لن يتمكّن رئيس وزراء العراق، حيدر العبادي من إصلاح ما أفسده سلفه نوري المالكي طيلة ثمان سنوات من حكمه للعراق، سنوات حكم المالكي أسست لوضع سياسي واجتماعي واقتصادي جديد في العراق، وشكَّلت قطعاً بين عراق التاريخ والماضي، عراق الدولة القوية، وبين عراق المستقبل الذي بات يتضح أكثر مع حضور المليشيات الطائفية وتنظيم «داعش» وإيران بأجهزتها العسكرية والأمنية والدينية، وغياب الدولة والجيش والسيادة. وعند النظر إلى الاستجابة السريعة لرئيس الوزراء العبادي لمطالب المتظاهرين الذين خرجوا محتجين على الوضع الاقتصادي والخدمي والفساد المستشري في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، لا بد أن نتذكَّر كيف تعامل نوري المالكي مع المعتصمين في المحافظاتالعراقية الأخرى التي اعتصمت وتظاهرت من أجل مطالب مشروعة تعامل معها المالكي بالحديد والنار وأدت إلى نتائج كارثية. لكن ومع ذلك، فإن هذه الاستجابة لن تكون ذات معنى، طالما اقتصرت على جوانب دون أخرى، فإصلاح الفساد لن يكون بإلغاء مناصب عليا في الدولة أو تخفيض عدد الحراس والمرافقين، وما يلقي بظلال من الشك على هذه الإجراءات أن الطبقة الفاسدة نفسها أيدت إجراءات رئيس الوزراء العبادي، في حين اعترض الوطنيون عليها. لمحاربة الفساد يجب استئصال كل ما أسس له المالكي، على جيمع الأصعدة، ولابد من إعادة الاعتبار للدولة وسيادتها قبل كل شيء، وهذا هو مفتاح محاربة الفساد بكل أشكاله بدءاً من الفساد السياسي ونهب أموال الدولة وتحويل العراق إلى كيان تابع لإيران. إذا أراد رئيس الوزراء حيدر العبادي التصدي لواقع العراق، فعليه أن يتجاوز الانقسامات الطائفية والحزبية والمذهبية، التي نخرت كل مؤسسات البلد السياسية وقسمت أبناءه ومدنه ومناطقه، يجب أن يشعر جميع العراقيين أنهم مواطنون في بلد حر يتمتع بالسيادة.