من استمع مباشرة لكلمة خادم الحرمين لشريفين في لقائه مع رجال الفكر والثقافة والإعلام الأسبوع الماضي يجزم بان كل منهم قادر على أن يستلهم منها الكثير من المقالات والقصائد ولمن استمع إليها من التشكيليين عبر الشاشة أو المذياع أو قرأها في صحيفة أو أي وسيلة إعلامية أن يستنبط منها موضوعات عدة لا تنتهي من خلال اللوحات أو النحت وكل سبل الفنون التشكيلية، حيث إن كل جملة وجّهها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان للحضور تصب في أهمية ما تعيشه بلادنا من تلاحم وحرصه - حفظه الله - للحفاظ على هذا المكتسبات الكبيرة التي تنطلق من إيماننا بالله - عز وجل - وتطبيقا للقرآن وسنة رسوله، وهذا مصدر اعتزاز كل مواطن صادق يسهم في الحفاظ على هذه المكتسبات والمكاسب والتي من أبرزها وأهمها الحفاظ على ما تحقق للوطن من أمن يشعر به القاصي والداني ويحمل صداه وتأثيره حجاج بيت الله في كل عام. صور بلاغية تستحق التوثيق ويسر منسوبو الجمعية السعودية للفنون التشكيلية أن تكون كلمة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - مصدر إلهام لإبداعهم في فعاليات خاصة تندرج ضمن برامج منصة الفنون التشكيلية السعودية المستدامة التي أنشأتها الجمعية مؤخرا من خلال ما تتضمنه الكلمة من صور بلاغية تشكل أفكارا لموضوعات إبداعية حينما يقول (وكل العاملين في كل مكان - الحمد لله إخوة - متحابين متعاونين على الحق والتقوى). هذه العبارة وبما تحمله من ثقة المليك بشعبه والمؤطرة بعبارات المحبة والتعاون سبل لإبداع لوحات لا نهاية لها تبرز هذا التلاحم شكلا ومضمونا بالألوان على قماش الرسم وبالأزميل على الحجر، لتأتي الجملة الأخرى حينما يقول - حفظه الله - (يجب أن نربي شبابنا أبناء وبنات أن يعرفوا ويتأكدوا ما هي أهمية بلدهم). وهذا مرتكز آخر لعمل فني يتضمن رسالة وطنية لتعريف الأجيال من خلال الأعمال الفنية التي ستخلد وتتناقلها الأعين جيلا بعد جيل بما تبرزه من أهمية الوطن من خلال توثيق حضارته المعاصرة التي لم تتحقق إلا بجهود مضنية من قيادة أمينة ومن شعب وفي يتطلع ويعمل لمستقبله بكل ثقة أعمال تحمل عبق التاريخ ووفاء للوطن وليس شكلا دون مضمون أو هدف وبأعمال لا تبقي ولا تذر تنتهي بنهاية عرضها تقليدا للغرب وهروبا أو تهربا عن هوية الوطن وقيمته ومقامه. التشكيليون وعلاقة أزلية بحب الوطن نستكمل ما جاء في كلمة خادم الحرمين الشريفين مستشهدين بما قام ويقوم به التشكيليون بسبل تعبيرهم من تفاعل مع وطنهم في كل مناسبة وطنية ونختم بجملة تنبع كالعادة من قلب حاكم يرى نفسه مواطنا يخدم شعبه حينما يقول - حفظه الله - (نحن والحمد لله نتمتع بالأمن والاستقرار)، هذه الجملة وحدها كافية لأن تكون مصدر لوحات عظيمة لو تخيلها الفنان لوجد فيها لوحة بانورامية ليس لها حدود، تتسلسل من مراحل ظلمات الجهل وحالات الخوف إلى إشراقة الاستقرار والشعور بالأمن والاطمئنان ومن فوضى وتناحر إلى واقع مبني على التحاب والتواد والتعاون بين أفراد شعب المملكة متفقون على أمنها وبنائها لإكمال ما أسسه المؤسسة الملك عبد العزيز بعد توحيد أطراف الوطن أرضا وبشر، كما تخيلها الفنان محمد السليم - رحمه الله - وعنونها باسم (الاستقرار) تظهر الموحد بعد توحيد الوطن مكانا آمنا ومقرا للسلام، كما تظهر الحمامة على ظهر يده تعلو السيف المقلوب إشارة للاستقرار، وكما يظهر في خلفية اللوحة من مظاهر الحضارة مع التمسك بالقيم والموروث والهوية.. ومن جانبه أيضاً وتعبيرا عن الأمن نرى في لوحة الفنان عبد الجبار اليحيا - رحمه الله - رجلا ينام وقد توسد أرضه وتلحف بسماء وطنه في صحراء دون خوف أو وجل.. الشواهد كثيرة والمبدعون التشكيليون لا يقل عطاؤهم عن أي وسيلة تعبير أخرى كالشعر والمقالة وغيرها التي يجد أصحابها منابع للحديث عن الوطن لا تنضب. د. الطريفي وتحديد مصادر الاستلهام كما جاءت كلمة معالي وزير الثقافة والإعلام تحمل الكثير من ملامح الاستلهام حينما يقول عن كلمة خادم الحرمين الشريفين (إنها تؤكد على الأسس الثابتة التي قامت عليها بلادنا، ومطالبة المليك - حفظه الله - بمواصلة البناء والسعي المتواصل نحو التنمية الشاملة المتكاملة في مناطق المملكة كافة). نعم فنحن في إبداعاتنا المختلفة في النتاج الإِنساني أدب وشعر وفنون تشكيلية نحتاج الى أن يكون لنا هوية تنطلق من أسسنا الثابتة التي قامت عليها بلادنا وأن نكون موثقين لنهضتنا الحضارية. متكئين على ما جاء في عبارة الدكتور الطريفي (بناء الإِنسان وتوعيته، وتحصين عقله ومنهجه، ليكون سنداً لدولته ووطنه، ومؤازراً لولاة أمره، وراعياً لحقوق مجتمعه، ونافعاً لأسرته)، نعم هذه هي مقومات إبداع تشكيلي بما فيها من صور تعد عناصر للتعبير عن رسالة وطنية إلى العالم لا تخرج عن أهدافها، كما علينا النظر في ما جاء في قول الدكتور الطريفي (من نعم الله على هذه البلاد المباركة أن تحتضن الحرمين الشريفين، وأن تكون راعية للدين الإسلامي، وأن تهفو إليها قلوب العرب والمسلمين، وأن تقوم برسالتها في جميع المحافل الثقافية والعالمية، وتبعاً لذلك يشترك المثقفون والإعلاميون، وتشترك المؤسسات المتعددة في جميع القطاعات في هذا الهدف لبناء الإِنسان، كما ينشط المثقفون والإعلاميون في جميع وسائلهم الثقافية والإعلامية لتمكين هذا المنهج الإسلامي الأصيل وتحقيق الرؤية الرشيدة لبلادنا الكريمة). ليس هناك ما يمكن إضافته فقد جمع معاليه بين ما انعم الله به على هذا الوطن من اقدس أرض وبين أن تشارك كل سبل التعبير والدعم لبناء الإِنسان ولتمكين منهجنا الإسلامي والوطني. لنستكمل بإشارة أخرى لدور الفنون التشكيلية. الدور التثقيفي عبر العمل الفني كما أشار معاليه (وستعمل الثقافة والفنون والآداب لتعزيز الوحدة الوطنية ومكافحة الإرهاب والتطرف، وأن تكون السعودية نموذج الحوار الإِنساني والانفتاح على شعوب وحضارات العالم)، نعم كل ذلك يستطيعه الفنان التشكيلي خصوصا ما تضمنته الفقرة الأخير من هذه الجملة وهي الانفتاح على الشعوب وحضارات العالم، ولكن بحضارتنا وهويتنا وخصوصيتنا لا بالتقليد والتبعية التي تخرجنا عن واقعنا وقيمنا. وعد من جمعية التشكيليين ليس هناك أجمل من أن اختم بجملة تستحق الوقوف احتراما لما تضمنته من وعد لا يتردد مواطن مبدع ومخلص لوطنه إلا أن يجعلها مشروعا لمستقبله الإبداعي حينما قال معالي د. الطريفي (نعاهدكم يا خادم الحرمين الشريفين باسم أساتذتي وزملائي من سيدات ورجال الثقافة والأدب أن نحافظ على مكتسبات الوطن وأن نقدم عبر إعلامنا وأقلامنا وفنوننا ما يعكس أصالة هذه المملكة ورؤية قائدها الكبير)، جعل معاليه الفنون أحد روافد ثقافة الوطن أمام المليك أن نحافظ على أصالة الوطن ورؤية قائدها لنستخلص منها فكرة برنامج متكامل لا يحتاج إلى بحث أو إعادة تخطيط ودراسة بناء عناصرها بقدر ما هي جاهزة للتنفيذ تقتنص منها الجمعية السعودية للفنون التشكيلية عنوان (أصالة ورؤية قائد) برنامجا خاصا تتبناه الجمعية وتعد له الكثير من الفعاليات لمختلف أجيال الفن التشكيلي من منسوبيها وفي مختلف المناطق.