مر عامان منذ تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز سدة الحكم. عامان مليئان بالأحداث داخلياً وخارجياً، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. فكأنهما شحنا بالتحديات لاختبار حكمة وقدرة الملك الجديد ومعاونيه. ولم تكن المستجدات خاصة بالمملكة ولا حتى بالمنطقة بقدر ما كانت تراكمات من سنوات عديدة يمكن أن نعود بها إلى ابتداء الألفية ويمكن أن نعود في التاريخ حتى منتصف القرن الماضي. الحمد لله استطاعت المملكة بحكمة صانع القرار وعقلانية التجاوب من عامة الشعب ونخبه أن تنجح في كل الامتحانات من حرب الخليج إلى ما سمي بالربيع العربي وليد الفوضى الخلاقة التي أحرقت الأخضر واليابس في الجوار شمالاً وجنوباً. خلال العامين الماضيين أزيحت الستر عن الكثير من النوايا السلبية المستترة بشعارات براقة.. ولكن سياسة الحزم والعزم والتحكم في دفة السفينة اتخاذ القرار المباشر دون تلكؤ أنقذت المملكة من العواصف المبيتة، فلا هبوط أسعار النفط أوقف عجلة التنمية، ولا تنامي الخلايا الإرهابية في الجوار قضى على الأمن والاستقرار، ولا تدخل القوى العظمى للتلاعب بمسيرة الأحداث، ولا تفجير التصدعات الدينية والمذهبية والطائفية والإثنية استطاعت أن تفقد المملكة حس الأمن والأمان. الحمد لله أتابع عن كثب التطور الواضح في تعامل القيادة مع التحديات والمستجدات، ومن إعادة هيكلة الأجهزة الحكومية للعمل بروح الفريق، بدءا بتكوين مجلسين أعليين لشؤون الأمن وشؤون الاقتصاد والتنمية، إلى تغيير طريقة التعامل مع منجز كل وزارة وهيئة ليتم المتابعة والتقييم بصورة متواصلة، إلى وضع رؤية للتحول الشامل لكل ما يتعلق بسير الحياة اليومية في المملكة من أعلى مستوى قيادي إلى رجل الشارع، وتعيين نخبة من المسؤولين لوضع الخطط والمبادرات التي ستقوم بتحويل الرؤية إلى واقع يحمي المستقبل من الانهيار. أتابع مستجدات الساحة السياسية والعسكرية في المنطقة على مدى عقود منذ الثورة الخمينية التي تحولت إلى منبع للشرور والتطرف الديني والطائفي في الجوار حتى آخر المستجدات في انتشار الإرهاب الداعشي، وأتألم إذ أرى ما تتناقله نشرات الأخبار من الدموية والتدمير والموت. العنف يتصاعد حتى تصريحات القيادات شرقا وغربا إذ يواجهون ضرورات التعامل مع تطرف الأحزاب وشبكات الخلايا وتفجيرات الذئاب المنفردة وتدفق ملايين اللاجئين. الحمد لله مر عامان والمملكة بقيادة الملك سلمان وولي العهد وولي ولي العهد حفظهم الله استطاعت تجاوز كل تحد وعقبة وتهديد آني. وأشرعت بوابة لعهد جديد يتعامل مع العالم الخارجي من موقع الندية والمسؤولية عن اتخاذ القرار الداخلي. التحالف العسكري الإسلامي الذي يضم 42 دولة عربية ومسلمة يشهد بذلك.. ومشاريع التحول من دولة ريعية تعتمد على تصدير النفط والغاز إلى دولة صناعية متعددة مصادر الدخل وواعية لمتطلبات التعامل مع العلاقات الاقتصادية بتجدد يشمل تغير الأجواء الداخلية لفك الاختناق المجتمعي والدخول في ساحة الحاضر بما يتطلب من حيوية الاستعداد والانفتاح مع المحافظة على الاستقرار والسيادة. وإذ أدرس تفاصيل الخطط والمبادرات المختلفة لما يعدنا المسؤولون بتحقيقه بين 2020 و2030 أستعيد الأمل أن تكون الأعوام القادمة تواصل مسيرة إلى الأفضل بتنفيذ دقيق للمبادرات، ومتابعة دقيقة لتعديل الأهداف لتظل المنجزات قابلة للتحقق. كل عام ونحن بخير.. وفي تقدم.. وفي أمان.