بالرغم من العطاء والزخم الشعري الإبداعي، سواء على مستوى الشعر العامي أو الفصيح، من المفترض أن تكون الأغنية الخليجية وصلت إلى العالم من قبل الألفية، عكس الأغاني الشعبية أو الريفية الغربية التي اكتسحت العالم العربي منذ الستينيات، سواء على مستوى الأغنية أو اللحن أو الأداء، رغم عدم الاعتراف بالغالب من هذه الأغاني وفنانيها في موطنها الأصلي، أو لعدم أهميتها، أو أهمية فنانيها. فهذا لا يعني ولا يهم؛ الأهم من ذلك ما قدمت الأغنية الخليجية في حلتها ورونقها وجمالها المتكرر والمتكرس والمكتظ بالهنهنات والتقاطيع والبكائيات التي ليس لها أي علاقة، لا باللحن ولا بالكلمات ولا أي شيء آخر؛ فهي مجرد مؤثرات صوتية، انتهكت طبيعة الغناء، وطبيعة الذائقة الفنية. المشكلة الأساسية ليست في الشاعر، ولا في الكلمات، ولا في ذائقة المستمع أو المشاهد.. بل في ذائقة الفنانين. للأسف، نحن لا نهتم إلا برواد الغناء رغم أن الرواد ما زالوا يهيمنون على هرم الوسط الفني منذ عقود، ولم يقدموا شيئًا مختلفًا عما قدموا في السابق، وما زالوا يكررون التجربة نفسها، والأغاني نفسها التي مضى عليها الزمن، ولا يتذكرها سوى كبار السن أو هواة جمع التراث؛ ولهذا السبب تجد الأغنية لا تتجاوز محيطها الجغرافي، وتدور كدورة الطير فوق فوهة البئر. من المؤسف أن تصبح القصيدة لا علاقة لها بالأغنية، سواء بتقليديتها، أو وكلاسيكيتها وجمالياتها.. ولا يوجد أي ربط بين الاثنين. وحينما نستعيد أوراق المخزون الشعري في المنطقة نجد هنالك إبداعات لم تؤدَّ بحجم قيمتها كقصائد وأشعار، رغم أن المنطقة تزخر بقصائد عظيمة، ولو تُرجمت للغات أخرى لاكتسحت أفواه الفنانين والفنانات في المسارح العالمية بعيدًا عن البكائيات الاستعراض والادعائية. ** **