بدا حفل تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترمب مذهلاً، لا في برنامجه وتفاصيله الصغيرة، بل في دقة المواعيد، التي تستطيع أن تضبط ساعتك عليها، ولا أحد ينافس الأمريكيين، في البراعة بتنظيم المناسبات، ناهيك إذا كانت مناسبة تاريخية، لتنصيب رئيس جديد، ولا غرو في ذلك، فهذه المناسبة، التي تمثل الانتقال السلمي للسلطة، تعتبر من اللحظات التاريخية، التي يفخر بها المواطن الأمريكي، وقد بدأت مراسم الاحتفال باستقبال الرئيس المنتهية ولايته، باراك أوباما، للرئيس المنتخب ترمب، في البيت الأبيض، فيما يعرف بمراسم التسليم، وبعدها انطلق الرئيسان ونوابهما، إلى مقر الاحتفال، إذ سبقهم إلى ذلك الرؤساء السابقون، جيمي كارتر وبيل كلينتون وبوش الابن، وغاب الرئيس بوش الأب لظروف مرضه، وفي تمام الثانية عشرة ظهراً، أدى الرئيس ترمب القسم، أمام رئيس المحكمة العليا، ليتسنم بعدها رئاسة أهم وأقوى دول العالم. حفل التنصيب، الذي من المفترض أن يحضره كل أعضاء الكونجرس، الشيوخ والنواب، غاب عنه، في موقف غريب، ثلث أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين، اعتراضاً على فوز ترمب، وتضامناً مع عضو الكونجرس الأسود، جون لويس، والذي شكك، دون الاستناد على أي أدلة موثقة، في فوز ترمب، ما يعني أن لويس لا زال يتمتع بشخصيته الثورية، التي اشتهر بها، منذ زمن نضاله ضد قانون الفصل العنصري، قبل 50 عاماً، وقد تضمن برنامج الحفل فقرات لها جذور راسخة في هذه الديمقراطية العريقة، وألقى الرئيس ترمب كلمة متوسطة الطول، استغرقت أقل من 20 دقيقة، وتضمنت ملخصاً لرؤيته المستقبلية، بعد أن أكد أن الحال الأمريكي الراهن لا يتواءم مع مكانة أمريكا، وختمها بوعده للناخبين بأنه سيمنحهم السلطة، التي حرموا منها طويلاً، وذلك من أجل أن تعود أمريكا عظيمة كما كانت دوماً، وذلك في إشارة مبطنة إلى فقدان أمريكا لهيبتها، خلال فترة الرئيس أوباما. كان أهم ما ورد في كلمة ترمب هو وعده القاطع «بمحو الإرهاب من على وجه الأرض»، وكان ترمب، وطوال حملته الانتخابية، التي استغرقت أكثر من عام، قد انتقد إدارة أوباما في تعاملها اللين مع ملف داعش، وملف الإرهاب عموماً، وهذا هو ما يهمنا.. فالساسة الأمريكيون يدركون أن المملكة هي الخبير الأول عالمياً في الحرب على الإرهاب، والشريك الرئيس للولايات المتحدة بهذا الخصوص، ولا جدال أن هذا الأمر كان، ولا يزال حاضراً في ذهن ترمب وأركان إدارته، وإذا أضفنا لذلك حقيقة أن ترمب رجل أعمال ناجح، كان قد وعد الناخب الأمريكي بالسعي لتحسين أحواله الاقتصادية، ويعلم كمستثمر عالمي مكانة المملكة الاقتصادية عالمياً.. فإننا نتفاءل ببدء شراكة جديدة مع إدارة ترمب، في كل الملفات، خصوصاً الملف الاقتصادي، وملف الحرب على الإرهاب، بعد فتور العلاقات السعودية - الأمريكية خلال عهد أوباما، وهذا هو المتوقع خلال الفترة المقبلة، فلنتابع ونتفاءل!.