بهذا العدد 600 من هذه المجلة الثقافية، لجريدة الجزيرة الناهضة تكون قد أمضت ردحا من الزمن في الصدور من عمرها المديد إن شاء الله في خدمة الأدب والأدباء بالمملكة العربية السعودية، كانت فيه نبراساً يستضاء به في مجالها خاصة للأدب والأدباء حاملة في ثنايا كل عدد من أعدادها الجديد المفيد في شؤون الأدب وفروعه، واستطاعت أن تكون في مسيرتها الأدبية والثقافية متماشية والنهضة التي تعيشها بلادنا في شتي مجالات الحياة، وأن توجد حراكاً أدبياً وثقافياً وتسهم إسهاماً فاعلاً في النهضة الأدبية والثقافة بكل حرفية وإبداع، وأن تمثل في نشاطها الجامعة المتكاملة التي تخرج فيها العديد من أرباب القلم في شتى التخصصات ممن أصبح يشار إليهم بالبنان على امتداد تاريخها الطويل المشرف. إن ثقافية الجزيرة تقع في طليعة الملاحق والمجلات الرائدة ويسهم فيها كوكبة من العلماء الأجلاء والأدباء الرواد، ودائمة التنوع في طروحاتها من شعر ونقد ودراسات وثقافات وترجمات تتسم بالمهنية حيث خطت لنفسها خطة التزمتها في أن تكون منهلا ينهل منه كل متعطش لأي فن من فنون الأدب سواء كان شعرا أو نثرا أو قصة أو نقدا أومقالة أدبية أو فنية بأسلوب حرفي إبداعي يجعل المتلقي وكأنه في روضة غناء ينتقي من أطايبها كل مايرتقي بالذائقة وينهض ويتسامى بالفكر ويمتع النفس. وقد كان للجزيرة ((الأم)) دورها البارز في تشجيع استمرارية هذه المجلة ودعمها الإيجابي، حرصاً على الرسالة التي تمثلها والدور الريادي الذي تضطلع به من إسهامات أدبية وثقافية مشوقة إضافة إلى إصدارها العديد من الكتب المتميزة في مجالها مما كان له الأثر الفاعل في أدبنا وثقافتنا. وقد صحب مسيرة الجزيرة الثقافية الطويلة ريادات ومبادرات أدبية انفردت بها على غيرها منها على سبيل المثال لا الحصر تكريمها للعديد من الرموز الأدبية السعودية في بلادنا من خلال إصدار ملفات عنهم تبرز دورهم الثقافي الريادي في معاصرة ودعم أدبنا السعودي وتفعيل حركتنا الثقافية التي تجاوزت المحلية إلى الفضاء العربي بل والعالمي وشارك في هذه الملفات النابضة التي انفردت وسبقت بها الثقافية العديد من الأدباء والمثقفين، وهي بادرة ذات سبق ووفاء وفكرة موفقة في تكريم الأدباء وهم مازالوا على قيد الحياة. لقد تفوقت هذه المجلة النابضة ممثلة في أسرة تحريرها وفي طليعتهم المشرف على تحريرها الأديب د.إبراهيم بن عبدالرحمن التركي الذي استطاع بأخلاقه وثقافته وحرفيته الصحفية أن يكتسب حب وتقدير الأدباء والمثقفين بمختلف مشاربهم مما أضفى وانعكس على الثقافية بالتألق والنجاح والريادة والمواءمة بين التراث والمعاصرة في اختيار الموضوعات. وبحكم مسيرتي الأدبية المتواضعة ومتابعتي للملاحق والمجلات الأدبية والثقافية خلال 60عاما خلت، وبمناسبة احتفاء هذه المجلة بصدور العدد 600، يشرفني المشاركة بهذه الكلمة الموجزة كأحد المتابعين لما ينشر بها على امتداد سنوات صدورها، وهي كلمة حق لابد منها، فقد نجحت هذه المجلة رغم بعض الصعوبات والعقبات التي لا تخلو منها أي مجلة أو جريدة أو ملحق في تقديم العديد من الإنجازات الأدبية والثقافية بما يرتقي بثقافتنا التي نريد وننشد، وتمكنت من تحقيق الريادة خلال مسيرتها السابقة واللاحقة بما يتوافق مع رؤية 2030 الداعمة لنهضة وتقدم البلاد على كافة الأصعدة ومنها الصعيد الثقافي والأدبي في ظل العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين محمد بن سلمان يحفظهما الله. ** **