عندما أعلنت المملكة العربية السعودية عن رؤيتها بعيدة المدى لبرنامج التحول الوطني (2030)، وما تضمنته هذه الرؤية من أهداف وبرامج وسياسات تؤسس لمرحلة جديدة لاقتصاد المملكة تتسم بالتنوّع والاستقلالية، لا تعتمد على النفط مدخلاً رئيساً لإيرادات الدولة.. لاقت هذه الخطوة تأييداً وتفاعلاً من كل المسؤولين، وترحيباً وتفاؤلاً من جميع المواطنين، وأخذ عدد كبير من المتخصصين بالشؤون الاقتصادية في المملكة وفي الخارج بتحليل ملامحها وقراءة مكوناتها، وأجمع كل هؤلاء على أن تنفيذ مثل هذه الرؤية قد يستغرق كثيراً من الوقت لما يتطلبه ذلك من اتخاذ مجموعة واسعة من الإجراءات وإصدار حزمة من القرارات والأوامر السامية التي تتعلّق بإعادة هيكلة بعض الأجهزة والوزارات المهمة في الدولة.. وظل الجميع في حالة ترقب وانتظار لما هو قادم.. لكن لم يطل الانتظار والترقب كثيراً، إذ لم يمض سوى أقل من أسبوعين على إعلان المملكة لرؤيتها، إلا وبدأت البشائر، حيث صدر عن الديوان الملكي عدد من القرارات المهمة التي شملت تغييراً في بعض المناصب العليا، وإعادة هيكلة عدد من الوزارات والأجهزة والمؤسسات، كان أبرزها وأكثرها أهمية إنشاء وزارة جديدة هي وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، وإلغاء وزارة المياه والكهرباء، وإضافة المياه لوزارة جديدة هي وزارة البيئة والمياه والزراعة، بينما نقلت الكهرباء لوزارة الطاقة، وجرى تغيير اسم وزارة التجارة والصناعة ليصبح وزارة التجارة والاستثمار، كما تم دمج وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ضمن وزارة واحدة باسم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وإعادة تسمية وزارة الحج لتكون وزارة الحج والعمرة.. وربط الهيئة العامة للطيران المدني بوزارة النقل.. والجديد في الأمر إنشاء هيئة عامة للثقافة وهيئة عامة للترفيه تختص بكل ما يتعلق بأنشطة الترفيه. وبقراءة متأنية لما بين السطور فيما صدر من قرارات نجد أنها تتناغم وبشكل تام مع رؤية المملكة للمرحلة القادمة، حيث الاستخدام الأمثل للموارد، والتوظيف الأنسب للقدرات، واستغلال كل المقومات الطبيعية والبيئية، وتطوير المفهوم الثقافي والتراثي للمجتمع السعودي. لم يكن الغرض من القرارات الصادرة تغيير بهذا القطاع أو ذاك، إنما تطوير النهج والفكر والسياسة المتبعة، مع تركيز أكبر لصلاحيات ومهام كل جهة بما يحقق خطوات متقدمة في مرحلة التنفيذ الفعلي لرؤية المملكة القادمة. إن المملكة العربية السعودية أمام عهد جديد من التطوير والبناء والتنمية المستدامة، أساسه العمل والفكر المتطور، والحلول المبتكرة.. يتولد عنه فرص استثمارية هائلة تعزِّز من دور المملكة الإقليمي والدولي، وسيشعر المواطن بقيمة هذا التحول في الحاضر، وستجني ثماره الأجيال القادمة (بإذن الله).