جاءت تغريدة خادم الحرمين سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله بمناسبة اليوم الوطني وفي نهايتها قوله «كل عام وشعبنا الوفي يعتز بوطنه ويفخر بانتماءه». وتوقف أستاذنا الدكتور سليمان العيوني عند كتابة الهمزة في (بانتماءه) غيرة منه على العربية، فقال «خادم الحرمين، وحامي الإسلام والعربية لا يرضى بخطأ إملائي. فيجب على مشرفي تغريداته أن يكونوا على قدر المسؤولية». ولا شك أنَّ هذه الكتابة مخالفة للعرف الشائع اليوم في كتابة الهمزة؛ ولكن من أخطأ في نظر هذا العرف الشائع إنما ركن إلى تثبيت جِذع الكلمة، فجذع الكلمة هو (انتماء)، ولن يتغير في حالة رفع أو خفض، تقول: هذا انتماءٌ، وافخر بانتماءٍ إلى بلدك، ولعل من الأسهل تعليميًّا تثبيت هذا الجذع كما ثبت غيره من الأسماء الصحاح، مثل: هذا زيدٌ ومررت بزيدٍ، فليس يتغير رسم الدال حين تلصق بالكلمة لواصق أخر، تقول: زيدان وزيدون، ولعل الذي أجاء القدماء إلى تغيير شكل الهمزة وفاق الإعراب هو غياب الشكل الإعرابي. وقد كنت دعوت من قبل في كتاب (الشاذليات) إلى اعتماد ثبات الجذع رعاية للناحية التعليمية، قلت ما نصه «تكتب الكلمات التي تبدأ أو تنتهي بهمزة دون احتساب ما اتصل بها قبلها أو بعدها، فالكلمتان: (أُخِذَ، قرأ) تكتبان على النحو الذي كتبتا به قبل اللاصقة، مثل: أ+ أُخِذَ ) أأُخِذَ قرأ ) قرأوا أبناء ) جاء أبناءُكم ، رأيت أبناءَكم، مررت بأبناءِكم. خطأ ) خطأان / خطأين. جزء ) جزءان/ جزءين. مبدأ+ي ) مبدأي. وقد يجابه مثل هذا القول بشيء من الرفض والإنكار بسبب إلف الأوضاع السابقة، وبحجة أنّ هيئة كتابة الكلمة في نهايتها ذات علاقة بالموقع الإعرابي؛ لأنها تصور حال الاسم من حيث الرفع والنصب والجر، وهذا قول صحيح؛ ولكن الكتابة في المقام الأول اصطلاحية، يمكن أن نغير من مفردات ما تواضعنا عليه بالكيفية التي نراها تخدم غرضنا من استعمال اللغة وتعلمها وتعليمها، وقد شهدت مسيرة الرسم العربي سلسلة من التغيرات التي صبت في مصلحة هذا الرسم، وهذا يقوي العزم نحو المضي في سبيل الإصلاح في الرسم، إذ المشاهد أن كثيرًا من أخطاء الناس في استعمال اللغة إنما مردها إلى الرسم، فغياب الحركات من الرسم يكاد يذهب من استعمال الناس البناء (يُفْعِل) (1)؛ إذ كثيرٌ استعمالهم هذا البناء مفتوح ياء المضارعة، وهذا يرتد به من الزيادة إلى التجرد. وأما علامات الإعراب فهي الحركات أو ما ناب عنها، وليست هيئة الهمزة. ويمكن أن نستأنس بأصل رسم الهمزة في وسط الكلمة حين رسمت في هيئتها الغالبة على الحرف الذي يؤول إليه تسهيلا، فإن تسهل إلى واو رسمت على واو وإن تسهل إلى ألف رسمت على ألف وإن تسهل إلى ياء رسمت على نبرة، أما في مثل أبناء فإنها لا تسهل مرفوعة إلى الواو ولا إلى الألف منصوبة ولا إلى الياء مجرورة؛ ولذلك من الخير أن تبقى على شكلها قبل إلصاق شيء بها»(2). فإن ارتضينا هذا الاتجاه صح أن نقول: فخر المواطن انتماءُه، وإنّ انتماءَه فخر له، فليفخر بانتماءِه. ... ... ... (1) يقولون من (ألقى كلمة): يَلْقِي كلمة، ومن (أعدّ أمرًا): يَعِدّ أمرًا، ومن (أقام شهرًا): يَقيم شهرًا. والصواب: يُلقي كلمة، ويُعِدّ أمرًا، ويُقيم شهرًا. (2) الشاذليات، كتبه: أبوأوس إبراهيم الشمسان، تركي بن سهو العتيبي، عوض بن حمد القوزي، محمد بن باتل الحربي، جامعة الملك سعود/ الرياض، 1428ه- 2007م، ص 105-106.