احتفت "إثنينية" الأديب عبد المقصود خوجة بجدة مساء الإثنين الماضي، بالدكتور حمد بن ناصر الدخيل، المؤرخ والمحقق والأكاديمي والأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. استهل الشيخ عبد المقصود خوجة كلمته الترحيبية -التي ألقاها نيابة عنه ابنه المهندس محمد سعيد خوجة - بعرض إسهامات الضيف العلمية والأكاديمية ، وإسهامه الكبير في تحقيق التراث العربي القديم ونشر اللغة العربية وتعليمها للناطقين بغيرها، و تتبعه لمصادر المؤلفات وأصول المخطوطات، العربية تصحيحا وتصويبا، الأمر الذي عكسه في عدد من الكتب و البحوث العلمية، متناولا اهتمام الدخيل بفن التوقيعات الذي كان سائدا في المكاتبات الرسمية إبان العصر العباسي، وتوثيقه لأصوله وأنواعه ونماذجه، مشيدا بنشاطه المتصل في الساحة الثقافية والأدبية عبر كتاباته الصحفية، وبرامجه التلفزيونية والإذاعية التي أسهمت في تعميق التعريف باللغة العربية و التراث الشعري والأدبي لمجتمعاتنا. فيما كشف رئيس نادي الرياض الأدبي السابق الدكتور محمد بن عبدالرحمن الربيع عن عمق العلاقة التي تربطه بالمحتفى به إبان مسيرته العلمية والتعليمية، معددا محطات عطائه الممتدة داخل وخارج المملكة، واصفا الضيف الكريم بأنه قارئ نهم، وعالم متواضع، جمع الحزم مع حسن التعامل، والتخصص مع المعرفة الموسوعية، بجانب حسن الإلقاء والتقديم. كما عرج الدكتور الربيع على دور الدخيل في تحقيق التراث العربي الذي تطلب منه جهداً كبيراً في القراءة والاختزان والمقارنة والاسترجاع والبحث والتقصي، منوها بمشروعه البحثي في دراسة شعراء اليمامة المجهولين، ومشروعه في توثيق أعمال شعراء بني حنيفة الذي حقق فيه لإنتاج 60 شاعراً من بني حنيفة. من جانبه، نثر الدكتور عبدالله بن عويقل السلمي رئيس النادي الأدبي بجدة، إضاءات على جهود المحتفى به في النهوض باللغة العربية وتحقيق التراث، واصفاً إياه بأنه لا يعرف الكتابة عفو الخاطر بل يختزن ويحصد الدرر النادرة ليعيد إنتاجها بحوثاً وكتباً مثمرة، كاشفاً عن وجهة نظر الضيف حول حركة النشر الأدبي التي أصبحت تجارية بحتة على حساب المحتوى والمضمون ، ما أنتج أدباً هشاً، وتجارب فطرية أسهمت في تقوقع الأدب السعودي والعربي وحدت من انتشاره. وتحدثت الدكتورة ريم بنت مفوز الفواز أستاذة الأدب بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة عن جانب آخر من حياة الضيف، باعتباره عالماً مربياً، ومحاضراً متمكناً، أضاف وأفاض على طلابه في مراحلهم المختلفة من رعايته وعلمه، واصفة المحتفى به بأنه قامة علمية عالية تستحق التكريم والاحتفاء. وأشادت خلود بنت ناصر المطيري، الأستاذة بجامعة الملك عبد العزيز بدور "الإثنينية" في الاحتفاء بالدكتور الدخيل، كفاء إسهاماته في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وجهوده المنظورة في تحقيق التراث العربي، ومعرفته الموسوعية التي أفاض منها على طلابه، وقرائه. من جانبه، كشف المحتفى به الدكتور حمد بن ناصر الدخيل، عن نشأته القروية البسيطة التي زرعت فيه حب التراث والتعلق به، وغرست فيه الصبر والتواضع، معرجاً على محطات مختلفة من حياته العلمية بين الجامعة والدراسات العليا بالأزهر الشريف، الذي عده محطة تحول أساسية في حياته من الاهتمام بالأدب المعاصر إلى الغوص في متون التحقيق التراثي، وتتبع أصول المخطوطات ومعالجتها بالتنقيح والفحص العلمي لتنقيتها من أخطاء النقل والإهمال. وفي محاورته مع الحضور وجه الدخيل سهام النقد لحركة النشر بالمنطقة، محملاً الناشرين مسئولية تدني مستوى المحتويين الأدبي واللغوي للقصص والروايات التي يقومون بنشرها، منادياً الجهات الرسمية بتحمل مسئوليتها في تحديد الغث من السمين، فليس كل من حمل قلماً قاصاً ، وليس كل من رص الكلمات شاعراً يستحق أن ينشر إنتاجه، داعياً الشباب إلى التمهل حتى نضوج تجربتهم الإبداعية قبل خوض غمار النشر، لأن الجيد وحده سيبقى، موجهاً نصائح قيمة للباحثين الشباب بالتزام الأمانة العلمية، والقراءة المتخصصة، والصبر، وتنمية ملكة النقد العلمي والبحث الموضوعي. مؤكداً على أن بحثه أوصله إلى أن أول من أسس لفن التوقيع هو الخليفة الراشد أبوبكر الصديق، رضي الله عنه، إلا أن الفرس كانوا أول من خصص الدواوين والقواعد لهذا الفن ، ثم نقله منهم العباسيون.