حينما قرأت شيئاً من الأسطر التي اكتسحت العالم قبل أن تكتسح عقولنا كتبت هذه الأسطر إهداءً إلى من يعترف بحق المكفوفين في الثقافة: في خرائط البشر تضع يدك على شجرةٍ وافرة الثمار، تهزها لتتساقط عليك أسطر تزهو جمالاً، تذوب حلاوتها في فمك، تتسلّل إلى حلقك، مستلهمة وجودها من عقلك الذي يتصل بكل حرفٍ فيها، تمتزج بخلايا دمك، تحوله إلى مركب آخر، تتفنن في سحب تلك العوالق المتأصلة في خلجاتك، هي قصاصة من عالم حُبِكت في دائرة من: ألم، حب، إحباط، أمل، تشبث بغائب، فقاعات تفكير اصنعْ منها كأس عسل في وحدتك واسبحْ في مدادها، قد أكون مجنونة إلى الحد الذي يجعلك ترسم في عقلك صورة لا توصف، قد لا تعنيك لكنها ملهمة لنصف عقلك بشيءٍ دفنتَه في رفات الماضي البعيد، هي أقصوصة من حياتك ربما تخضبت بها في طفولتك حتى تلوّنت بلونها الرمادي وربما إشارة اصطدمتَ بها في شبابك كلفتك جزءًا من قلبك أو فقدتَ تلالاً من أحلام عكفتَ سنين طوال في بنائها، هي نبض من قلب إنسان هو أنا، أنت، هي أبكار لم يمسسن أجادت ريشة أمها في الأخذ بها إلى قصر الزفاف، هو زواج عقول تفرّقت في طرق الحياة وصفوف مشاعر ارتصت في حلوقنا بحثًا عن فارس أحلامها، بحثًا عن من يخرجها من فوهة الليل تكونت فيه كبذرةٍ تنتظر النمو حتى إذا ما بلغت الحلم وأسفرت عن روح خلاقة توافدت أفواج الأوراق لخطبتها.