مع اطلاعكم على هذا المقال، يكون قد تبقّى ثلاثة أيام فقط، حتى نعرف هوية زعيم العالم الجديد، وبعدها سيختتم مسلسل هذه الانتخابات المثيرة في كل شيء، والتي تشرفت بمتابعتها أولاً بأول برفقتكم، منذ أكثر من عام، وهذه الانتخابات كانت، ولا تزال مثيرة، بدءاً من هوية المرشحين، الجمهوري والديمقراطي، اللذين يعتبران من أسوأ المرشحين، إنْ لم يكونا أسوأهم، عبر التاريخ السياسي الأمريكي الطويل، وليس انتهاءً بالفضائح، والاتهامات المتبادلة بينهما، وانحياز الإعلام الأمريكي الفاضح، الذي ربما لم يسبق له مثيل، فقد بدأ الحفل بمفاجأة دونالد ترمب لكل المراقبين، واكتساحه لانتخابات الحزب الجمهوري التمهيدية، رغم أننا كنا جميعاً نعتقد أنه خاض غمار السياسة، كرجل أعمال بليونير، لأهداف تجارية تسويقية بحتة، ولكنه جندل كل خصومه، واحداً بعد الآخر، بما فيهم الساسة الكبار، مثل جيب بوش، وتيد كروز، وكريس كريستي، وجون كيشك، ووضع الحزب الجمهوري، الذي لم يرغب به أصلاً، أمام الأمر الواقع. المفاجأة الثانية كانت في جاذبية خطاب ترمب العنصري لشريحة جمهورية واسعة، فقد بدأ حملته بالهجوم على المسلمين، واللاتينيين، الذين وصفهم بأبشع الألفاظ، واقترح بناء جدار عازل، بين أمريكا والمكسيك، ولم يكن أحد يتوقع أن يجد مثل هذا الخطاب المتشنج قبولاً، في معقل الحرية والديمقراطية، التي قامت على الهجرة والمهاجرين، ولكن هذا حدث بالفعل، وأصبحت حملات ترمب الانتخابية تجذب يمين الحزب الجمهوري، مثل المنظمات المتطرفة، وأنصار حمل السلاح، وغيرهم من الناقمين على الحكومة الفيدرالية، منذ إقرار قانون الحقوق المدنية، في 1968، وصولاً لانتخاب رئيس أسود لأمريكا، فقد وجدوا ضالتهم في ترمب، وبدا الأمر أحياناً كما لو أنّ أمريكا عادت لزمن ستينات القرن الماضي، فمن تصريحات مثيرة، إلى صدامات عنيفة، ولم تكن الأحداث في الجانب الديمقراطي أقل إثارة وتشويقاً!. كانت هيلاري واثقة من أنها ستكتسح الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، خصوصاً بعد ما تم التفاهم مع أسماء ديمقراطية بارزة بعدم الترشح، مثل نائب الرئيس أوباما، جوزيف بايدن، والذي يطمح هو الآخر بالرئاسة . هذا، ولكن تفاجأت هيلاري، ووراءها الحزب، باكتساح المرشح المستقل، والديمقراطي في هذه الانتخابات، برني ساندرز، وهو سيناتور عن ولاية فيرمونت الصغيرة، كما أنه اشتراكي، يتجاوز عمره السبعين، فلم تكن هيلاري تعير ترشحه اهتماماً، ولكنه اكتسح، تماماً كما فعل ترمب، في الجانب الجمهوري، واستطاع جذب أصوات الشباب، ببرنامجه الطموح، ولولا تصويت كبار المندوبين الديمقراطيين لهيلاري، وهو أمر غير عادل إطلاقاً، لربما كان ساندرز هو مرشح الديمقراطيين اليوم، ثم استمرت الإثارة، بين هيلاري وترمب، فهي متهمة بقضية التساهل في التعامل مع وثائق سرية، وترمب نال نصيبه من فضايح التحرش، والعنصرية، والتهرب الضريبي، ولا يزال السجال قائماً حتى اليوم، فلنتابع، ونرَ من يكسب المعركة النهائية، الثلاثاء القادم، ولكن في كل الأحوال، لا أظن أنّ الشعب الأمريكي سيحتفل، سواء فازت هيلاري أو ترمب!.