سلمت هذا المقال متأخراً عن الموعد الذي كان يفترض بي أن أسلمه كالمعتاد، وليس هذا شيئاً غريباً على أي كاتب أن ترفض أفكاره التوقف عن التبعثر داخل رأسه وتهطل بسلاسة على الورق، لكني في هذا الجانب لا أتبنى كثيرًا فكرة حالة الانحباس التي يقول عن كثير من الكتاب ويحكون عن معاناتهم فيها. تلك الحالة تعبر عن ثقب أسود يبتلع أفكار الكاتب نتيجة إما التشتت وإما الضغط، فقد يكون الكاتب مشتت الأفكار ومهمومًا بأمر غير أمر الكتابة أو ربما وضع نفسه تحت ضغط المواعيد الزمنية التي تلزمه بأن يقدمه منتجه الأدبي خلال وقت محدد. كلتا الحالتين تزرع حالة عدم استقرار داخل الكاتب تجعله كمن يلعب كرة القدم وهو مغمض العينين! أنا أعبر عن تلك الحالة حين تصيبني بأنها عثرة مزاج، وأتبنى طريقة معلميّ الكبيرين إمبرتو إيكو وميلان كونديرا في القفز من فوق حالة الجمود هذه بالاحتيال عليها وذلك بالكتابة عن الكتابة، ولو أن يحكي الكاتب مشكلته عن عدم قدرته على الكتابة أو يتغزل بشيء من كتاباته السابقة وطريقته التي كتب بها في الماضي وتلك طريقة أراها أكثر نجاحًا وفعالية من الطريقة الكلاسيكية المعروفة التي تدعو من يريد أن يفيض كتابة بأن يقرأ بكثرة. القراءة لغرض الكتابة عمل غير شريف. ** **