المواهب تكمن في أعماق الموهوبين حتى تفجرها الضغوط، والأحداث المتلاحقة. الشاعر يولد شاعراً، والشعر لا يُكتسب بل تصقله التجارب، وتنميه القراءات، وتفجره الضغوط. والموهبة تتململ في صدر الشاعر، حتى تنضج الفكرة، ثم يكون الإبداع. والموهبة تبدو صغيرة مثل صاحبها، وتنمو معه، وقد عرف شعر الصباء، وهي كالبذرة تسقيها، وتنميها الأحداث، والثقافات، والتجارب. ومن دون المحركات، والمثيرات لا تتفجر المواهب، ولا يكون الشعر. والشعر ليس مكتسبًا، كالعلم، إنه موهبة، تولد مع الإنسان، إذ كل إنسان يولد بموهبة، قد يكتشفها الموهوب، وقد تظل كامنة، ولهذا حديث يطول. العالم اليوم يمر بأخطر كارثة عرفتها البشرية، كارثة إنسانية، أخافت الإنسان، وأذلته، ودمرت كل شيء أتت عليه، والمبدعون أرهف حساً، وأقدر على التعبير عن الآثار المترتبة على الحدث الجلل. - فهل تفجرت المواهب، أم أنها لم تزل في مرحلة الذهول من هول الصدمة؟ لا أتوقع مرور مثل هذا الحدث دون رصد دقيق لآثاره: النفسية، والصحية، والاجتماعية. سيكون لما بعد الكارثة أحوال، وتحولات في السلوك، والتفكير، والتصور، وسيكون للكلمة الإبدعية: شعرية، أو سردية القدح المعلاّ، وقد تتصدر {الرواية} ذلك، لأن فضاءها رحب. لقد مرت فترة كافية للتفاعل مع الحدث، ورصد آثارة، ولما نقف بعد على رصد إبداعي مناسب، قد يكون هناك إبداعات لم يفرج عنها المبدعون، وبخاصة الإبداعات السردية التي تحتاج إلى مزيد من الوقت. وحين يتقاطر الشعراء، والسرديون سيقبل النقاد، والدارسون لتفكيك الإبداعات، وتلمس الأبعاد الدلالية، ورصد المتغيرات الفكرية، والسلوكية. الحدث بلا شك ستكون له آثاره الواسعة، والشاملة، وستتغير رؤية الناس للكون، والحياة. ولكن أي شرائح المجتمع يكون له السبق: الساسة، المتدينون، الاقتصاديون، العلماء، المفكرون، المبدعون. كل أولئك سيخوضون مع الخائضين، ولكن يظل المبدع أكثر إمتاعاً، وفائدة. النقاد متحفزون، ويرقبون تفجر المواهب، بما تركته الكارثة من آثار. وأقسام الأدب، والنقد في الجامعات سيدفعون بطلاب الدراسات العلياء، لتعقب مثل هذه الإبداعات. ودعك من الملاحق الثقافية في الصحف الورقية، والرقمية. في التراث العربي، وفي الموسوعات الأدبية رصد دقيق للأوبئة، بل هناك رسائل ممتعة عن بعض الكوارث التي مرت بالأمم. وهناك مسميات، وإحصاءات، ومبالغات، أنا لا أبحث عن الرصد التاريخي، فذلك حاصل. أنا أبحث عن الإبداع الشعري، والسردي. فهل نحن على موعد..؟