دون شك إن الأوساط المجتمعية في غالبها كانت سعيدة جداً بموافقة المقام السامي على تسمية وكيلة للرئيس العام للهيئة الرياضية , ومن تحفّظ من المواطنين فهو بسبب عدم تصوره لما سيكون عليه حال الرياضة النسائية القادم , والجميع لم يكن سبب سعادته أنه يريد أن يراها في المحافل الدولية والأولمبية، وتشارك في كل الأصعدة وتمثل مختلف الألعاب، فهذا شأن مبكر جداً الخوض فيه أو حتى الوصول إليه، ولا يمكن أن نقفز للخطوة المليون دون أن نخطو ونتم ما قبلها، ونهيئ الأرض الصالحة في الأصل، لبداية الرياضة النسائية المؤسسية وفق تعاليم الدين الحنيف، وبما لا يخدش الحياء أو يخالف ثقافة وعادات المجتمع السعودي المحافظ , وفي كل الأحوال فإن الحديث عن ذلك لن يفيد، فالهيئة ووكالتها وسمو الوكيلة سينشغلون كثيراً بإعداد الانطلاقة وربما لوقت ليس بالقصير، ونحن لسنا على عجلة من الأمر لرغبتنا أن يكون الأساس متيناً والاجتهاد فيه قليلاً والاختلاف حوله في أضيق الحدود، لأنه يمس نصف المجتمع وأخوات الرجال وأمهات الأبطال , وهذا التوجه للرياضة النسائية يحقق أحد محاور رؤية 2030 التي تتطلع إلى ارتفاع ممارسي الرياضة، وكذلك خلق فرص عمل، بالإضافة إلى رفع الإنفاق على الترفيه والتسلية والاستفادة من الوقت المتاح للأسر وتفعيل وجودها المجتمعي. هذا المدخل يجعلنا نرجع بالتفكير إلى الأسباب التي جعلت الهيئة الرياضية والمقام السامي يعملان على إيجاد وكالة خاصة بالرياضة النسائية , وهو اعتراف ضمني بوجودها غير المؤسسي والحاجة إليها، وضرورة أن تهيأ كل السبل الكفيلة بممارسة الأمهات والأخوات والبنات الرياضة المناسبة لهن بصورة تراعي خصوصياتهن، وتحفظ عليهن سترهن وعفافهن وحشمتهن , وهذا التوجه سيطال المؤسسات التعليمية التي يقضي فيها بناتنا جلّ وقتهن دون رياضة تناسب طبيعتهن، وحصص نشاط بدني تدخل عليهن النشاط والحيوية في جو تعليمي وتربوي ملائم , خاصة ونحن نعلم أن الجسم السليم في العقل السليم والعقل السليم كذلك في الجسم السليم , وضرورة تفعيل جانب هام من الاتفاقية السابقة بين وزارة التعليم والهيئة العامة للرياضة، وهذا يسري على المراحل الدراسية من التمهيدي وحتى الجامعة، ولعضوات السلك التعليمي اللاتي هن في حاجة للرياضة واستعادة النشاط وتجديد الهمة لعطاء أكثر نفعاً , وسيكون لاتحاد الرياضة المدرسية واتحاد الجامعات السعودية دور في تهيئة الرياضة المدرسية النسائية بكامل الخصوصية، خاصة وأن تهيئة البنية التحية للرياضة المدرسية بمراحلها المتنوعة ممكن في المباني الحكومية للمدارس، وكذلك للجامعات والكليات الواقعة في المحافظات. الأمر الآخر الذي لا يقل أهمية عن السابق وهو الرياضة النسائية الخاصة، والتي نعترف دون شك بوجودها ومن واقع الاطلاع على تقارير ودراسات، وفي وضع غير حضاري، بل ويختبئ تحته من لا علاقة له بالرياضة النسائية فكراً وممارسة , وهو حال تصفه أمانات المدن الرئيسية بالوضع المشين , لأنك تجد مشاغل نسائية بها أقسام للرياضة، وكذلك مراكز غير متخصصة يوهم من يمر من حولها أنها أماكن للزينة أو الترفيه والاستجمام والاستحمام ثم يفاجأ أنها مراكز رياضية , ويتجاوز ملاّكها سلطات النظام ولا أحد يستطيع إيقافهم لعدم وجود جهة تختص بالتصريح لهم أو مراقبتهم، وضاع الأمر وتنازعت الاختصاصات والمسؤوليات بين الهيئة الرياضية وأمانة المدينة أو المنطقة , وقد وقفنا على تقارير تفصيلية للرياضة النسائية الخاصة بإحدى جلسات المجلس البلدي رفعتها الزميلات عضوات المجلس وهو واقع لا يسر، بعد جولات قمن بها للأقسام النسائية للبلديات الفرعية بالمدينة، ومعها الإدارة العامة للخدمات النسائية بأمانة منطقة الرياض، وهي على غير ما يأمن الأهالي أن تمارس فيه بناتهم وأخواتهم وزوجاتهم الرياضة، ولا يوجد في الرياض بأكملها ربما غير مركز واحد متميز للرياضة النسائية، وهو مزدحم وفي مكان الدخول إليه والخروج منه صعب لنواحٍ أمنية مقدرة . ختاماً ,, إنني أتطلع من سمو وكيلة الرئيس العام للهيئة الرياضية، أن تجتمع بمديرة عام الخدمات النسائية بأمانة منطقة الرياض الأستاذة / هيفاء النصار، والزميلات عضوات المجلس البلدي الأستاذة / جواهر الصالح والأستاذة / هدى الجريسي والأستاذة / عليا الرويلي، والوقوف معهن على واقع الرياضة النسائية وغياب الرقابة عليها، وكذلك عدم وجود ضوابط أو لوائح العمل المنظمة لذلك، والجهة المرجعية في التصريح لإقامة تلك المراكز ومسمّياتها , وأثق أن ذلك لم يغب عن سمو الوكيلة وحاجتها إلى عقد ورش عمل لبلورة هذا التوجه، لكي تنعم المرأة بالمكان المناسب لقضاء وقت فراغها بما يفيد، وتهيئة كل السبل لنجاح هذا الملف الذي يدعمه كل الرجال طالما حافظ على حشمتها وخصوصيتها , ولنا جميعاً العبرة في النجاح المتميز للرياضة الخاصة الرجالية، ومراكزها الرائعة المتكاملة التي أثبتت ارتفاعاً وارتقاءً في صحة الفرد واستفادته من الوقت المتاح وقضائه فيما يفيد صحته في حاضر يومه ومستقبله، بل إن الرياضة اليومية أصبحت جزءاً من ثقافة الفرد , وهو ما نتطلع أن يكون لنصف المجتمع الآخر، فهو في حاجة ربما أكثر من الرجل لوجود المراكز المتخصصة تحت إشراف متخصص ( طبي واجتماعي ونفسي )، وسنكون سعداء كلما كانت العجلة في الإنجاز أسرع .