الفضل: هو فعل المعروف زيادة على ما ورد حيال النص؛ ففاعله يثاب عليه، وتاركه ليس عليه ثمة نكير. 1/ يقال: تفضَّل (بتشديد الضاد) فعل الخير 2/ وتفضّل: بذل 3/ وتفضّل: أعطى لله تعالى إحساناً 4/ وتفضّل: منح من (المنحة) 5/ ويقال: فضْل (بإسكان الضاد) أي زيادة 6/ وفضل: معروف 7/ وفاضل: نبيل, وله وجه آخر يراد باقٍ 8/ والفضيلة: المنزلة الرفيعة 9/ ومتفضل: مان وباذل ومحسن كريم وأصل هذه أن الفضل والإفضال البذل من سعة وقد يكون مع خشية الفقر (وهذا ممدوح وجليل), لكنه لا يكون إلا ممن طابت نفسه، وساد خلقه، وعلا نبله.. وهذا إنما يكون غالبه (سجية). قلتُ: وفي الجاهلية الأولى كان جملة من العرب يقومون (بوأد البنات) بعد الوضع مباشرة, ووجد هناك من سادة العرب من يقوم بشراء البنات أو أنهم يتبنونهن. وقد حمدت العربُ هذا الصنيع من هؤلاء الأفراد الأجواد. وقد ورد عن (الكامل) - وهو كتاب موثوق ومشهور - الجزء (1) ص289، وكذا ورد في (الأمثال) الجزء (1) ص389، الأول للإمام المبرد, والثاني للميداني، جاء هناك ما يأتي: أن (صعصعة بن ناجية) لما أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم قال: يا رسول الله: إني كُنت أعمل عملاً في الجاهلية أفينفعني ذلك اليوم؟ قال: ما عملك؟ قال: أضللت (أي صادفتهما ضالتين) عشراوين (هي الناقة التي أتى عليها عشرة أشهر منذ حملها). إلى قوله - رضي الله تعالى عنه - كما هو ثابت هناك: فإذا عجوز قد خرجت من كسر البيت فقال لها (أي زوجها) وضعتِ؟ ثم قال: إن كان سقباً (أي ذكراً) شاركنا في أموالنا، وإن كانت حائلاً (أي أنثى) (وأدناها). فقالت العجوز: وضعتُ أنثى فقلتُ (القائل: صعصعة بن ناجية) أتبيعها؟ قال: وهل تبيع العرب أولادها؟ قال صعصعة: قلتُ إنما أشتري منك حياتها ولا أشتري رقها, أي لا تكون رقيقة. قال: (أي والدها) فبكم؟ قلت: احتكم. قال والدها: بالناقتين والجمل. قلت: القائل (صعصعة) ذلك لك. فآمنت بك يا رسول الله, وقد صارت لي سنةٌ في العرب على أن أشتري كل (موءودة) بناقتين عشراوين وجمل. فعندي إلى هذه الغاية (ثمانون ومائتا موءودة) قد أنقذتُها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينفعك ذلك لأنك لم تبتغِ به وجه الله تعالى. ثم قال: وإن تعمل في إسلامك عملاً صالحاً تثب عليه. (أ.ه) قلتُ وقد أطنب ابن كثير وابن رجب وابن الجوزي، وسواهم خلق من العلماء، على حقيقة الوأد في الجاهلية. وإنما الذين تشككوا فيه أو هم لم يقروا به فلعلهم أكبروا هذا الأمر أن يكون. قلتُ بل هو الصحيح (ومن حفظ حجة على من لم يحفظ). وقد رأيت في (الهند) وبعض دول إفريقيا ودول أوروبية من يبيع البنات لشدة الفقر وسوء الحياة. من أجل ذلك وُجد اليوم هناك، خاصة أمريكا وفرنسا وروسيا وهولندا، (التبني)، وهو كثير بينهم. والتبني وُجد في الجاهلية، لكن لما جاء الإسلام حرم ذلك، وهو كذلك إلى اليوم. أقول: ولا يحسن إخضاع بعض الحوادث لمجرد النظر العقلي، فإن الخوارج الذين خرجوا على (علي) و(معاوية)، والمعتزلة والجهمية والقاديانية التي تسمت أخيرًا (بالأحمدية) في العصر الحديث، إنما صاروا إلى ما صاروا إليه بالنظر العقلي المجرد، وتأويل الأدلة حتى توافق ما ذهبوا إليه. وهذه واضحة كجبل في سبيل بين مقيم. وإنما العقل الحر من الأدباء والباحثين هو من يعود إلى ذوي الاختصاص الدقيق في مجال تقديم العقل على النص، أو مجرد البحث الفقير إلى التأصيل والتقعيد.