 في سنته كبيسة وبداية انتشار جائحة كوفيد 19، وما هو حقيقة إلا أول تصحيح للتخلص من ملفات قديمة عالقة مثل الانفتاح العمالي وسهولة استخراج تأشيرات مزاولة الأعمال الذي عانت منه دول نشطة اقتصاديا بتضخمات عمالية عن طريق سهولة استخراج رخص العمل وسرقة الرغيف من أفواه مواطنيها بتكدس ملفات البطالة للمواطنين بشكل عالمي ولربما دول الخليج هي من ضمن هذه البلدان بشكل متقدم بسبب ثرائها ونشاطها الاقتصادي وموقعها الجيوغرافي المتوسط. توقعاتنا لقرارات توطين الأنشطة الحيوية بكسر حواجز احتكار مبطن دامت لأكثر من 20 سنة وأيضا تغيير جذري للتركيبة الاقتصادية السعودية والذي جعلت من خيرات بعض المهن حكرا لغير السعودي أو لجالية معينة باتت تستأثر امتهان هذه الأنشطة بالتحديد وتتوارثها عبر الأجيال!!! لكن امتداد هذه القرارات السعودية الجديدة المهمة والتي أعتبرها منعطفا اقتصاديا قد يؤثر خليجيا بمحاولة هجرة أو نزوح بعض الجاليات أو العوائل التجارية إلى بعض الدول المجاورة للمملكة العربية السعودية ومحاولة إعادة التأسيس خارجا للاستفادة من قرب الأسواق وإعادة التموضع لوجستيا والذي قد لا يبشر بإنهاء هذا الملف نهائيا، لكننا بالتأكيد في بداية الطريق لتصحيح مسار الاقتصاد عبر حل ملف أحد التحديات المقبلة. ختاما أملنا أن يكون للسعوديين جاهزية لاستغلال هذه الفرصة التاريخية ولنقل هذه التجربة بنجاح عبر التدرج التجاري الحر لبدء مزاولة الأنشطة التجارية والمؤسسات الصغيرة ثم التدرج بنجاح للتوسع التجاري شيئا فشيئا. ** ** [email protected]