أكد الناقد الدكتور عبدالله بن محمد الغذامي أن إنشاء قناته اليوتيوبية الجديدة هي استجابة لشروط المرحلة بمعنى الخضوع للضاغط الظرفي، وأضاف الغذامي: وقد تصاحب نشوء قناتي على اليوتيوب مع نشوء ما أسميه ( الحالة القطرية ) ومعها وقعت في مأزق ثقافي لم أعهده من قبل، فقطر منا وفينا وحدث ما حدث أن الذي منك وفيك صار عنوانا عالميا، وارتبكت معه كل صيغ الاستقبال عندنا, وكيف نتعامل مع الحدث، وأحسست أن وسائلي المعتادة لا تكفي للتعبير عما في نفسي، فالمقال بارد بينما الحدث ساخن، والتغريد محدود ومحاصر، ولذا قررت أن أضع ما عندي على فيديو صوتي بصري، وتقدمت ابنتي بشاير لهذا الأمر، مع أنها ليس لها خبرة سابقة في عمل الفيديوهات, ولكنها مصورة فوتوغرافية محترفة، ودخلت تجربة الفيديو من أجلي، وبعد عدد من المحاولات مع شريطي نفسه ومشاكل تحميله على اليوتيوب نجحت والحمد لله وأهدت لأبيها قناة ستظل تديرها وتتولاها بنفسها، ولها شكر خاص مني، وبهذا صارت القناة ونشرنا الفيديو الأول، وأظن أن هذا سيغريني بعمل فيديوهات قصيرة، سميتها بالمقال الصوتي مدتها دقيقة، وفي كل مرة أطرح مفهوما مصطليا وقد بدأت مع مفهوم الحوار، ويبدو أنه لاقى استحسانا، وأفكر أن أكررها بمعدل مفهوم واحد كل أسبوع، أي دقيقة واحدة كل أسبوع بحول الله. وحول تجربته في تويتر ومدى نجاحها، قال الدكتور الغذامي: أراها تجربة ناجحة، وأجدني مع الناس وفي الناس وللناس بسبب هذا التواصل الحي والتلقائي، حيث أجد الناس في أي وقت وأي مكان وبتفاعلية، فتويتر تلغي الحواجز كلها جغرافيا واجتماعيا ومؤسساتيا، وكما تستطيع أن تغرد من أي مكان وبما تشاء وتختار فإن غيرك أيضا يستقبل من أي مكان ومن أي توقيت حتى لتزول كل شروط التواصل، وأي تغريدة تطلقها ستصل لأحد دون شروط للتوقيت ولا للظرف، وهذه تجربة وجدانية فريدة، كأنما هي حلم، وصفة الأحلام أنها تتحرر من شروط الظرفية بكل صيغها، وهذا ما يحدث في تويتر. وفي رده على سؤال الثقافية عن الاتهامات التي تروج أحيانا عن تأثير سرعة الميديا ووسائل التواصل الاجتماعي كتويتر مثلاً على المنهجية البحثية في مؤلفاته التي صدرت مؤخراً قال الغذامي: لا أدري عن عبارة العجلة والتسرع، فهل حدثت بمعنى أنها أضرت في الموضوع ...!!!! إن كانت كذلك فهذا خطأ منهجي وعلمي، ولا يصح أن ندعي له التأثر بسرعة الوسائل، لمجرد غرض السرعة، وليت هؤلاء الذين تريد مني الرد عليهم، ليتهم ينطقون أو يكتبون لكي أفهم منهم، وليس لأرد عليهم فالعلم والنقد لفائدة كل من يتعامل مع الشأن الثقافي حاضرا ومستقبلا، وليس لمنابزات الردود، وعلى أي حال فأنا لم أسمع أحدا قال ما تفضلتم به، ولم أقرأ شيئا من هذا في أي منشور. وعن مدى إمكانية أن يرى متابعو الغذامي وقراء كتبه تجربة جديدة له في البرنامج الشهير «سناب شات» أجاب الغذامي بالقول: نجحت في التعامل مع 140 حرفا وتعودت عليها وأحببتها، وأحاول أن أنجح في مشروع الدقيقة، ( المقال الصوتي، وقد جربت طرح ( مفهوم الحوار في دقيقة ) ونجحت في وضع مرادي عن الحوار، وسأظل أحاول مع هذه التجربة، أما العشر ثواني فلا أظنني من العبقرية لدرجة أن أقول شيئا في ثوان، وقد شاهدت بعض الفضلاء من العزيزين علي وما زلت أتمنى عليهم ألا يسطحوا أنفسهم بهذه الطريقة التي لا أراها تصنع فكرا . وحول مشاريعه الكتابية القادمة والتي سترى النور قريباً وهل ستكون امتداداً لما جاء في مشروعه عن المرأة واللغة, أوضح الغذامي أن مشروع المرأة واللغة مشروع متمدد صدر فيه أربعة كتب، ولما يزل يختزن المزيد، والجديد هو كتابه ( الجنوسة النسقية ) ويتضمن بحوثا كتبها منذ عام 2000م، وطرحها في مؤتمرات، وظلت تنتظر دورها في كتاب، ولكن مسائل أخرى سبقتها وأرجأتها، حتى بلغ الانتظار مبلغا جعلها تصرخ به : أعطني حريتي، فأعطاها حريتها وأخرجها في كتاب ضمها ووحد بينها وسيكون قريباً بين أيدي القراء. الثقافية كذلك استوضحت الدكتور الغذامي حول تبرعه بثلاثة أرباع مكتبته وما صاحب ذلك من جدل بشأنها فقال: في أزمنة مضت كنت تضطر أن تصنع مكتبتك لنفسك وبنفسك وتنميها، وليس لك من وسيلة لتسهيل أمورك البحثية إلا أن تكون الكتب بين يديك، ولكن حدث تغير جذري اليوم يجعلك تصل لما نسميه بأمهات الكتب بطريقة أسهل، مثلا المعاجم ذات المجلدات، وكتب الرجال، وكتب الأسانيد، والموسوعات، حتى لقد اعتمدت الموسوعة البريطانية نظام النشر الالكتروني فحلت مشكلة تجدد النسخ، حيث كانت الموسوعة تنمو وتجدد نفسها كل عام، ونسختك الثمينة التي مر عليها خمسة أعوام مثلا تصبح قديمة جدا، وكنت قد اشتريت الموسوعة عام 1975م، بمبلغ ضخم جدا، وكنت حينها طالبا في البعثة، وهي الآن غير قابلة للاعتماد العلمي لأنها تجددت بأربعين نسخة مطورة من بعدها، وهنا لن تكون علميا ولن تكون متابعا إن لم تلجأ للاشتراك الالكتروني لكي تكون على صلة بالمعرفة الطازجة وغير المعتقة، ولا اعتبار للمعتقة هنا ولا يوثق بإحالتك إليها، ولذا فإن أمهات الكتب قد هاجرت من الرفوف لتكون على الشاشة بأوثق مما هي على الرف، ولذا أرى أن من الحكمة التصرف مع المكتبات المنزلية بما يراه المرء مناسبا، وقد اخترت أن أقدم ثلاثة أرباع مكتبتي لسيدة فاضلة نعرفها في عملها الخيري، وتولت هي التحري في توزيعها لأناس يحيون القراءة وليس لديهم وسائل لإشباع رغباتهم العلمية . أما رأي الدكتور الغذامي عن هيئة الثقافة الجديدة وكيف يرى مستقبلها من حيث الفكرة، وهل يمكن أن تساهم في حلول ثقافية جديدة لأزمات مشهدنا الثقافي فقد قال: فكرة قيام هيئة للثقافة ربما تكون هي المخرج من بيروقراطية الوزارات، والتحرر من شروط قانون الوظيفة، بحيث يكون للثقافة نوع من الحرية مع من يديرها، وأظن أن الهيئة هي الإطار لذلك، أما النتائج فالحكم عليها يأتي بعد حدوثها، وقد سمعنا عن لجنة درست لائحة الأندية الأدبية واستجمعت الملاحظات على القديمة، ولعل هذا يتمخض عن تحريك حيوي للأندية، فإن تحدثت الأندية فسيكون هذا إنجازا مرحليا واعدا إن شاء الله.