حياتنا اليومية وضغوطها علاجها التوكل على الله ودعائه باختيار الصالح لنا ولمحبينا ونعم بالله وكيلاً. والله برحمته وحكمته يسخر لعباده علاجًا لمكابدة الحياة، أناسًا يفيضون طيبة ورباطًا وثيقًا مع الله ليجعلهم سلوة لمحبيهم وأقرانهم، أرواحهم النقية تشع بلسمًا يعالج عثرات محبيهم دنيويًا وهؤلاء الأنقياء ندرة بين الناس. ومن هؤلاء النادرين الحبيب والصديق الغالي أبو محمد سليمان الزيداني -رحمه الله- الذي توفاه الله بعد معاناة مع المرض جعل الله ما أصابه تكفيرًا وتمحيصًا. الغالي أبو محمد غاب وغابت معه الابتسامة المقرونة بروحه الطيبة. كم فقدنا كبير لهذا الإِنسان. فقدنا الابتسامة التي ينشرها لمن حوله، خيّم الحزن على جميع محبيه لفقده ولغياب الابتسامة في حياتهم بغيابه. لعل من العجيب في مسيرة هذا الإنسان النقي أنه رغم ما يُظهر من سلام مع نفسه ومحيطه حتى لا يخطر في بالك مدى القلق والتوتر الذي يعيشه حين يعلم بوجود رب أسرة معسر أو أسرة محتاجة ولا يهنأ له بال حتى يجد حلاً لهم. ومن المواقف التي لن أنساها تحدَّثت معه في موضوع أحد الأشخاص ممن كبلته الديون وتم إيقافه حتى يوفي ديونه فكان هو من يبادر بالسؤال عن هذا الشخص بعد أن علم بوضعه ودعا الله أن يوفقه بحل أمره، ولعل الأعجب حين طلب مني أن يباشر الأمر بنفسه بمخاطبة الدائن ومقابلته وهو في مدينة أخرى ولم يرجع منه إلا وقد اتفق معه على التنازل عن بعض الديون وتكفله بالمتبقي. رحمك الله الأخ الغالي أبو محمد كتلة من الإنسانية تمشي على الأرض لم اسمع منه يومًا حديثًا على أحد بسوء ولم نعهد له خصومات مع من تعامل معهم رغم كثرة تعاملاته كان صبورًا ومؤمنًا بتدبير رب العالمين حتى إنه خلال جلساتنا الأخيرة قبل وفاته بأيام يجاهد ألا يسبب لمحبيه القلق على صحته ويؤكد دومًا أنه بنعمه وخير ما دام يستطبع حضور الصلوات في المسجد. رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته ومما يخفف مصابنا وأن خلف وراءه زوجته الصابرة أم محمد وأبنائه محمد ومازن وابنتيه. والذين نهلوا من معين إِنسانيته وروحه النقية والمحبة للخير. عظم الله أجركم أحباءه الكثر وجمعنا الله وإياه بالجنة ومتعنا وإياه بالنظر إلى وجهه الكريم. ** **