عند حضوري من محافظة حريملاء لتقديم العزاء والمواساة لأسرة آل مبارك، إذا بالأستاذ الفاضل عبدالله بن عبدالرحمن بن إبراهيم آل مبارك يناديني للجلوس بجانبه، وقد بدت آثار الحزن على محياه معزياً في خاله الحبيب حمد بن عبدالعزيز الناصر الذي توفي في جمهورية مصر العربية أثناء رحلته العلاجية في يوم الأحد 1 من جمادى الأولى 1438ه، وهذه آخر أيامه من الدنيا بعيداً عن أهله ومهوى رأسه ببلده القرينة، وقد أُحضر جثمانه الطاهر، وأديت صلاة الميت عليه بعد صلاة عصر يوم الاثنين الثاني من جمادى الأولى 1438ه بجامع الملك خالد بأم الحمام، ثم دفن بمقبرة الشعيبة بالقرينة: وقد حضرت لملتقى الراحلين للصلاة عليه قبل إنزاله بمضجعه في باطن الأرض، ومعزياً شقيقه الأستاذ سعد، وأبناء أخيه عبدالله وأبناء شقيقته منيرة الفضلاء، وأبناء الشيخ عبدالرحمن بن إبراهيم المبارك وأبناء الفقيد، وجميع أسرته، ومحبيه، وقد ضاقت أرجاء المقبرة بجموع المشيعين له، داعين المولى له بالرحمة والمغفرة. وصدق الله العظيم عالم الغيب والشهادة، حيث قال في كتابه العزيز في آخر سورة لقمان: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34) سورة لقمان. فالآجال مخفية في ضمير الغيب لا يعلمها إلا الله سبحانه جل ذكره, ولقد ولد في القرينة بلد آبائه وأجداده, في أواسط الخمسينات الهجرية، وعاش بين أحضان والديه وأسرته في هناء ومسرة، وتلقى بداية تعليمه في مدرسة الكتّاب لدى الشيخ -المطوع- محمد بن فهد المقرن حتى ختم القرآن الكريم مع حفظ عدد من أجزائه, ثم أخذ يعمل في الفلاحة مع والده هو وأخواه عبدالله وسعد، بعد ذلك سافر إلى المنطقة الشرقية فلقي على معالي الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن عدوان -رحمه الله- ممثل الحكومة السعودية لدى شركة أرامكو، فوجهه للعمل بالشركة، فاستمر يعمل هناك بالدمام مدة من الزمن، ثم عاد إلى الرياض وعمل في مكتب وزير المالية عدداً من السنين, بعد ذلك انتقل إلى وزارة الإسكان والأشغال العامة في مكتب صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالعزيز، حتى تقاعد عام 1410ه وكان محبوباً لدى جميع رؤسائه لما يتمتع به من دماثة الخلق وإخلاص في العمل طيلة حياته الوظيفية -تغمده مولاه بواسع رحمته- ولنا معه ومع شقيقه الحبيب عبدالله ذكريات جميلة لا تغيب عن ذاكرتي مدى العمر، كما لا أنسى الهدية القيمة المقدمة من الصديق حمد (أبو عبدالعزيز)، وكأنه قد سمع ما قاله الشاعر مثنياً على تبادل الهدايا بين الأصدقاء والجيران: كما كان يدعونا إذا حضر في استراحته في حريملاء ملتقى معارفه وأحبته، فهو رجل مطبوع على الكرم وحسن الضيافة مع إناس زواره ببعض الطرائف والمداعبات الخفيفة، فالذكريات الجميلة، معه يطول مداهاّ، ولئن غاب أبو عبدالعزيز عن نواظر أحبته، فإن ذكر الطيبة باقياً في طواياه نفوسه مع مدى الأيام، وقد عانى مع المرض مدة طويلة، وكأني به لما أحس بدنو أجله يردد قول الشاعر الدكتور ناصر بن مسفر الزهراني راجياً رحمة المولى له: تغمده المولى بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه وشقيقه سعد، وأبناءه وأبناء عمه عبدالله، وعقيلتيه، وأسرة آل شبيب وجميع محبيه الصبر والسلوان.