من طبيعة الإنسان أن يحيد عن الممات، ويتمنى الاستمرار في الحياة، ويحاول ما استطاع دفع ما قد يحل بجسمه من أمراض مزمنة ومستعصية بأخذ أسباب الصحة والعافية مهما كلّف ذلك وبعد مناله..، وهذا يذكّرنا بحال الأخ الحبيب عبدالرحمن بن إبراهيم الناصر - أبو عبدالله -رحمه الله- حينما أحس بدبيب اليأس بعدم جدوى الأدوية التي كان يتناولها في بلده - حريملاء- رغب أن يسافر إلى بلاد الصين رغم بعدها.. عله يجد من الأسباب ما يعيد صحته إلى حالتها الطبيعية الأولى، وعندما هم بمغادرة منزله برفقة ابنيه الكريمين عبدالله وأحمد، أخذ يجول بلحظه مكرراً نظرات عينيه نحو صغاره وبداخله ما الله عالم به من تحسر ولوعات حزن لا يعلم ما الله صانع فيه، ثم سار على بركة الله متوكلاً عليه، وعندما حطت الطائرة على أرض الصين لم يلبث إلا فترة قصيرة من الزمن حتى فَرّت روحه الطاهرة إلى بارئها فجر يوم الجمعة 7-6-1436ه، بعيداً عن أهله ومهوى رأسه، قال الله في كتابه العزيز {إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} (49 سورة يونس)، وقال سبحانه وتعالى في آخر سورة لقمان {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الآية 34). وما قُدِرّ في اللوح المحفوظ كائن لا محالة: وإذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل (وسيلة) لا تنفع!! -رحمه الله- ولقد ولد في مدينة حريملاء عام 1378ه -تقريباً- وبعد بلوغه السن النظامية ألحقه والده بالمدرسة الابتدائية بحريملاء التي كنت مشرفاً عليها بجانب عملي مديراً لمعهد المعلمين، ويُعتبر من خيرة الطلبة في سلوكه وأخلاقه، متصف بهدوء الطبع والجد في دراسته، ثم واصل دراسته المتوسطة والثانوية بمعهد حريملاء العلمي حتى أكمل المرحلة الثانوية، بعد ذلك تخرّج من معهد المساعدين الصحي بالرياض، ثم دورة بمعهد الإدارة العامة، وكانت هذه المؤهلات والدورات سبباً في صقل مواهبه وحذقه للأنظمة وأساليب العمل، وقد تعيّن في بلدية محافظة حريملاء في 14-11-1400ه حتى ترقى على وظيفة مساعد رئيس بلدية الداودمي بالمرتبة الثانية عشرة، فهو معروف بسماحة الخلق والجد في العمل ومحل ثقة رؤساء البلدية اللذين توالوا على رئاستها حتى زمن رئيس بلدية حريملاء الحالي الشاب النشط المهندس خالد بن عبدالله الزيد، فإنه يجله ويقدره على إخلاصه، وعندما أُحضر جثمانه الطاهر من الخارج، أديت عليه صلاة الميت بجامع الحزم بالحي الجديد بمحافظة حريملاء بعد صلاة عصر يوم الثلاثاء 11-6-1436ه، وقد ضاق الجامع بالمصلين عليه رجالاً ونساءً من حريملاء والرياض والبلدان المجاورة، وتبعه خلق كثير إلى أن ووري في ثرى رمسه بمقبرة - صفيه- داعين المولى بأن يتغمده بواسع رحمته وينور جدثه ويحسن وفادته، وكان مخلصاً العبادة لربه، وباراً بوالديه واصلاً لرحمه وأسرته، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وألهم أبناءه وبناته وإخوانه وعقيلته -أم عبدالله- وأسرة الناصر والقلعي ومحبيه الصبر والسلوان {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. - عبد العزيز بن عبد الرحمن الخريف