سبحان من تقدست أسماؤه: المحيي، والمميت.. سبحان من أجرى على الخلائق نشوة العطاء، ومرارة الحرمان.. فقد رزئتُ أسىً وحزناً بفقد علامة وطنيّ مخلصٍ، ومفكر جليل، ونابه نبيل، وشعلة متقدة، أستاذ الأجيال، المؤرخ الموسوعي، الأستاذ الدكتور عبد الله بن صالح العثيمين «رحمه الله».. الذي بفقده خسر التاريخ، والتوثيق، والرصد، والتدوين، ركناً ظل شامخاً في إباء.. متواضعاً في صفاء.. فكانت له في النفوس مكانة.. وفي القلوب رزانة.. وتحت قبة الشورى رصانة.. وفي صولة الحق نخوة وبسالة.. قلدته حصافة، وفراسة، وكياسة، صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل قلادتين: مسئولية أمانة جائزة الملك فيصل العالمية لأكثر من ثلاثة عقود متواصلة، وقلادة الجائزة التي طوق بها سموه الكريم جيده قبل شهر من رحلته الأبدية.. فكان أهلاً لهما، ونبراساً مضيئاً مشرقاً بشرف مسئولية التكليف الجسيمة. عرفتُه عن كثب في جلسات مؤتمرات الفكر العربي، أديباً مرموقاً، وكاتباً رصيناً، ومفكرا متقداً، وشاعراً فحلاً جمع بين الفصحى والعامية.. كما عرفته الساحة الأكاديمية، والثقافية، والصحافية، عبر مشواره الطويل مع شغف الكتابة، ونبض الفكر، وأرق العلم.. وكم أسعدنا من منطلق المحبة التي تربطه ب»الاثنينية» التي كرمته بتاريخ 21-1-1426ه الموافق 21-2-2005م كفاء إسهاماته الكبيرة، وكتاباته المميزة، ودوره في تأصيل قيم البحث، والدرس، والتوثيق، فكانت أمسيةً مميزةً عالقة بنفوس المحبين والمريدين. ألا رحم الله فقيدنا الكبير الأستاذ الدكتور عبد الله بن صالح العثيمين، وأحسن إليه بقدر ما قدم لوطنه وأمته، وستظل مؤلفاته ومنجزاته الأدبية، والتاريخية، والعلمية، إرثَ إعزازٍ وتفاخرٍ وديمومةٍ.