يتنافس حاليا خمسة أشخاص على رئاسة الإمبراطورية الأمريكية، ففي الحزب الجمهوري، هناك المثير للجدل، دونالد ترمب، ولعلكم تعرفون عنه الكثير، وينافسه عضو مجلس الشيوخ عن تكساس، تيد كروز، وهو محافظ، ولا يقل حمقا ووقاحة عن ترمب، ولكن سوء ترمب صرف الأنظار عنه، فالمرشح تيد كروز له تصريحات تعج بالعنصرية، وهو الذي اقترح أن تكون أحياء المسلمين في أمريكا تحت الرقابة الدائمة، وهو أمر لا يقره الدستور الأمريكي، ولا القيم الأمريكية، والتي جعلت هذه الدولة الفريدة موئلا للمهاجرين من كل أصقاع الأرض، وهناك مرشح ثالث، وهو حاكم ولاية أوهايو الهامة، جون كيسك، وهو يتأخر حاليا عن ترمب وكروز، ولا أمل له بالترشح، إلا عن طريق مؤتمر الحزب، فيما لو قرر الحزب إزاحة ترمب وكروز !. في الحزب الديمقراطي، هناك منافسة شرسة، بين هيلاري كلينتون، ومنافسها الوحيد، برني ساندرز، ولا تتلخص مشكلة هيلاري في مخالفتها للقانون، عن طريق استخدامها لبريدها الإلكتروني الشخصي لإدارة عملها الرسمي، عندما كانت وزيرة للخارجية، وهي القضية التي تلاحقها حتى الآن، ولكنها شخصية غير محبوبة، فكثير من الناخبين لا يحبذون شخصيتها، ويتهمونها بأنها شخصية بلاستيكية بلا مشاعر، والغريب أن شعبيتها ليست عالية، حتى لدى بنات جنسها، وللعلم، فإن هيلاري تتقدم حاليا على منافسها الوحيد، برني ساندرز بفضل الناخبين الكبار، وهم كبار المنتسبين للحزب الديمقراطي، ولهم الحق في أن يصوتوا لمن يريدون، بغض النظر عن التصويت الشعبي، وفي حال تم استبعاد أصوات المندوبين الكبار، فإن السباق متقارب جدا بين هيلاري وساندرز، ولكن الدلائل تشير، وبفضل الناخبين الكبار بالطبع، إلى أن هيلاري ستخطف ورقة الترشح من ساندرز، وبهذه الطريقة اللاديمقراطية!. لو كان التصويت في أمريكا يحتسب كما في كل الديمقراطيات، فلربما فاز برني ساندرز بالرئاسة، ولكن هذا لن يحدث، لأن ساندرز ليس له ارتباطات بلوبيات المصالح المتحكمة في مفاصل الديمقراطية الأمريكية، كما أنه مستقل «حقيقي»، تهمه المصلحة الأمريكية العليا، ويهمه المواطن الأمريكي، وهذا يتعارض مع رؤية لوبيات المصالح، ومع الأجندات المتغلغلة في عمق الحراك السياسي في الولاياتالمتحدة، ويحلم معظم المواطنون الأمريكيون في أن يحكمهم يوما ما شخصية مستقلة، مثل برني ساندرز، فقد ضاقوا ذرعا بالنسخ المتكررة من الرؤساء، والذين تحركهم مصالحهم الشخصية، ومصالح اللوبيات التي تدعمهم، بل إن بعض السياسات الأمريكية، والتي نفذها بعض الرؤساء، أضرت بأمريكا كثيرا، مثل غزو العراق واحتلاله، في عام 2003، مع أنه لا توجد مصلحة أمريكية مباشرة من ذلك، كما يرى معظم المعلقين، ومع ذلك فإن فرص برني ساندرز، أو من هو مثله، من المستقلين، الذين تهمهم مصالح أمريكا ومواطنيها فقط، لن يحكموا أمريكا، طالما لم يحدث تغير جذري في آلية الانتخابات، وارتباطاتها باللوبيات المتنفذة، وآلة الأعلام الضخمة، فلننتظر حتى يأتي ذلك اليوم، وسوف يطول هذا الانتظار!.