مثلما أدى سعي أصحاب الأجندات والمشاريع الحزبية إلى توظيف الدين للوصول إلى كراسي الحكم إلى ظهور وتنامي ظاهرة الإرهاب الديني التي ألصقت حصراً بالمسلمين رغم أن رجال الدين المسيحيين وقبلهم اليهود والبوذيين والآن كما هو نيمار، فإن استخدام الدين كرداء خفي أو حتى ظاهر للوصول إلى الحكم كان سبباً أساسياً لظهور وتنامي الإرهاب، إذ إنّ من يسعى للحكم بتوظيف المعتقدات الدينية إن كانت إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو بوذية فإنما يفرض العنف وهو أداة الإرهاب لتغييب الفكر والعقل والتسامح والحوار، وهكذا فالذي يمنع ظهور الإرهاب ويلغيه هو الفصل بين الدين والدولة، أياً كان هذا الدين ومثلما يؤدي الفصل بين الدين والدولة إلى القضاء على الإرهاب وتقليص نموه، أيضاً يؤدي الفصل بين المصالح التجارية والعمل السياسي إلى القضاء على الفساد والعمل السياسي هنا ليس فقط المنتسبون للأحزاب من رؤساء وقيادات وممثليهم في مجالس النواب والحكومات بل أيضاً رجال الدولة من وزراء وكبار مسؤولين وقادة في الدول التي لا توجد فيها أحزاب. تنامي الفساد واتساع دائرته جعل كثيراً من المفكرين وقادة الدول يربطون بين تنامي الفساد والإرهاب كمتلازمتين تدمران أكثر الدول ثراء وقوة ومكانة وإذ كانت الدول والمجتمعات تعاني سابقاً من ثالوث المرض والجهل والجوع، فإن العالم جميعاً يعاني في هذا العصر من متلازمة الإرهاب والفساد، وإن كانت الدول النامية هي الأكثر معاناة لأن الدول المتقدمة تستطيع أن تواجه العمليات الإرهابية وإن لم تقضِ عليها وإن اقتصادها الضخم يستوعب بعض الأعمال الفاسدة التي تعد صغيرة جداً بحكم قوانينها الصارمة قياساً بما يحدث في الدول النامية التي تعاني جميعها من هذه الآفة الخطيرة التي تلتهم خبرات البلدان مثلما يلتهم الإرهاب الأرواح. وهكذا وجدت الدول أنه ولكي تحقق أهدافها في رعاية مواطنيها وتطوير أوطانها لابد وأن تواجه الفساد بقوة وبحزم مثلما مواجهة الإرهاب، وبما أن ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا بوجود إدارة سياسية عليا قوية، لأن الفساد استشرى في الدول النامية عبر منظومة الدولة وحتى المجتمع وبما أن الإرادة السياسية القومية تعي تماماً بأنه لابد من وجود وسيلة دائماً لمواجهة الفساد، وخاصة إذ ما توصلت إلى رؤوسه وقياداته ومثلما فعلت قيادة المملكة العربية السعودية بالتوجه إلى قمة الفساد، فاتجهت إلى اجتثاث الرؤوس وحاصرت الطبقة العليا التي مزجت ما بين المصالح التجارية الشخصية والدولة، وحصرت من استغل موقعه ومركزه في الدولة لتحقيق مصالح شخصية على حساب مصلحة الوطن، بدلاً مما كان يعمل به في السابق والذي لا تزال بعض الدول تسير عليه وهو تجنب القيادات العليا والرؤوس الكبيرة والاتجاه للطبقة الصغيرة التي ترتكب عمليات فساد مهما كبرت لا تعد شيئاً تجاه ما يقوم به الكبار. العمل الحازم الذي عبر عن إرادة سياسية قوية الذي قامت به قيادة المملكة العربية السعودية، أحرج وكشف العديد من الدول النامية التي أفقرتها عمليات الفساد وهي الدول الغنية التي تزخر بالموارد والإمكانيات من هذه الدول العراق الذي أعلن رئيس حكومتها الدكتور حيدر العبادي الذي شرع في خوض معركة مواجهة الفساد وبعد نجاح العراق في التصدي للارهاب، إذ يقول العبادي إن الفساد ملازم للإرهاب والذي سيكون معركته التي لابد من خوضها، ومشكلة العبادي أنه يعلم بأن رؤوس الفساد هم من «أهل البيت الذي يحكم العراق الآن» وهم بالتحديد من أركان التحالف الوطني الحاكم، الذي تعد قائمة دولة القانون برئاسة نوري المالكي الأساس والقاعدة الحاكمة العراق، ومع أن حيدر العبادي يعلم قوة ونفوذ المالكي وجماعته إلا أنه يرغب أن يحذو حذو السعودية وأن يقدم رؤوس الفساد للعدالة وأنه فعلاً أعد قائمة تضم مسؤولين حكوميين كبار سابقين وحاليين وشخصيات سياسية متورطين في ملفات فساد كبيرة تضمنت نهب وسرقة مليارات الدولارات وطبقاً لما يتداول في العراق فإن القائمة تضم نائبين في قائمة دولة القانون هما صهرا المالكي ياسر عبد ضحيل، وحسين كاظم المعروف بأبي رحاب بالإضافة إلى وزيرين في الحكومة الحالية وعشرات الشخصيات السياسية ثبت تورطهم في ملفات فساد تتعلق بعقود التسلح وتراخيص استخراج النفط وتهريب أموال للخارج، لعراقيين ينتظرون أن يحزم حيدر العبادي أمره ويقدم على الخطوة التي ينتظرونها ولسان حالهم يقول ما لنا إلا الانتظار. أما في إيران التي تعاني من وجود نصف مليون ملا تحت عباءة كل واحد منهم أكثر من عملية فساد، فإن القضاء على الفساد أمر ميؤوس منه، إذ لا يزال ملالي إيران ينهبون ويسعون إلى تضخيم ثرواتهم على حساب المواطن الإيراني البسيط، وقد كشفت معلومات مؤكدة من داخل إيران وخارجه أن ملالي إيران يستثمرون سبعمائة مليار دولار خارج إيران في حين أهالي إيران يتضورون جوعاً.