على رغم أن العمل في مجال المقاولات، يعتبر مهنة «صعبة»، حتى لدى الرجال، نظراً لطبيعتها «الخشنة»، فضلاً عن التعامل مع زبائن مختلفي الميول والثقافات، ولما تتطلبه طبيعة العمل من التحرك من مكان إلى آخر، والإشراف على المواقع والعمال في مواقع مختلفة، إلا ان سيدة سعودية استطاعت كسر هذا الحاجز الذكوري، واقتحام مجال المقاولات، ومنافسة «أهل الكار»، وتمكنت منيرة الدوسري من تحمل مشاق هذا العمل، إضافة إلى نظرة المجتمع في الاختلاط، واستطاعت أن تضع لها بصمة ناجحة في عالم بناء المنازل وترميمها. بدأت فكرة المقاولات لدى منيرة (50 عاماً) قبل أكثر من 18 عاماً، وتقول: «أردت خوض التجربة على رغم صعوبتها، ونظرة المجتمع القاسية لمن تعمل فيها، وقد دفعني إلى خوض التجربة وجود سيدات يرغبن في بناء منازلهن بأفكارهن، ولكنهن لا يستطعن التحدث إلى المقاولين وجهاً لوجه، أو الذهاب إلى مكاتبهم، وهذا كان أحد أهم الأسباب التي دفعتني إلى مزاولة هذه المهنة». حصلت منيرة على ترخيص لمزاولة النشاط في العام 1412ه، من الغرفة التجارية الصناعية في محافظة الأحساء، مشيرة إلى أن مشوارها كان في البداية «صعباً، نظراً للعقبات التي واجهتني في استخراج التراخيص اللازمة لمؤسستي، إلا أن الإصرار والمثابرة كانا السبب الرئيس في تذليل كل العقوبات التي واجهتني». أبرز الصعوبات التي واجهتها في البداية كانت بسبب «عدم وجود قسم نسائي للمراجعة وتخليص المعاملات، إضافة إلى اشتراط وجود المحرم، لمراجعة الإدارات الحكومية»، مضيفة أنه «كان عليّ التعامل مع كل هذه الصعوبات التي تحد من عمل المرأة السعودية في التجارة، خصوصاً في مجال المقاولات»، الذي كان على حد وصفها «جديداً على مجتمع الأحساء المحافظ»، مشيرة إلى أن هناك «بعض العاملين في الغرفة التجارية المنفتحين على عمل المرأة، ساعدوني على استخراج التصاريح والأوراق الرسمية». وأوضحت الدوسري أنها بعد مزاولة المهنة في ترميم المنازل الصغيرة «تمكنت من ترميم منازل عدد من السيدات، الذين وجدوا لدي الصدق والشفافية في التعامل»، مشيرة إلى أنها حرصت على ترسيخ اسمها، وإثبات وجودها في مجال المقاولات، إلى أن اكتسبت خبرة جيدة، أتاحت لي الفرصة في ما بعد في التوسع والانتشار». وأكدت منيرة على أن هناك جهات ساعدت في «فتح المجال لسيدات الأعمال السعوديات، بتذليل العقوبات التي تواجههن وتيسير عملهن، وإزالة كل الصعوبات التي تحد من عملهن». وأشارت إلى أن هناك عدداً من الإدارات الحكومية «لا تزال تشترط وجود المحرم لإنهاء الإجراءات الرسمية، مع أن هناك قراراً بإلغاء هذا الشرط، إلا أنه لم يُفعل بالشكل الصحيح، وما زال متعثراً»، مبينة أن الأمانات والبلديات «لا تحوي أقساماً نسائية للمراجعة وإنهاء التعاملات الرسمية كافة للنساء بشكل عام، من دون الحاجة إلى وجود الرجل»، واستشهدت في هذا الصدد بأن «المصارف وشركات الاتصالات وغيرهما من القطاعات الخاصة، لديها أقسام نسائية، تستطيع المرأة فيها إنهاء إجراءاتها بنفسها، خصوصاً أن بعض النساء مطلقات أو أرامل، أو أن أبناءهن يعملون في أماكن بعيدة»، وأكدت على أن سيدات الأعمال السعوديات «يملكن القدرة على الاستثمار في جميع المجالات، ومنافسة الرجال أيضاً، إذا توافرت الظروف المناسبة لهن».