إذا أردنا أن نفرق بين همزة الوصل والقطع ، نضع قبلها فاءً أو واواً فإذا نطقناها كانت همزة قطع ، وإذا اختفت عند النطق كانت همزة وصل (مثل : فأحسنْ ؛ همزة قطع ، فاعلمْ ؛ همزة وصل ). ما كنت سأواصل الكتابة في موضوع المقال السابق (أخطاء شائعة في الكتابة) لولا بعض الردود التي علقت عليه ، ومنها طلب مزيد من هذه الأخطاء للفائدة . فلقد علق أحد القراء على كلمة كافة بقوله : " إن كلمة (كافة) تقبل الإضافة واستشهد بقول لعمر بن الخطاب " ! لكنّ ما ذكرته من عدم إضافتها هو الصواب ، وجاء في القرآن قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ) البقرة 208 ، إذ وردت الكلمة خمس مرات في أربع آيات فقط بالنصب على الحال ولم ترد مضافة . ومن الأخطاء الأكثر شيوعا في لغة بعض الكتاب والصحفيين ما يلي : - يكثر الخطأ في كتابة ونطق همزة الوصل وهمزة القطع ؛ وهمزة الوصل: هي التي يتوصل بها إلى النطق بالساكن ؛ لأن الكلمة العربية لا تبدأ بساكن ، تكتب ولا تثبت نطقا في بدء الكلام ووصله ، وسميت بذلك لأنها تسقط فيتصل ما قبلها بما بعدها . أما همزة القطع: فهي التي تثبت نطقاً في الابتداء والوصل، وسُميت همزة قطع لأن اللفظ بها يقطع ما قبلها عما بعدها. وتُرسم ألفاً عليها رأسُ عين صغيرة(ء) في حالتي الضم " أُميمة " والفتح " أماني " وتُرسم تحت الألف في حالة الكسر " إلهام " . أما مواضع همزة الوصل فهي : الأسماء : اسم، ابن، ابنة، ابنم، امرؤ، امرأة (وكذلك مثنى هذه الأسماء)، واثنان ، واثنتان، وايمُنُ الله . وأمر الفعل الثلاثي: اكتبْ، انجح ْ، ادرس ْ، وماضي الفعل الخماسي وأمره ومصدره، نحو: ابتسم َ ، ابتسمْ ، ابتساماً . واقتصدَ ، اقتصدْ ، اقتصاداً . وماضي السداسي وأمره ومصدره ، نحو: استنتجَ ، استنتجْ ، استنتاجاً ، واستعلمَ ، استعلمْ ، استعلاماً . وهمزة (أل) إذا اتصلت بالكلمة: مثل الطالب، الذي، اللذان، الآن. أما مواضع همزة القطع : ( قاعدة بسيطة :متى ما حفظت مواضع همزة الوصل ، فكل ما عداها همزة قطع ) : جميع الأسماء همزتها همزة قطع – عدا ما تقدم - مثل : (أب ، أبوان، أبناء، أحمد، إبراهيم، إسماعيل، أسماء، أشياء، أنواع، أقدار، أعوام ..الخ ) ، والضمائر: أنا ، أنت،أنتم،إياي ، إيانا ،إياكم ، إياكن ...الخ ، وكل الحروف والأدوات ، مثل : إذا، إذ،إذن، إذما،أي، أم ، إمّا ، أو، إنّ ، إنْ ، أنّ ، إلا، إلى ، ألا ، همزة النداء ، همزة الاستفهام ، همزة التسوية . وهمزة الفعل المضارع : أكتبُ ، أسافرُ ، أسعى ، أستنجد ُ ...الخ وماضي الثلاثي المهموز ومصدره فقط ؛ مثل : أخذَ أخذاً ، وأكلَ أكلاً ، وأمرَ أمراً . وماضي الرباعي وأمره ومصدره ؛ مثل : أحسنَ ، أحسنْ ، إحساناً ، وأقبلَ ، أقبلْ ، إقبالاً. إذا أردنا أن نفرق بين همزة الوصل والقطع ، نضع قبلها فاءً أو واواً فإذا نطقناها كانت همزة قطع ، وإذا اختفت عند النطق كانت همزة وصل (مثل : فأحسنْ ؛ همزة قطع ، فاعلمْ ؛ همزة وصل ) . - الخلط بين تاء التأنيث والهاء سواء أكانت من أصل الكلمة أم كانت ضميراً للغائب ، فتاء التأنيث ترسم فوقها نقطتان مثل " مدرسة ، وامرأة ، وتنطق هاء عند الوقف : " ذهبت إلى المدرسه " أما عند الوصل فتنطق تاء " ذهبت من المدرستي إلى البيت " وأرجو ملاحظة أني كتبت المثالين كما يجب أن نلفظهما ، لا كما نكتبهما . أما الهاء فهي إما أن تكون من أصل الكلمة كما في الأسماء مثل : وجه وفقه وأشباه واتجاه وشفاه وأفواه ومياه وكُره ومكروه ، وفواكه. وفي الأفعال مثل : سَفِه ونزّه ونبّه ونوّه وموّه . ولا ترسم نقطتان على الهاء ، ومثلها ضمير الغائب عند وصله بالأسماء مثل : بيته وكتابه ، أو وصله بالأفعال ؛ مثل : علمته وأكرمته ، أو بحروف الجر وظروف المكان مثل : منه وإليه ، وفوقه وتحته ... فهذا ضمير المفرد الغائب ولا يجوز وضع نقطتين فوقه . إذن كيف نفرق بين تاء التأنيث والهاء ؟ إننا إذا استطعنا نطق الحرف تاءً فهو تاء مربوطة ، كما أننا إذا وصلناه بالضمير فإنه يكتب تاء لا هاء ، فتاء التأنيث في مدرسة وحقيبة ولعبة ومنزلة ، تكتب تاءً عند وصلها بالضمائر ( ياء المتكلم ، وكاف المخاطب ، وهاء الغائب ، وناء المتكلمين ) مثل : مدرستي ، وحقيبتك ، ومنزلته ، ولعبتنا ، وقس على ذلك. - من الأخطاء : عدم كتابة الألف بعد واو الجماعة المسندة للفعل الماضي كتبوا ، والأمر اكتبوا ، والمضارع المنصوب والمجزوم بحذف النون : لن تكتبوا ولم يكتبوا ، وهذه الألف تسمى الألف الفارقة ؛ لأنها تفرق بين واو الجماعة المسندة للأفعال ، وواو الفعل الأصلية كما في: يدعو ويرجو ويسمو ، فلا يجوز رسم الألف بعد هذه الواو ، كما لا يجوز رسمها بعد واو الجماعة في جمع المذكر السالم مثل : مهندسون ومسلمون ، إذ عند إضافة هذا الاسم تحذف نون الجمع : مهندسو المشروع ِ ، ومسلمو العالمِ ، ومن الأخطاء التي تقع هنا إضافة ألف بعد الواو :" مهندسوا المشروع " وهذا لا يجوز. - الاسم المنقوص أي المنتهي بياء مكسور ما قبلها مثل ( القاضي والراعي والساعي ) ، إذا حذفت أل التعريف صار نكرة ، وعندها يجب حذف الياء في حالتي الرفع والجر، ويعوض عنها بتنوين الكسر، مثل: جاء قاض ٍ (في حالة الرفع) ، وسلمت على ساع ٍ(في حالة الجر). لكن الياء تبقى في حالة النصب ، مثل: شاهدت راعيًا . وفي القرآن : ( ولكل قوم هاد ٍ ) الرعد 7 ، و( إلا أن تكون تجارة عن تراض ٍ ) النساء 29. - يكثر الخطأ في كتابة " إن شاء الله " إذ يصلونها هكذا " إنشاء الله " ، والصواب فصلها ؛ لأن الجملة مكونة من إنْ الشرطية الجازمة وفعل الشرط وهو ماض هنا ، والمعنى : إن شاء الله أفعلُ كذا ، فيحذف جواب الشرط للعلم به . أما وصل إنْ بالفعل فيغير دلالة الجملة الشرطية ، إذ تصبح دالة على الإنشاء وهو الخلق ؛ كما في قوله تعالى : ( إنّا أنشأناهن إنشاء )الواقعة 35 ، ومنه الإنشاء بمعنى كتابة نص جديد . - ومن الأخطاء أيضا ؛ حذف الفاء من جواب أمّا ، ففي بعض القنوات يقول المذيع أمّا الآن مع النشرة الجوية ، وهذا خطأ والصواب فمع النشرة الجوية ؛ وفي القرآن الكريم : ( فأمّا اليتيم فلا تقهر) الضحى 9 و( وأمّا السفينة فكانت لمساكين ) الكهف 79 ، و( أمّا أحدكما فيسقي ربه خمرا ، وأمّا الآخر فيصلب ) يوسف 41 . - الخطأ في ضبط الاسم الواقع بعد إلا ؛ فإذا كان الكلام تاما مثبتا ، مثل : حضر الضيوف إلا ضيفاً ، فإن ما بعد إلا يجب نصبه على الاستثناء ، أما إذا كانت الجملة منفية والمستثنى منه غير موجود ؛ أي أن يكون الكلام ناقصا منفيا ؛ فإن إلا يبطل عملها وتكون حينئذ أداة حصر وما بعدها يعرب حسب موقعه في الجملة ؛ كقوله تعالى : ( ما المسيحُ ابن مريم إلا رسولٌ ) ، وقولنا : ما مررت إلا بخالد ٍ. - الخطأ في جمع مدير على مدراء ، والصواب مديرون ، إذ يقيسون مدير على سفير ووزير وأمير التي تجمع على سفراء ووزراء وأمراء ، وهو قياس خاطئ ؛ لأن وزير وسفير وأمير مشتقة من الثلاثي: وزر ، وسفر ، وأمر ، والياء فيها لبناء صيغة فعيل . بينما مدير مشتق من فعل رباعي : أدار . واسم الفاعل من الرباعي يأتي على وزن مضارعه مع إبدال يائه ميمًا مضمومة وكسر ما قبل الآخر . فيقال : أقبل يقبل مُقبِل ، على وزن مُفعِل ، ومثلها أدار يدير مُدير. - يخطئ كثيرون في استخدام كلمة ( حوالي ) ويريدون بها المقاربة العددية ؛ فيقولون حوالي عشرين يوما ، والصواب أن يقال : (نَحْوَ) أو (زُهاء) أو (قُرابة) ، لإعطاء معنى المقاربة العددية . وأما ( حوالي ) فتدل على (المُقارَبة المَكانية)، أي: المُقارَبة في الجهات، لأنها ظرف مكان مثل: سرتُ حوالي النهر، أي: قريباً منه، ومثله قوله عليه السلام : ( اللهم حوالينا ولا علينا ... ) . - ومن الأخطاء الشائعة جدا استعمال حرف الترجي ( لعل ) مع الفعل الماضي ، وهو يفيد ترجي ما يمكن حدوثه مستقبلا ؛ إذ يقولون : لعله ندم على ذلك ، والصواب لعله يندم ، ولم تأتِ لعل في القرآن متلوة بالفعل الماضي أبدا ، ومن هذا قوله تعالى : ( لعل الله يحدثُ بعد ذلك أمرا) الطلاق 1 ، و( لعلي أعملُ صالحا فيما تركت ) المؤمنون 100 . - يقولون : هذه البلد ، والصواب هذا البلد ( ربّ اجعل هذا البلد آمناً) إبراهيم 35 ، أما هذه فيشار بها إلى البلدة ،(إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة ) النمل 91 . - يقولون : اضطر الضيف للسفر ، والصواب ؛ اضطُر إلى السفر، وفي القرآن (وقد فصل لكم ما حرّم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) الأنعام 119 . - يخطئ بعضهم في استخدام الفعل استأذن ؛ إذ يجعله متعدياً بحرف الجر ( من ) فيقولون استأذن فلان من رئيسه ، والصواب استأذن رئيسه ؛لأنه يتعدى بنفسه ،وفي القرآن: ( ويستأذن فريق منهم النبيَ )، أي يستأذن النبيَ فريقٌ منهم . - يقولون لا يجب أن تفعل كذا ، وهذا خطأ ؛ فالوجوب لا ينفى لأن نفيه يعني جوازه ، والصواب أن يقال يجب ألا تفعل كذا ، بتأخير النفي عن فعل الوجوب .