سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
القاعدة النقدية للمملكة ترتفع من 301 مليار ريال إلى 306 مليارات في 7 أشهر فيما تتزايد احتياطياتها النفطية.. وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية ب«الجزيرة»:
«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية: ليست المملكة وحدها التي تتعرض حاليًا لهجمات اقتصادية أسلحتها الإعلام الإقليمي والعالمي، حيث كانت الهجمات قبل زمن تتخذ الشكل العسكري البحت، وخلال العشر سنوات الأخيرة ظهرت أشكالاً جديدة في صور الإرهاب الديني أو السياسي أو كلاهما معًا.. والآن، الصورة الجديدة تتخذ من الإرهاب الاقتصادي سلاحًا يستهدف خلق ضغوط نفسية ترتبط بالجوانب الاقتصادية.. فمؤخرًا انتشرت ظاهرة صدور تقارير اقتصادية من هنا أو هناك تثير مخاوف حول الاقتصاد السعودي، ارتكازًا على أسعار النفط الحالية وأخذًا في الاعتبار وجود ظروف سياسية معينة، أهمها الاضطراب السياسي والعسكري في اليمن. هذه التقارير تكذب بشكل ممنهج وإن ارتكزت على حقائق صحيحة، إنها تكذب في النتائج التي تمثل قفزًا على الحقائق.. هذه التقارير تشير ذعرًا وخوفًا من وجود حالة ركود اقتصادي كثيف في الاقتصاد السعودي اعتمادًا على ظواهر حالة الانكماش في أنشطة المقاولات وقطاع البناء والتشييد.. البعض يتحدث وبكثافة حول عدم قدرة السعوديين على السفر لدول أجنبية كما كان يحدث من قبل في مناسبات مثل إجازة عيد الأضحى الحالية، واعتبارها مؤشرًا يقينيًا على حالة الركود التي يمر بها الاقتصاد السعودي.. ولكن هل هذه التوقعات صحيحة؟ وهل حالة التخويف تمثل افتراضًا منطقيًا؟ أم أنها هجمات متعمدة تدخل في سياق خلق ضغوط نفسية في قالب اقتصادي؟ القاعدة النقدية.. لا جديد تقريبًا لقد وصل حجم النقد المتداول خارج المصارف بالسوق السعودي في يوليو من هذا العام إلى مستوى 174.9 مليار ريال، وهو مستوى مرتفع ويمثل صعودًا عموديًا منذ 2009م، وحتى نزوله عن مستوى يونيو الشهر الماضي إنما يمثل توجهًا معتادًا يحدث كل عام في مثل هذا الشهر لوجود تسربات معروفة ومعتادة، مثلما حدث في يوليو 2014 ويوليو 2010م. أما مستوى الودائع المحلية بالبنوك، فلا تزال تسجل مستوى صاعدًا بشكل رئيس، حيث وصلت في يوليو 2016م إلى 95.5 مليار ريال، وحققت معدل نمو 2.3 في المائة عن مستواه في نهاية عام 2015م.. أما عن هبوط هذا المؤشر عن مستواه الشهر الماضي، فهو يرتبط بارتفاع مستوى ودائع المؤسسات المالية التي حققت ارتفاعًا من 1.2 مليار ريال إلى 3.3 مليار ريال خلال نفس الشهرين، أي أن وحدة الأبحاث ب»الجزيرة» تفسر تراجع ودائع البنوك بالارتفاع في ودائع المؤسسات المالية. إجمالا فإن القاعدة النقدية قد ارتفعت بالمملكة من 301 مليار ريال في ديسمبر 2015م إلى 306 مليارات ريال في يوليو 2016م. عرض النقود.. نمو بمعدل 43 في المائة خلال 5 سنوات وصل حجم عرض النقود الإجمالي في يوليو 2016م إلى حوالي 1.8 تريليون ريال، محققًا نموًا بمعدل 43 في المائة خلال 5 سنوات وبمعدل نمو 1.4 في المائة خلال عام ونصف (منذ نهاية ديسمبر 2014م)، وبمعدل تراجع بنسبة 1.2 في المائة خلال الستة شهور الأخيرة. هل من الضروري حدوث نموًا ؟ ألا يؤدي النمو المتكرر إلى تضخم غير مستحب؟ ليس شرطًا أن يتوالى النمو، بل اقتصاديًا كل نمو متتال، هو تضخم غير مرغوب.. ثانيًا، فإن الأوضاع الاقتصادية المتعلقة بتراجع أسعار النفط ينبغي أن نعلم أن المملكة هو العارض والمنتج الرئيس للنفط، وبالتالي لديها قدرات عالية للتحكم في هذا السعر شاء من شاء وأبى من أبى.. وبالتالي استقرار السعر عند مستويات تحت ال 40 دولارًا إنما هي أوضاع لا نقول إنها من الممكن أن تستمر. الاقتصاد الوطني يمر بأحد الدورات الاقتصادية التساؤل الأهم الموجه لكل المراقبين: أليس نموًا بمعدل 43 في المائة للتوسع النقدي كافيًا لكي نتحدث عن دورة اقتصادية أخرى؟ أليس بعد كل توسع يأتي انكماش؟ كيف تتكون الدورات الاقتصادية، إذا كنا ننتظر توسعًا فتوسعًا؟ إن الدورة الاقتصادية تعني توسعًا فركودًا، فتوسع فركود.. الدورات الاقتصادية لا يمكن أن تسير في نطاق دورة وحيدة أبدا. الجديد الوحيد الذي تتحدث عنه التقارير الاقتصادية المحلية والعالمية، هو تراجع أسعار النفط.. ونتساءل: كيف كان الاقتصاد السعودي عندما كانت أسعار النفط تتحرك عند مستوى 10- 20 دولارًا لفترات طويلة؟ ألم يكون إيجابيًا؟ ألم تستفد المملكة من طفرات اقتصادية متعددة وأسعار النفط عند هذه المستويات السعرية ؟ بالطبع الإجابة بنعم. المشكلة الوحيدة التي يمكن استنتاجها حاليًا هي تضخم مستوى الإنفاق الحكومي، ووصوله إلى مستويات ضخمة وهائلة بالموازنة الحكومية، وذلك نتيجة لعنصر وحيد وهو مبالغات في صنع بنية تحتية هائلة الضخامة تتولى الحكومة فقط الإنفاق عليها.. لذلك، فإن وحدة الأبحاث ب «الجزيرة» ترى أن رؤية 2030 تمثل تصويبًا لمسار التنمية السعودية لكي ننتقل من مرحلة صنع البنية التحتية حكوميًا إلى مرحلة إعطاء الشعلة للقطاع الخاص لكي يقوم بدوره بصنع نشاط اقتصادي بعيدًا عن مسار الإنفاق الحكومي.. أكثر من هذا دائمًا الدول تبحث عن حجم الناتج المحلي الإجمالي أكثر من بحثها عن حجم الإنفاق الحكومي.. المشكلة أن توقعات التراجع في الإنفاق الحكومي تتسبب الآن في إحباط غير منطقي وغير مشهود وغير مبرر.. لأنه لدينا الآن بالاقتصاد الوطني بنية تحتية وصناعية وكثافة سوقية واستهلاكية (أكبر سوق تجزئة في الشرق الأوسط) فضلاً عن احتياطيات نقدية كافية لتغطية موازنة المملكة لثلاث سنوات بافتراض عدم وجود إيرادات حكومية أساسًا بالمملكة، بما شأنه ضمان قيام تنمية اقتصادية فائقة الجودة.. الآن الدور على القطاع الخاص لكي يتولى دوره المنشود كما في سائر الدول المتقدمة والصناعية. الودائع البنكية صمام أمان للاقتصاد الوطني تتنوع الودائع المصرفية بالبنوك السعودية إلى ثلاثة أشكال رئيسة، هي ودائع تحت الطلب وصلت في نهاية يوليو 2016م إلى حوالي 964.6 مليار ريال، ونحو 43.6 مليار ريال كودائع زمنية وادخارية، فضلاً عن 183.2 مليار ريال كودائع أخرى شبة نقدية.. الودائع تحت الطلب تدلل على قوة أعمال إلى حد ما بقيمة تقارب التريليون ريال، أما الودائع الزمنية والادخارية فهي ودائع مرتبطة بنطاق زمني غير قابلة للاسترداد فورًا، وعليه فهي تعطي قدرات تمويلية عالية للبنوك، بقيمة تصل حاليًا إلى 431 مليار ريال، وهي قيمة ضخمة وهائلة.. فما بالنا باقتصاد طاقته المصرفية تصل إلى 421 مليار دولار. سوق الأسهم.. صادف ما هو أسوأ في تصحيح 2006؟ البعض الآن يهول ويثير مخاوف ضخمة بتوقع تصحيح قوي لسوق الأسهم.. ولكن هذه المخاوف نعتقد أنها في غير محلها.. بداية لأن السوق لم يلبث أن ينتهي من إصلاحاته أو لنقل اكتمال تصحيحه الذي بدأ منذ فبراير 2006م الذي من حينها ما لبث المؤشر أن سكن عند مستوى 6176 نقطة (كما في لحظة كتابة هذا التقرير)، وهذا المؤشر يمثل نزولاً من مستوى 20 ألف نقطة تقريبًا في فبراير 2006م.. كما أن المؤشر يعتبر أقرب الآن لأدنى نقطة عند 4100 نقطة عند سقوطه.. لذلك، تتقلص المخاوف من وجود سقوط أو تصحيح جديد كما يحلو للبعض.. ومن ناحية أخرى، فإن قيمة رسملة السوق الحالية (1.46 تريليون ريال) لا تعد متضخمة وإنما في حكم المناسبة، وتأتي في ظل مؤشرات مالية مناسبة للسوق، حيث يصل السعر للعائد إلى 12.8 مرة ونحو 1.49 مرة للسعر للقيمة الدفترية. أسوأ السيناريوهات لموازنة 2017 ما لا يعلمه البعض، أن الموازنة السعودية التقديرية خلال ال 25 سنة الماضية حققت في عشر سنوات عجزًا تقديريًا وصل إلى 70 مليار ريال عام 2010، وارتفع إلى 145 مليار ريال في عام 2015م ونحو 326 مليار ريال عام 2016م.. وجدير بالتنويه، أن ارتفاع حجم العجز المقدر يعود بالدرجة الأولى إلى المبالغة في تقدير حجم الإنفاق الحكومي رغمًا عن معرفة التراجع في الأسعار العالمية المتوقعة للنفط.. فافتراض أن مستوى الإنفاق الحكومي لا بد أن يتراوح في حدود ال 840 مليار ريال إنما هو افتراض نظري.. تعده وحدة الأبحاث والتقارير بمنزلة افتراض عاطفي يأخذ في اعتباره جانبًا معنويًا أو نفسيًا أكثر منه تعاملاً اقتصاديًا.. فقد كان التركيز على رصد وتقدير إنفاق حكومي كبير ليس للإنفاق الحكومي في حد ذاته، بقدر من الإنفاق على مشروعات بنية تحتية جديدة كان قد تم المضي في إنشائها منذ بضعة سنوات. وإذا شئنا تقديرًا مناسبًا لموازنة عام 2017م، لاعتمدنا على موازنتي 2010 و2011 واللتين بلغ حجم الإنفاق الحكومي المقدر فيهما حوالي 540-580 مليار ريال، مقابل إيرادات متوقعة ما بين 470-540 مليار ريال.. وهذه الأرقام قد يكون من المناسب قبولها وتقديرها لعام 2017م حتى لا يتضخم العجز المقدر.. فما يثير القلق بالأسواق تعاظم العجز المقدر. وتتوقع وحدة «الجزيرة»، أن يصل حجم الإنفاق الحكومي المقدر للمملكة في عام 2017م إلى حوالي 640 مليار ريال، وخصوصًا بعد اتخاذ العديد من القرارات للقضاء على الهدر في النفقات الحكومية وتقليص العديد من مصادر الدعم والإعانات غير المبررة.. في المقابل، من المتوقع أن يتم تقدير حجم الإيراد الحكومي بنحو 570 مليار ريال، وهي القيمة التي يسهل تحصيلها في ضوء توقعات الأسعار العالمية للنفط.. أي أن حجم العجز المقدر لن يتجاوز نحو 70 مليار ريال، وهذه القيمة يمكن أن تؤدي إلى تهدئة الأسواق والمستثمرين. الدين العام ما يزال في الحدود الطبيعية الدين العام كان يصل في 2003 إلى حوالي 660 مليار ريال، وانخفض إلى أدنى مستوياته عام 2014م إلى 44.3 في المائة ليصل إلى نسبة 1.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.. الآن بدأ يصعد الدين العام في ضوء تراجع أسعار النفط ليصل إلى 142.3 مليار ريال في 2015م، ومن المتوقع أن يزداد ليناهز ال 400 مليار ريال على أسوأ التقديرات.. ولكنه ما يزال أقل من مستواه الأصلي في 2003م الذي كان يناهز 660 مليار ريال.. في اعتقاد وحدة «الجزيرة» أنه في عام 2003 لم تكن الدنيا تقوم وتقعد لارتفاع الدين العام. الاحتياطيات النفطية تسبق الاحتياطيات النقدية للمملكة!! المملكة تمتلك احتياطيات في أصول وودائع واستثمارات تصل إلى حوالي 2.3 تريليون ريال كما في نهاية 2015م.. هذه الاحتياطيات تمت أعلى إضافات لها في عام 2014 نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار النفط وزيادة حجم الفائض النقدي في الميزانية الفعلية لهذا العام التي تم ترحيل قدر كبير منها إلى حساب الاحتياطي.. إلا أن السحب من هذا الاحتياطي لا يمثل كارثة ولا أزمة في حد ذاته.. وبالفعل انخفض هذا الاحتياطي من 2.7 تريليون ريال في 2014 إلى حوالي 2.3 تريليون في 2015، ويتوقع أن يتم سحب جزء جديد بنفس المعدل في عام 2016 ليصل حجم الاحتياطي المتوقع للمملكة إلى حوالي 1877 مليار ريال. احتياطيات النفط تخالف توقعات النضوب وتتزايد أحد أهم الأمور التي تثير الدهشة، هي تهافت المراقبين والمحللين لتحليل التراجع في الاحتياطيات النقدية للمملكة بنسب كما تم إيضاحها عالية، وتجاهلهم جميعًا للتزايد الآني في الاحتياطيات النفطية بالمملكة.. فمن المعروف أن احتياطيات النفط يحكمها النضوب، بحيث إن كل عام يستقطع الإنتاج من الاحتياطي وبالتالي يتناقص، ويتم غالبًا حساب سنة النضوب الكلي التي يختفي فيها إنتاج النفط من المملكة.. ولكن هذا الأمر لم يحدث، وخالف احتياطيات المملكة كافة المراقبين والذين بعضهم احتسب عام 2025 كعام نضوب وأفضلهم من قال عام 2050م.. ولكن احتياطيات المملكة النفطية تتزايد عامًا بعد عام، فبعد أن كانت لا تزيد على 167 مليار برميل في عام 1980، وصلت في نهاية عام 2015 إلى 266 مليار برميل، بعد كل الإنتاج الضخم الذي تم استخراجه. أيضًا احتياطيات الغاز السعودية سجلت تزايدًا كبيرًا من حوالي 112.4 ألف مليار قدم مكعبة في عام 1980 إلى حوالي 303.3 ألف مليار قدم مكعبة في عام 2015م.. البعض يتكلم عن تناقص حجم الاحتياطيات النقدية التي تمتلكها المملكة.. ولكنه ينسى أنه خلال 25 عامًا سجلت المملكة زيادة في الاحتياطيات النفطية بمعدل 59 في المائة وزيادة في احتياطيات الغاز الطبيعي بمعدل 322 في المائة.. يعني النفط لم يتناقص بل يتزايد.. وبالتالي فالمملكة تحتفظ باحتياطي نقدي في باطن الأرض.. وبمعادلة بسيطة يمكن استنتاج أن معدلات الزيادة في الاحتياطيات النفطية والغازية تفوق معدلات النقص في الاحتياطيات النقدية. ودعنا نفترض أننا سنقدر برميل النفط خلال الخمسين عامًا المقبلة بنحو 30 دولارًا فقط، فكم حجم الاحتياطيات النقدية للمملكة المتوقعة؟ إننا نتحدث عن قيمة احتياطيات مخزنة في باطن الأرض تعادل 30 تريليون ريال.. ولو حسبت بالقيمة السوقية 75 دولارًا للبرميل لبلغت حوالي 75 تريليون ريال قائمة واحتياطي حقيقي يؤخذ في الاعتبار للمملكة.