حسب الإحصاءات التي تضمنها برنامج التحول الوطني فيما يتصل بمستهدفات وزارة العدل فإن القاضي الواحد في المحاكم الرئيسية يستقبل حالياً 455 قضية، وهو رقم مرتفع جداً إذا ما قارناه بالمعدل على المستوى الإقليمي والبالغ 160 قضية للقاضي الواحد. والمستهدف في برنامج التحول الوطني هو الوصول إلى عدد 299 قضية للقاضي الواحد في عام 2020، ولا شك في أن ارتفاع عدد القضايا التي يباشرها القاضي لها انعكاسات سلبية من أبرزها تباعد مواعيد الجلسات وامتداد بعضها لأشهر قبل البت في الحكم، فضلاً عن حجم الإرهاق الذي يعتري القضاة حالياً إزاء مباشرتهم لهذا الكم من القضايا، ما يجعلنا نفكر في إمكانية توسيع دائرة من يحق لهم ممارسة العمل القضائي، وتحديداً من خريجي الكليات القانونية الذين يمتلكون التأهيل الملائم. أجزم بأن لدينا كفاءات وطنية وطاقات كبرى تستقبلها الجامعات في كلياتها الحقوقية سنوياً، ولا أجد مبرراً وجيهاً لحصر القضاء على خريجي الكليات الشرعية، حيث بالإمكان تأهيل القانونيين شرعياً في المعهد العالي للقضاء ومن ثم إدراجهم في السلك القضائي، وبذلك نزيد عدد القضاة المؤهلين ونخفض عدد القضايا الواردة إلى الواحد منهم، إلى جانب استفادتنا المثلى من مخرجات الأقسام القانونية الجامعية. ومن ينظر إلى المقررات الدراسية لطلبة القانون في الجامعات يجد مواد غاية في العمق والتأصيل الحقوقي والشرعي، بل إنهم في العديد من الموضوعات القانونية هم أكثر دراية وقدرة على التحليل والاستنتاج من خريجي الكليات الشرعية، إذ إن دراستهم متخصصة وتربط بين القوانين الدولية وما جاء في شريعتنا الإسلامية، ويخضعون للتدريب قبل التخرّج، ومن المؤسف أن يشك أحد بعد كل ذاك التأهيل في مدى قدرتهم على تولي زمام العمل القضائي. والحق أن وزارة العدل خطت خطوات كبيرة ومميزة في تطوير منظومة العمل القضائي، وبدأت جدياً في التحول الرقمي والتخلص من التعاملات الورقية، وقطعت شوطاً في إشراك المرأة بمجال المحاماة والمرافعات، ولها إسهامات جبارة في إيجاد حلول عاجلة لمشكلات الحضانة وزيارات الأبوين للأبناء بعد انفصالهما، ورغم ذلك لا يزال المنتظر من الوزارة كبيراً في ظل رؤية المملكة الطموحة التي تروم الصدارة العالمية في شتى المجالات والميادين.