اغمض عينيك وتخيل الصورة التي ستشاهدها بعد متابعة الصحف والقنوات الغربية عن كل ما يخص المرأة السعودية، بالطبع الصورة لن تخرج عن المرأة المسلوبة الحقوق، مضطهدة، قاصر، تابعة للرجل،... هذه بعض من الصور السلبية المرسومة التي ستنهال على ذاكرة المتلقي. هذه الصور مرتبطة بتراكمات تاريخية وسياسية واقتصادية شاركت في تكوين هذه الصور وتعميمها في الصحافة الغربية، وتصدير محلي من خلال الشبكات الاجتماعية للصورة السلبية أكثر من أي وقت مضى، في حين لو كررت ذلك الطلب للمتابع الإعلامي عن صورة المرأة الإماراتية في الصحافة الغربية، بالطبع صورة إيجابية تمثل الرفاهية، الشباب، القيادة، الطموح، والفرص الواعدة المبتكرة للمرأة...، هذه الصور وليدة الواقع الطموح الذي تحيا فيه المرأة الإماراتية، وتصدير الصورة الإيجابية للعالم. صورة المرأة السعودية والإماراتية في الإعلام الغربي تتضح من خلال تسليط الضوء على حالة إعلامية جمعت بينهما، وكيف تعاملت الصحافة الغربية بناء على الصورة النمطية المسبقة، على سبيل المثال صحيفة الاندبدينت البريطانية نشرت بالخط العريض والمثير خبرا انتقائيا يكرس ويعزز صورة المرأة السعودية السلبية في الإعلام الغربي، حيث نقلت عن تفاعل آلاف السعوديين مع الهاشتاق الذي تناول حبس المرأة التي تفتش جوال زوجها، ونقلت بانتقائية تصريح المحامي محمد التمياط عن العقوبة التي تواجه المرأة من صحيفة مكة المحلية، متجاهلة التصريح الذي شمل المرأة والرجل على حد سواء في العقوبة متناسية الدقة وأخلاقيات العمل الصحفي. في حين نشرت الهافينغتون بوست تقريرا معتدلا عن الموضوع بالعقوبة المنتظرة لكلا الزوجين في حال انتهاك خصوصية الآخر، مبينة أصل الخبر الذي تناول قانون العقوبات الإماراتي في هذا الشأن والتفاعل الإماراتي، ومن ثم السعودي. التقرير لم يخل من عنوان جذاب للجمهور الذي يبحث عن جديد المرأة السعودية لسبر عوالمها البعيدة عن الأنظار، حيث نشرت التقريركرسالة تحذير للمرأة السعودية من العقوبة التي ستطالها عند تفتيش الجوال، متناسية أصل الخبر الذي تناول المرأة الإماراتية. البداية كانت من دولة الإمارات حسب تصريح المحامي الإماراتي محمد العويس الذي أوضح أن قانون العقوبات الاتحادي يجيز حبس الأزواج في حال تفتيش الجوال دون علم الطرف الآخر. الخبر نشأ في الإمارات وانتقل للسعودية، وانتشر في الصحافة العالمية التي أصبحت تقتات على الصورة النمطية للمجتمع السعودية، متجاهلة أصل الخبر الذي نشأ في الإمارات، بسبب أن المرأة الإماراتية لم تكن عنوانا جاذبا، ولن تكون بفضل الصورة الإيجابية المتداولة. التقدم والطموح والتنمية والمشاركة في كافة المجالات عناوين جذابة مناسبة لصورة المرأة الإماراتية، في حين عناوين البحث عن الحقوق والمظلومية ستكون إطارا مناسبا لصورة المرأة السعودية المستهلكة في الصحافة العالمية. الصورة النمطية المصدرة من مجتمعنا للمرأة وقضاياها هي التي سجنت الزوجة التي تقدم على تفتيش جوال زوجها، وتجاهلت الرجل الذي يواجه نفس العقوبة، في هاشتاق تجاهل حقيقة التصريح ونثركل قضايا الظلم والحقوق في ثناياه. الصورة التي ننتجها في شبكاتنا الاجتماعية هي التي يتسابق الإعلام الغربي على نشرها وإعادة تدويرها، وترسيخ الصورة النمطية القائمة منذ عقود في نتاجهم الإعلامي بأيد غربية خالصة، وحينا مستشرقة. المرأة السعودية التي باتت صورتها محصورة في إطار أخبار الغرائب والعجائب والعنف تتصدر الصفحات وساعات البث في الوسائل الإعلامية الغربية، وأصبحت مصدر دخل جيد لصحف صفراء، وخضراء تترنح على وشك الإفلاس. بفضل جهودنا المحلية غير الواعية في تدوير الصورة السلبية عبر منصات الشبكات الاجتماعية. لعقود كانت الصورة النمطية السلبية نتاجا للمجتمع الغربي في الانتقاء والتمثيل والتمييز ضد العرب والمسلمين، لكن الملاحظ الآن أن المصدر الرئيس للصور السلبية باتت بأيد سعودية. الجهل الإعلامي المحيط بغالبية مستهلكي الشبكات الاجتماعية ساهموا بشكل مباشر وغير مباشر بتصدير وترسيخ الصورة النمطية السلبية لمجتمعنا. تصدير وإعادة التدوير للصورالنمطية السلبية نتاج محلي بحت من خلال الشبكات الاجتماعية، خصوصا توتير، والفيس بوك. التعامل مع الشبكات الاجتماعية دون وعي، هو المسؤول عن تجاهل الجانب الإيجابي في مجتمعنا، وتأكيد تلك الصورة غير المنصفة لمجتمعنا وقضايا المرأة.